محافظ الدقهلية يتابع من خلال مركز الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة أعمال التصدي لمخالفات البناء    روسيا تتهم أوكرانيا بإرجاء عملية تبادل أسرى الحرب بينهما    إصابة طفيفة تُهدد مشاركة نجم الأهلي في ودية الفريق أمام باتشوكا    الزمالك يستعد للثورة.. موسم جديد بأبطال جدد وأحلام متجددة    دورات تدريبية متقدمة لمنقذي شواطئ الإسكندرية استعدادًا لصيف 2025    المنشآت والمطاعم السياحية تنظم دورة تدريبية في مجالات صحة وسلامة الغذاء    في الذكرى ال 37 على رحيله، أبرز المحطات في حياة القارئ الشيخ إبراهيم المنصوري (فيديو)    وزير الخارجية يلتقى اتصالًا من نظيره القبرصي    الكويت ترحب بقرار منظمة العمل الدولية منح فلسطين صفة "دولة مراقب"    إذاعة الجيش الإسرائيلي: العثور على جثة يُرجح أنها تعود للمسؤول العسكري البارز في حماس محمد السنوار جنوبي غزة    شهباز شريف: باكستان تسعى دائما إلى الحفاظ على السلام والأمن في المنطقة    ريابكوف: روسيا عرضت على الولايات المتحدة استئناف الرحلات الجوية المباشرة    شعبة الدواجن: هبوط أسعار الفراخ البيضاء بنسبة 25%    النقل: تعاون مع المرور لإقرار مخالفة للمركبات التي تسير داخل حارة الأتوبيس الترددي    بعد رحيل زيزو.. من هو أغلى لاعب حاليا في الزمالك؟    كهربا يدخل حسابات حلمي طولان للمشاركة في كأس العرب    استمرار فتح باب التقدم والحجز إلكترونيًا ل 1800 قطعة أرض صناعية    الداخلية تواصل حملاتها وتتمكن خلال 24 ساعة من ضبط 363 قضية مخدرات و160 قطعة سلاح    خطوات الاستعلام عن نتيجة الصف الثالث الإعدادي الأزهري 2025 برقم الجلوس والاسم    الداخلية ترسم البهجة فى العيد.. رعاية شاملة للأيتام فى مشهد إنسانى مؤثر.. احتفالات وعروض وإنقاذ نهرى.. اشترت ملابس العيد وقدمت الهدايا للأطفال.. وتنفذ برامج المسئولية المجتمعية لتعزيز قيم الانتماء الوطنى.. صور    الداخلية تواصل التيسير على الراغبين فى الحصول على خدمات الإدارة العامة للجوازات والهجرة    قاوم اللصوص فطعنه أحدهم.. تفاصيل مقتل موظف أمن في 15 مايو    في لفتة إنسانية كريمة، الرئيس السيسي يطمئن على أحد الأئمة الحضور بخطبة عيد الأضحى (فيديو)    إعلام فلسطينى: 34 شهيدا فى غارات إسرائيلية على عدة مناطق بغزة منذ فجر اليوم    مها الصغير: كان نفسي عبدالحليم حافظ يحبني ويغنيلي (فيديو)    د.عصام الروبي يوضح معنى" الكوثر ومن هو الشانئ وما معنى الأبتر"    نصائح لمرضى النقرس قبل تناول اللحم.. اتبعها    في ثاني أيام العيد، انتشار الفرق الطبية بساحات وميادين الإسماعيلية (صور)    صحة الأقصر تعلن انتشار الفرق الطبية بمختلف الإدارات الصحية فى عيد الأضحى.. صور    جولة تفقدية لمستشفيات جامعة كفر الشيخ خلال إجازة عيد الأضحى المبارك    خالد الغندور: 14 لاعبا سيرحلون عن الزمالك    زلزال يضرب إيران بقوة 4.3 على مقياس ريختر    وزير الزراعة يتابع أعمال لجان المرور على شوادر وأماكن بيع الأضاحي وجهود توعية المواطنين    آخر تطورات الحالة الصحية لنجل الفنان تامر حسني    لليوم الثاني.. 