السيسي يوافق على صرف البدل النقدي المقترح من الحكومة للصحفيين    موعد إجازة المولد النبوي 2025 وأبرز مظاهر الاحتفال في مصر    اتحاد شركات التأمين: الذكاء الاصطناعي أداة محورية لإعادة تشكيل مستقبل الوظائف بالقطاع    ارتفاع أسعار الذهب في مصر بقيمة 20 جنيهاً خلال أسبوع    ستاندرد تشارترد: مصر ستتسلم 6 مليارات دولار من قطر والكويت خلال 2025    جيش الاحتلال: ستبقى قواتنا منتشرة في مخيمات اللاجئين شمال الضفة الغربية    «إبادة جماعية مكتملة الأركان».. «المنظمة العربية» تحذر من خطة الاحتلال الكامل لغزة    4 دول أخرى تنضم لبيان غربي يدين خطة إسرائيل لاحتلال غزة (تقرير)    خبر في الجول - جهاز منتخب مصر يراقب حالة عاشور ومروان.. والثنائي يقترب من معسكر سبتمبر    النصر السعودي يتعاقد مع مارتينيز مدافع برشلونة    كهرباء الإسماعيلية يتعاقد مع لاعب الزمالك السابق    لتعويض مالك ثياو.. ميلان يستهدف ضم مدافع من داخل الدوري الإيطالي    قنابل نسف القيم والأخلاق    مصر تسترد قطعًا أثرية من ألمانيا والمملكة المتحدة    شباب ولياقة.. أحمد عز يمارس التمارين والجمهور يعلق    وزير الثقافة يفتتح الدورة الثالثة لبينالي القاهرة الدولي لفنون الطفل.. الثلاثاء    5.6 مليون خدمة.. "التأمين الصحي الشامل" تستعرض خدمات المنظومة في الأقصر    ضبط 5488 قضية بمجال الأمن الاقتصادي خلال 24 ساعة    أب يجبر ابنه على الركوب داخل حقيبة السيارة لتأديبه بالشرقية    رئيس اتصالات النواب يكشف تفاصيل تشريع بشأن أرباح تيك توك    صندوق إعانات الطوارئ: 2.3 مليار جنيه دعمًا لأكثر من 429 ألف عامل    موعد مرتبات شهر أغسطس 2025 للعاملين بالدولة    إعدام 300 ألف بيضة و170 ألف طن صادرات.. التقرير الأسبوعي ل"سلامة الغذاء"    أمين الفتوى يوضح حكم الصلاة أو الصيام عن المتوفى غير الملتزم وطرق إيصال الثواب له    لست قادرا على الزواج ماذا افعل؟.. يسري جبر يجيب    حكم قضاء المرأة الصلاة التي بدأ نزول الحيض في أول وقتها.. المفتي السابق يوضح    ملتقى المرأة بالجامع الأزهر: تجربة المدينة المنورة في العهد النبوي نموذجا يحتذى به في جهود النهوض بالأمة    لترشيد الكهرباء.. تحرير 125 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    مركز كليو ألفا كيور بمستشفى النيل بدراوي يعقد أول لجنة طبية متعددة التخصصات لأورام الكبد والقنوات المرارية والبنكرياس    محافظ المنوفية يلتقي مدير التأمين الصحي الجديد.. ويشدد على تحسين جودة الخدمات    إبعاد 6 أشخاص خارج البلاد لأسباب تتعلق بالصالح العام بقرارات من الداخلية    وزير الصناعة والنقل يتفقد 6 مصانع متخصصة بمدينة العاشر من رمضان الصناعية    إزالة 12 حالة تعد وقطع المرافق عن غير الملتزمين بسداد أقساط التقنين بأسوان    جهود منظومة الشكاوى الحكومية في يوليو 2025 |إنفوجراف    مسرح الجنوب يطلق استمارة دورته