محافظ المنوفية يشدد على المتابعة الميدانية الدقيقة لملف التعديات    مياه القناة: انتظام عمل المحطات وزيادة الضخ في ثاني أيام عيد الأضحى    سعر جرام الذهب عيار 18 و21 اليوم ثاني ايام عيد الاضحي.. تعرف على سعر الجرام بالصاغة    كيف عثرت إسرائيل على جثة المحتجز التايلاندي ناتابونج بينتا؟    إيران تتحدى الوكالة الذرية وتتمسك ب"الحق في التخصيب".. تصعيد نووي يسبق تصويت مجلس المحافظين    موعد مشاهدة مباراة هولندا وفنلندا في تصفيات أوروبا اليوم والقنوات الناقلة    أخبار الطقس في السعودية اليوم.. أمطار رعدية وتقلبات جوية    حجاج الجمعيات الأهلية يؤدون رمي الجمرات في أول أيام التشريق وسط تنظيم دقيق    تعرف على أسباب حدوث الحرائق وأنواعها    وزير الري يتابع الموقف المائي خلال إجازة عيد الأضحى    الكويت ترحب بقرار منظمة العمل الدولية منح فلسطين صفة دولة مراقب    مصادر: الحكومة اللبنانية كانت على علم ببناء حزب الله مسيرات قبل أسبوع من الضربة الإسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية    مصادر طبية في غزة: مقتل 34 فلسطينيا في الغارات الإسرائيلية المتواصلة على القطاع منذ فجر اليوم    في ميت يعيش الكل يفرح    عواد: أنا وصبحي نخدم الزمالك.. وسيناريو ركلات الترجيح كان متفقا عليه    العيد أحلى بمراكز الشباب.. فعاليات احتفالية في ثاني أيام عيد الأضحى بالشرقية    خالد الغندور: 14 لاعبا سيرحلون عن الزمالك    ضبط لحوم مذبوحة خارج المجازر الحكومية وتحرير 317 محضرًا تموينيًا بأسيوط    تفعيل مخالفة مرورية رادعة.. النقل تناشد المواطنين بعدم استخدام حارة الأتوبيس الترددى على الدائري    السيسي يقود أحدث إنجازات الدولة في تطوير التعليم الجامعي    وزارة الداخلية تحتفل بعيد الأضحى مع الأطفال الأيتام وتقدم لهم الهدايا والفقرات الترفيهية    إصابة 8 أشخاص نتيجة انقلاب «ميكروباص» بطريق أسيوط- الفيوم الغربي    الخلاصة.. أهم أسئلة علم النفس والاجتماع لطلاب الثانوية العامة    مات فيها شاب.. تفاصيل "خناقة بالسلاح" بين عائلتين في حلوان    شيرين عبد الوهاب تحيي حفل ختام مهرجان موازين بالمغرب أواخر يونيو الجاري    آخر تطورات الحالة الصحية لنجل الفنان تامر حسني    طريقة عمل الرقاق الناشف في البيت.. أشهر أكلات عيد الأضحى    البنات والستات.. والشيشة    وكيل صحة أسيوط يترأس حملة لمتابعة المنشآت الصحية خلال أجازة عيد الأضحى    الرعاية الصحية: مستمرون في تقديم خدمات آمنة ومتميزة خلال العيد    محافظ أسيوط يعلن عن تشغيل غرفة طوارئ بالتأمين الصحي خلال عيد الأضحى المبارك    دعاء يوم القر مستجاب للرزق والإنجاب والزواج.. ردده الآن    من الصداقة للعداء.. خلاف «ترامب» و«ماسك» يُسلط الضوء على التمويل الحكومي ل«تسلا» و«سبيس إكس»    الطبطبة على الذات.. فن ترميم النفس بوعى    اليابان: لا اتفاق بعد مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية    محمد الشناوي: كنا نتمنى حصد دوري أبطال إفريقيا للمرة الثالثة على التوالي    استقرار الزيت والفول.. أسعار السلع الأساسية اليوم السبت بالأسواق    دار الإفتاء تكشف آخر موعد يجوز فيه ذبح الأضاحي    الأزهر للفتوى يوضح أعمال يوم الحادي عشر من ذي الحجة.. أول أيام التشريق    استقرار أسعار الذهب في مصر خلال ثاني أيام عيد الأضحى 2025 وسط ترقب الأسواق العالمية    سعر الخضار والفواكه اليوم السبت 7-6-2025 في المنوفية.. الطماطم 10 جنيها    دوناروما: أداء إيطاليا لا يليق بجماهيرنا    مها الصغير عن تصدرها التريند: «السوشيال ميديا سامَّة»    ديانج ينضم إلى معسكر الأهلي في ميامي.. صور    "مش جايين نسرق".. تفاصيل اقتحام 3 أشخاص شقة سيدة بأكتوبر    محمد هانى: نعيش لحظات استثنائية.. والأهلي