39 مجزر يستقبل الأضاحي في مراكز المنيا    وزير الري يتابع الموقف المائي خلال إجازة عيد الأضحى    السيسي يقود أحدث إنجازات الدولة في تطوير التعليم الجامعي    العيد أحلى بمراكز الشباب.. فعاليات احتفالية في ثاني أيام عيد الأضحى بالشرقية    إصابة 8 أشخاص نتيجة انقلاب «ميكروباص» بطريق أسيوط- الفيوم الغربي    محافظ أسيوط يعلن عن تشغيل غرفة طوارئ بالتأمين الصحي خلال عيد الأضحى المبارك    دعاء يوم القر مستجاب للرزق والإنجاب والزواج.. ردده الآن    اليابان: لا اتفاق بعد مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية    دار الإفتاء تكشف آخر موعد يجوز فيه ذبح الأضاحي    الطبطبة على الذات.. فن ترميم النفس بوعى    محمد الشناوي: كنا نتمنى حصد دوري أبطال إفريقيا للمرة الثالثة على التوالي    استقرار أسعار الذهب في مصر خلال ثاني أيام عيد الأضحى 2025 وسط ترقب الأسواق العالمية    دوناروما: أداء إيطاليا لا يليق بجماهيرنا    بعد تصدرها الترند بسبب انهيارها .. معلومات عن شيماء سعيد (تفاصيل)    "مش جايين نسرق".. تفاصيل اقتحام 3 أشخاص شقة سيدة بأكتوبر    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    البابا لاون يُحيي تقليدًا حَبْريًّا اندثر في عهد سلفه    سفارة الهند تستعد لإحياء اليوم العالمي لليوجا في 7 محافظات    «الدبيكي»: نسعى لصياغة معايير عمل دولية جديدة لحماية العمال| خاص    محاضرة عن المتاحف المصرية في أكاديمية مصر بروما: من بولاق إلى المتحف الكبير    الثلاثاء أم الأربعاء؟.. موعد أول يوم عمل بعد إجازة عيد الأضحى 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    بمشاركة 2000 صغير.. ختام فعاليات اليوم العالمي للطفل بإيبارشية المنيا    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البحث عن الله


إحسان عبد القدوس يكتب:
أنا عار إلا من كفنى.. وأنا ذاهب لأبحث عن الله فى بيته..
إن السيارة تتقدم بى نحو البيت المقدس، ولكنى لا أتقدم معها.. إنى ما زلت بعيدًا، وما زلت تائها عن الطريق إلى الله.. شىء يشدنى عنه، يربطنى بالأرض، ويمنعنى من أن أسمو إلى السماء.. إلى حيث الله! إننى مقيد.. أغلال غليظة تربط روحى وجسدى وتحرمها من الانطلاق.
أغلال ينسجها عقلى.. العقل الذى لا يستطيع أن يفسر ما يراه إلا بقدر وعيه.. العقل الذى لا يرى فى الصحراء سوى أنها رمال، ولا يرى فى الجبال إلا أنها أكوام من الحجارة، ولا يرى فى الكعبة إلا أنها بناء يستطيع أن يأتى ببنائه أى بناء، ولا يرى فى أستارها السوداء إلا أنها نسيج موشى أنتجته مصانع المحلة وزخرفته أيدى عمال تزيين.. وإذا أدهشه شىء من كل ما حوله فهو هذه السيارة «الكاديلاك» التى أركب فيها!!
إنه العقل الذى مهما وعى ومهما اتسع له الأفق لا يستطيع أن يخرج عن حدود المادة، ولا يستطيع أن يعى أكثر مما يلمسه.
يجب أن أسكت هذا العقل إذا أردت أن أصل إلى الله.
يا رب أعنى على عقلى.
وضغطت أعصابى كلها، واستنهضت كل قواى النفسية، حتى بدأت أسمع دقات قلبى، وحفيف رئتى، وقبضات كبدى.. وبدأت صفحات العقل تتلاشى من وعيى وتختفى فى ضباب كثيف، ومن خلف الضباب بدأت تبدو لى حواش من النور.. نور ينسكب على روحى فيوقظها ويفتحها على عالم آخر.. عالم لا يصل إليه العقل!
وبدأت أرى فى هذا العالم أشياء لم أكن أراها.
رأيت الجبال التى تحيط ببيت الله وقد انحنت كلها إلى الأمام وكأنها الملائكة وقد خشعوا سجدا، ورأيت جبل النور حيث غار حراء يقف بينها ضخمًا عاليًا مشرقًا كأنه عرش الله، ورأيت موجات الرمال كأنها آثار أقدام عمالقة من هواء لا نراهم، ولكن هذه آثار أقدامهم فوق الرمال وهم يسعون حول العرش.
وأحسست برياح ندية تملأ صدرى، وأحسست كأنى ارتفع عن السيارة التى أجلس فيها وأسعى فى الهواء وأنا بملابس الإحرام بين الجبال والأودية.
