أستيقظ «قبل الضوء» كما نقول فى بلاد الشام. فى البيت الذى نعيش فيه واجهتان، شرقية وغربية. هناك ساعة سحرية ينقسم فيها البيت إلى جهة طلع فيها النهار وأخرى ما زال الليل يغطيها. ألعب مع الضوء كقطة تلاحق كرة من الصوف فأمشى من مكان إلى آخر حافية القدمين حتى لا أوقظ أفراد عائلتى رغم أننى أدخل وأخرج بين أماكن نومهم بحثا عن تدرج الألوان بفعل شمس نوفمبر وهى تتلكأ بالظهور. • • • هنا حيث أجلس للكتابة، وضعت صور أفراد عائلتى بمراحل مختلفة، بدءا بصورة زفافى ثم مناسبات ظهرنا فيها كعائلة تكبر. أظن أن السنوات باتت معدودة فى بيت مزدحم قبل أن ينسحب الأولاد كل إلى حياته، ثم سأجلس هنا فى نفس المكان محاطة بصورهم، مجازا لأننى قد أكون فى بيت آخر لكنى أعرف أنه سيشبه هذا البيت، إذ تفشل محاولاتى الدورية بتغيير طابع ما يحيطنى رغم ادعائى أحيانا أننى أعيد ترتيب المكان. • • • شمس الخريف أجمل الشموس، تظهر وكأنها مفاجأة فى مرحلة يتوقع فيها الظل، كمن يتلقى هدية خارج أوقات الاحتفال. أفكر بما تعلمته فى سنة مضت حاولت خلالها أن أوسع عدستى فى مراقبتى اليومية لما حولى. أفكر بالغربة وبما أعدت تصنيفه فبات مهما أو خفت أهميته فى نظرى: الصداقات العابرة للحدود من ركائز الغربة، المطبخ وحكاياته (أو «الحواديت» كما يقول المصريون) ، اللهجة والكلمات النمطية التى لا تفهمها أجيال