جاهز لكأس العالم للأندية (فيديو)    بعد تصدرها الترند بسبب انهيارها .. معلومات عن شيماء سعيد (تفاصيل)    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    ريابكوف: ميرتس يحاول إقناع ترامب بإعادة واشنطن إلى مسار التصعيد في أوكرانيا    الثلاثاء أم الأربعاء؟.. موعد أول يوم عمل بعد إجازة عيد الأضحى 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    سفارة الهند تستعد لإحياء اليوم العالمي لليوجا في 7 محافظات    محاضرة عن المتاحف المصرية في أكاديمية مصر بروما: من بولاق إلى المتحف الكبير    «الدبيكي»: نسعى لصياغة معايير عمل دولية جديدة لحماية العمال| خاص    البابا تواضروس يهاتف بابا الفاتيكان لتهنئته بالمسؤولية الجديدة    بمشاركة 2000 صغير.. ختام فعاليات اليوم العالمي للطفل بإيبارشية المنيا    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    سالى شاهين: كان نفسى أكون مخرجة سينما مش مذيعة.. وجاسمين طه رفضت التمثيل    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة الطاقة والأسعار.. ماذا ينتظرنا فى 2023؟
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 01 - 2023

نشر موقع 180 مقالا للكاتب ممدوح سلامة تناول فيه تداعيات وأسباب أزمة الطاقة العالمية واصفا إياها أنها أخطر وأشد أزمة طاقة مرت على العالم، مشيرا إلى احتمالية استمرار تلك الأزمة إلى الأبد.. نعرض من المقال ما يلى.
يُمكن القول إن أزمة الطاقة التى تجتاح العالم حاليًّا والتى بدأت فى يناير 2021، أى قبل أربعة عشر شهرًا من بدء النزاع الروسى الأوكرانى، هى أخطر وأشدّ أزمة مرّت وتمر على العالم منذ الحرب العالمية الثانية حتى الآن، من حيث إلحاقها ضَّررًا وخيمًا فى اقتصاد العالم وإحداث تضخُّم مالى وضمور اقتصادى كبير جدًّا. وقد زادت أزمة أوكرانيا وما تبعها من عقوبات غير مسبوقة ضدّ روسيا من حدّة أزمة الطاقة وحوَّلتها من أزمة طاقة مرتبطة بالاتحاد الأوروبى إلى أزمة طاقة عالميّة. إضافةً إلى ذلك، حوَّلت مجرى اتجاه إمدادات الطاقة من الغرب إلى الشرق، أى من الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة إلى الصين ودول حوض المحيط الباسيفيكى. وتختلف أزمة الطاقة الحاليّة عن كلّ ما سبقها من أزمات. ففى حين أنَّ الأزمات السابقة سبَّبت نقصًا خطيرًا فى إمدادات النفط فى العالم، فإن أزمة اليوم سبَّبت نقصًا كبيرًا فى إمدادات النفط والغاز والفحم معًا.
وفى الواقع، نحن أمام أزمة طاقة حاليًا مرشحة لأن تتحول إلى أزمة دائمة تتّسم بنقص خطير فى إمدادات الطاقة وبارتفاع ساحق فى الأسعار. ولأنَّ قادة العالم لن يستطيعوا وقف هذه الأزمة، فسيُلقون اللّوم على الوقود الأحفورى، أى النفط والغاز والفحم، وهذه أكبر كذبة فى تاريخ العالم. فى الوقت نفسه، كل ما يُقال عن تحوُّل الطاقة العالميّة من النفط والغاز إلى الطاقة المتجدّدة لن يكون كافيا، فى المدى المنظور، من أجل تلبية احتياجات الاقتصاد العالمى والإنتاج الغذائى فى العالم، وبالتالى لا يمكن الاستغناء عن الغاز الطبيعى والفحم والنفط والطاقة النووية. السَّبب هو الطبيعة المتقطّعة للطاقة الشمسيّة وطاقة الرياح، بمعنى أنّه لا يمكن إنتاج كهرباء شمسيّة إذا كانت الغيوم مخيّمة على الجوِّ ولا كهرباء من الرّياح إذا كانت الرّياح ساكنة.. هذا ما تقوله الطبيعة لنا ولسنا نحن من يُقرّر ذلك. ومهما بلغ إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجدّدة، لن يكون كافيًا أبدًا لتلبية الطلب العالمى على الكهرباء والطاقة. إضافةً إلى ذلك، فإنَّ العقوبات الغربيّة الصَّارمة على روسيا وإمداداتها من الطاقة وفرض سقف بحدود 60 دولارًا للبرميل الواحد على صادرات روسيا من النفط قد ألحقت كلها بالغ الأذى بإمدادات الطاقة فى العالم.