العاشرة    مهرجان القلعة يعود في دورته ال33.. ليالٍ موسيقية بنكهة عربية وعالمية    الرد فى الصندوق لا فى الهاشتاج    «الصحة» تنظم 146 دورة تدريبية وورشة عمل لتطوير الكوادر التمريضية    «جوتيريش» يرحب بالإعلان المشترك الشامل بين أرمينيا وأذربيجان    وزير الدفاع يلتقي بعدد من مقاتلي القوات الخاصة من المظلات والصاعقة| صور وفيديو    قفزة عالمية فى ترتيب التعليم الفنى بمصر    محاولة تفجير فاشلة.. محاكمة المتهمين في قضية «خلية المطرية الإرهابية»    الداخلية: خدمات شرطية ميسرة لدعم الحالات الإنسانية في جميع المحافظات    التأمين الصحي بالأقصر يتابع تنفيذ خطط التطوير ورفع كفاءة الخدمات الصحية    انطلاق حملة «حياة بلا إدمان» بالمدارس ومراكز الشباب والمساجد بسيناء    عائلات المحتجزين الإسرائيليين بغزة تدعو لإضراب اقتصادي في ال17 من أغسطس الجاري    طائرات مسيرة أوكرانية تهاجم مصفاة نفطية في مدينة ساراتوف الروسية    محمد صلاح يضع الأوروبيين في مأزق بعد استشهاد "بيلية فلسطين".. كيف ولماذا وأين مات؟!    وزير الري يتابع حالة المنظومة المائية بالمحافظات وموقف إيراد نهر النيل    جيش الاحتلال يعلن اعتقال 70 فلسطينيا في الضفة الغربية    طارق يحيى: ريبيرو يعاني في قراءة المباريات.. والزمالك حقق انطلاقة موفقة    لهذا السبب.. أنغام تتصدر تريند "جوجل"    حظك اليوم الأحد 10 أغسطس 2025 وتوقعات الأبراج    منة تيسير عن استبعادها من مهرجان نقابة المهن التمثيلية: مشيت بإرادتي.. واللي بيتقال كذب ورياء    الجيش اللبناني يغلق بعض المداخل المؤدية للضاحية الجنوبية    ريبيرو: كنا الأفضل في الشوط الثاني.. والتعادل أمام مودرن سبورت نتيجة طبيعية    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    «أراهنكم الرابطة تعمل كده».. رسالة نارية من رئيس تحرير الأهلي بعد هجوم جماهير الزمالك ضد زيزو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نريده وطنًا لا حظيرة!
نشر في الشروق الجديد يوم 11 - 03 - 2010

دخلنا طور المراوغة ومحاولة التشويش على فكرة التغيير، باستدراجنا إلى مناقشات عقيمة حول تغيير اللون والواجهات فى حين أن المطلوب تغيير أساسات «العمارة» ذاتها، إذ وجدنا أن البعض يحاول إقحامنا فى جدل حول معدلات النمو ونسب الفقر ونصيب الفرد من الناتج المحلى. وصولا إلى سياسة دعم السلع وأزمة البوتاجاز ورسوم النظافة، وغير ذلك من العناوين، التى قد يكون بعضها مهما حقا، لكنها تغير مجرى الحديث فى الموضوع الأساسى.
هى حيلة ليست جديدة، لأننى أذكر أنه حين أثير موضوع «التعددية» عقب انهيار الاتحاد السوفييتى فى أوائل التسعينيات، فإن أحد خطباء الجمعة فى دولة خليجية قال إننا سبقنا الجميع فى تلك التعددية، التى يتشدقون بها، ذلك أن الشريعة أباحت تعدد الزوجات قبل أربعة عشر قرنا، من ثم فإنهم لم يسبقونا فى شىء ولم يقدموا لنا جديدا.