• • •
إن خطوة فرض سقف على أسعار النفط الروسى هدفها استمرار وصول إمدادات النفط الروسى إلى الأسواق العالمية، لكن بسعر مخفّض جدًّا يُحدّده المُحتاج للنفط الروسى بما يؤدّى إلى خفض وارادات روسيا من صادرات النفط بالتزامن مع محاولة ضرب قدرة آلة الحرب الروسيّة فى أوكرانيا. لكن حقيقة الأمر أنَّ فرض سقف على سعر النفط الروسى غير عملى وغير قابل للتنفيذ. الجواب قدّمه سوق النفط العالمى برفضه هذا السقف، بدليل أنَّ سعر خام برنت (Brent) ارتفع من 73 دولارًا للبرميل الواحد عند فرض السقف فى الخامس من ديسمبر من هذا العام إلى 85 دولارًا فى السادس والعشرين من ديسمبر، أى بزيادة 17%. كما أن أهمّ لاعبَين فى سوق النفط العالمية، وهُما منظّمة أوبك وروسيا رفضتا هذا السقف.
وبطبيعة الحال، لن تكون روسيا خاسرة من جرّاء فرض سقف السِّعر لأنَّ زبائنها الكبار مثل الصين والهند وتركيا والدول الآسيويّة وتجّار النفط الآسيويّين قد رفضوا التقيّد بسقف السِّعر، وهُم مستمرّون فى شراء كميات متزايدة من إمدادات النفط الروسى.
• • •
إن أكبر ثلاثة مُنتجين للنفط فى العالم هم روسيا ومنظّمة أوبك والولايات المتحدة. روسيا هى أكبر مُنتِج فى العالم للنفط ومشتقّاته. صادراتها البالغة 8 ملايين برميل يوميًّا من النفط ومشتقّاته لا يمكن الاستغناء عنها الآن أو فى المستقبل. إذا ما أضفنا صادرات 8 ملايين برميل يوميًا من النفط الروسى بالروبل وواردات الصين البالغة 12 مليون برميل يوميًا بالبترويوان، فستنخفض حصّة البترودولار بمقدار 60%. هذا سيؤدّى إلى خسران البترودولار تدريجيًا سيطرته على تجارة النفط فى العالم بدورها، تُصدّر مُنظمة أوبك يوميًّا 25 مليون برميل من النفط تُشكّل 54% من صادرات العالم. غير أنّ أوبك لا تستطيع فى الوقت الحاضر رفع إنتاجها أو صادراتها بسبب نقص طاقة الإنتاج الإضافيّة.
أما الولايات المتحدة، فلا يمكنها رفع إنتاجها أكثر ممّا هو عليه الآن، أى 9.5 – 10 مليون برميل يوميًا منذ أن سحَقَ فيروس كوفيد 19 إنتاجها بدءا من مطلع العام 2020 بحيث أصبح إنتاج النفط الصخرى الأمريكى قوّة مستهلكة كلّيًّا. لهذا السّبب، لن تستطيع الولايات المتحدة تعويض 211 مليون برميل من النفط سحَبَتْها من احتياطها الاستراتيجى فى العام 2022 من أجل فرض انخفاض أسعار النفط. بالتالى، ليست هناك وفرة نفطية فى سوق النفط العالمية تسمح للولايات المتحدة بتعويض ما سحَبَتْه من احتياطها الاستراتيجى فى المستقبل القريب. هذا يُعتبر أمرًا خطيرًا بالنسبة للولايات المتحدة فى وقت يزداد التوتر بينها وبين كلٍّ من روسيا والصين وهو مرشح للتصاعد أكثر فى المرحلة المقبلة.