كما أن صاحبنا هذا أراد أن يختزل التعددية فى تعدد الزوجات، فإن بعض أصحابنا يفعلون نفس الشىء، حين يحاولون اختزال التغيير فى تغير سياسة الدعم وقوانين الاستثمار. لقد استهول أحدهم، وأبدى دهشة بالغة لأن الدكتور محمد البرادعى أمضى ست ساعات فى حوارات تليفزيونية، دون أن يوجه إليه سؤال واحد حول سياسة الدعم، وذكر فى مقالة احتلت صفحة كاملة أن الدهشة لم تفارقه حين وجد أن الرجل رد على السؤال قائلا إنه يتعين الحفاظ على دعم رغيف الخبز، ولكن يمكن التفكير فى تغيير دعم الطاقة. وكان تعليق الكاتب أنها ذات الإجابة التى قدمها الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء على أسئلة مماثلة. وكأنه يحاول أن يوصل إلى القارئ رسالة تقول إن البرادعى لم يأت بجديد وإنه ليس لديه ما يصيفه إلى السياسة المطبقة فى ظل الوضع الراهن. وفى هذه الحالة فإن الذى تعرفه خير ممن لم تسبق لك معرفة به.
من جانبى دهشت أيضا لسببين آخرين، أحدهما أن يستسلم الدكتور البرادعى لهذا الاستدراج ويحدد موقفا إزاء سياسة الدعم. حتى تمنيت فى هذه الحالة لو أنه رد قائلا إن تلك مسألة يحددها أهل الاختصاص، وهى فرع عن السياسة الاقتصادية التى من المبكر الخوض فى تفاصيلها الآن، السبب الثانى للدهشة يتمثل فى مبدأ طرح السؤال، ومحاولة اختزال الدعوة إلى التغيير فى مسألة دعم السلع وسياسة دعم الاستثمارات الخارجية.
أفهم أن أوضاعا كثيرة تحتاج إلى تغيير، لكننا لا نستطيع أن نساوى فيما بينها، وإنما يتعين أن يكون لها ترتيبا وأولويات. وإذا اعتبرنا أن ثمة هرما لعناوين التغيير والإصلاح، فإن قضية الحرية والديمقراطية فى الداخل واستقلال القرار السياسى فى الخارج، ينبغى أن تحتل رأس ذلك الهرم. لا يقلل ذلك من شأن التنمية والإصلاح الاقتصادى، لكن ذلك مما يأتى فى مرتبة تالية بعد الحرية والديمقراطية، التى أكرر أن لها أركانا ثلاثة هى حق المجتمع فى المشاركة والمساءلة وتداول السلطة.
وأزعم فى هذا الصدد أن إطلاق الحريات بالمفهوم السابق يمثل الفارق الأساسى بين المجتمع الإنسانى وحظيرة الحيوانات، وهذا التشبيه ليس من عندى، لأننى سمعته ذات مرة من أستاذة للعلوم السياسية فى إحدى الجامعات الخليجية، كانت تتحدث عن مظاهر الرفاهية والراحة، التى تتوافر للمواطن الخليجى، وذكرت أن أمثال أولئك المواطنين إذا لم يشاركوا فى صياغة حاضرهم ومستقبلهم فإن وضعهم لن يختلف كثيرا عن حالة أى قطيع فى مزرعة عصرية، يتوافر للماشية فيها الغذاء الجيد والرعاية الصحية الممتازة وتكييف الهواء اللازم ومجال الحركة المعتبر.
إن الذين يحاولون إقناعنا بأن الأمور الاقتصادية تسير إلى أحسن، ويستدلون فى ذلك بمؤشرات عدة، حقيقية أو وهمية، فى حين يتجاهلون الأساس المتمثل فى غياب الحرية والديمقراطية فى مصر، يريدون أن يقولوا لنا إن الحظيرة بخير، ومن ثم فلا داعى للقلق أو التغيير. وذلك هو الحاصل فى تونس مثلا، التى تتحدث التقارير الدولية بإيجابية عن معدلات نموها الاقتصادى. لكن قيمة ذلك الإنجاز تتراجع حين نطالع فى تقارير المنظمات الحقوقية صورة السجن الكبير هناك، التى تعيد إلى الأذهان فكرة الحظيرة الجيدة التجهيز. إن الجماعة الوطنية المصرية حين تعلقت بأمل التغيير كانت ولا تزال تتطلع إلى بناء مجتمع حر، ولم تحلم يوما ما بأن تعيش فى حظيرة مكيفة الهواء!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.