وتبقى روسيا، فى ميدان إمدادات الغاز فى العالم، الدولة المسيطرة على سوق الغاز العالمية، كونها أكبر دولة مُصدِّرة للغاز، إضافةً إلى أنّها تملك أكبر احتياطى للغاز فى العالم.
إن اقتصاد العالم يحتاج إلى الكثير من النفط والغاز والفحم حتى يستمر فى النموّ لتلبية احتياجات تزايد السُّكَّان فى العالم، ولكن ذلك يحتاج إلى سعر للنفط يصل إلى 120 دولارًا للبرميل الواحد بشكل دائم لتوفير إمدادات الطاقة من مصادر آخذة فى النضُوب سريعًا. وتتوقّع مُنظّمة أوبك أن يرتفع الطلب العالمى على النفط إلى 103.8 ملايين برميل يوميًا فى العام 2023، كما أن الطلب العالمى على الغاز والفحم والكهرباء سيُوازى الطلب على النفط.
• • •
بمطالبته للدُّول غير الصديقة مثل دُول الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة أن تدفع بالروبل ثمنًا لإمدادات النفط والغاز والفحم الروسى، جعل الرئيس فلاديمير بوتين من الروبل عملة نفطيّة، وهذه كانت بمثابة ضربة مؤلمة للبترودولار. أما الضربة الثانية للبترودولار فقد وجّهها الرئيس الصينى شى جين بينج، أثناء زيارته الأخيرة إلى الرياض عندما طلب من دول مجلس التعاون الخليجى (السعوديّة، الإمارات، قطر، الكويت، عُمان والبحرين) بأن تقبل البترويوان ثمنًا لصادراتها من النفط والغاز إلى الصين؛ خطوة كانت متوقعة من رئيس الصين لأن بلاده تُشكّل أكبر سوق لصادرات النفط والغاز من دول مجلس التعاون الخليجى. وتدرس السعودية ودولة الإمارات الآن بجدّية قبول البترويوان ومن المُحتمل أن يُقرّرا قبوله قريبًا، ثمنًا لصادراتهما من النفط، وهذه الخطوة مع احتمال انضمام باقى دول مجلس التعاون الخليجى إليها ستؤدى إلى خفض حصة البترودولار فى تجارة النفط فى العالم بنسبة 21%، وإذا ما أضفنا صادرات 8 ملايين برميل يوميًا من النفط الروسى بالروبل وواردات الصين البالغة 12 مليون برميل يوميًا بالبترويوان، فستنخفض حصّة البترودولار بمقدار 60%.
هذا سيؤدّى إلى خسران البترودولار تدريجيًا سيطرته على تجارة النفط فى العالم ويؤدّى إلى خسارة الدولار الأمريكى ما يقرب من ربع أو ثلث قيمته مقابل العملات الرئيسيّة فى العالم إضافةً إلى أنّه سيُقوّض النظام المالى والاقتصادى الأمريكى.
• • •
من المتوقع أن تزداد أزمة الطاقة العالميّة حدّةً خلال العام 2023 وأن تصبح أزمة مستدامة مع استمرار ارتفاع أسعار إمدادات الطاقة من نفط وغاز وفحم وكهرباء. ومن المُرجّح أن يرتفع سعر خام برنت 100 دولار للبرميل الواحد فى الربع الأوّل من 2023 وربّما يصل إلى 110 – 115 دولارًا؛ وسيرافق ذلك ارتفاعات موازية فى أسعار الغاز والغاز السائل (LNG) والفحم والكهرباء.
أما سقف السِّعر المفروض الآن على صادرات النفط الروسى إلى أوروبا فسيفشل فشلًا ذريعًا وينتهى فى سلّة المهملات. ومع ازدياد حدّة أزمة الطاقة فى الاتحاد الأوروبى سترتفع أصوات تطالب بوقف إمدادات الأعتدة العسكريّة إلى أوكرانيا وإلى رفع العقوبات المفروضة على روسيا مُقابل الحصول على إمدادات رخيصة الثمن وكافية من الغاز والنفط الروسيّين.
فى الخلاصة، سيكون العام 2023 عام احتدام الصراع الطاقوى فى العالم، على وقع الحرب الروسية الأوكرانية المفتوحة على احتمالات شتى، من دون إهمال ما يجرى فى جنوب شرق آسيا واحتمالات تدحرج أزمة العلاقات الأمريكية الصينية.. وهذا الأمر ستكون له أيضا تداعياته الطاقوية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.