الجبال الكثيرة الجافة الخشنة والأودية الملتوية الضيقة.. والصمت الرهيب يحيط بى ويملأ أذنى ويتساقط فى قلبى.. وارتجفت وخفت.. إنى - حقًا - فى طريق إلى الله.
وسحبتنى يد من داخل السيارة.
إننى الآن فى رحاب البيت الكريم. ولم أرفع عينى إلى الكعبة.. لا أريد أن أرفعهما.. أخاف إن رفعتهما أن يفيق عقلى فلا يرى فيها إلا بناء يستطيع أى بناء أن يأتى بمثله، ولا يرى فى الستر السوداء إلا نسيجًا من صنع المحلة!
إنى منكس الرأس مغمض العينين، أسير وراء الدليل بلا وعى.. إنما وعيى كله منحصر فى أن أتغلب على نفسى حتى لا يلهينى شىء مما حولى عن الله.
وبدأت الطواف.. وسط مئات يطوفون ولا ينقطع طوافهم ليلًا ونهارًا على مدار السنة.
بدأت أبحث عن الله فى بيته..
أين هو؟.. أين؟!
إن هناك صوتًا يطن بجانبى ويبعدنى عن الله كلما اقتربت منه.. صوتًا خشنًا ليس فيه نغم ولا حس ولا شىء كأنه صوت أسطوانة قديمة ضاع من فوقها صوت المغنى ولم يعد فيها إلا الخشخشة.
صوت من هذا؟..
إنه المطوف.. رجل يهرول بى حول الكعبة وهو يتلو أدعية فى سرعة كأنه تلميذ غبى يتلو صفحة حفظها من كتاب القراءة الرشيدة، ثم يحتم علىّ أن أرددها وراءه.
أبعد يا رجل.. لا أريدك.. ولكنه لا يزال بجانبى، ولا يزال صوته الأجوف يخرق أذنى.. وأدعيته التى تتساقط من شفتيه كحبات الحصى الخشنة تقع فى طريقى وتحول بينى وبين مسعاى.
أبعد عنى يا رجل.. لا أريد واسطة بينى وبين الله.
ولكن الرجل محترف الدعاء لا يزال بجانبى..
وطفت الطوفة الأولى.. والثانية.. والثالثة.. والرابعة.. والخامسة.. وكدت أبكى، فإنى فى بيت الله ولا أستطيع أن أصل إليه.. إنى لم أره بعد. ولم يمد لى يده بعد.. والذنب هو ذنب هذا الرجل الذى يطوف بى وتصخب أدعيته الجوفاء من حولى.
يا رب ماذا جنيت لتسلط علىّ هذا الرجل.
يا رب إن كنت قد أذنبت فإنى لم أكفر بك.
يا رب إن كان ذنبى كبيرًا فإن عفوك أكبر.
يا رب إنى لم أصل لك كثيرًا، ولم أصم لك كثيرًا.. ولكنى آمنت بك كثيرًا، وخفتك كثيرًا، وراعيت حقك فى الناس كثيرًا، واستغفرتك كثيرًا، وتوكلت عليك كثيرًا، فلا تحسبنى فى عداد الكافرين.. وأبعد عنى هذا العذاب الأليم الذى يتمثل فى هذا الرجل الذى يزاملنى.. وأبعد عنى صوته الذى يبعدنى عنك، حتى أخلص لك.
يا رب إنى جئت إليك فى بيتك.. فابد لى!!
وبدأت الطوفة السادسة.
وبدأ صوت المطوف يتلاشى شيئا فشيئا، ثم لم أعد أسمع شيئا، ولم أعد أحس أن لى أذنين.. ولم أعد أرى شيئا، ولم أعد أحس أن لى عينين.
لم أعد أشعر بكيانى كله.. إنى روح خالصة لله.
وانكفأت على جدار الكعبة.. وتعلقت فى أستارها بيدى...
ورأيت الله..
رأيته فى هذه اللحظة.
رأيته هنا.. فى قلبى وفى صدرى!
ماذا أطلب منه.. من الله؟
وازدحمت أمامى الصور.. أمى، أبى، زوجتى، أولادى، أصدقائى، مصر.. كل هؤلاء تمر صورهم فى مخيلتى ولا أكاد أبدأ فى الدعاء لواحد حتى تقفز صورة الآخر.. كنت كالملهوف المجنون يريد كل شىء فى لحظة خاطفة لا تتسع لشىء.
وسمعت شفتى تتمتمان: الحق يارب!!
هذا هو كل ما نطقت به.. ومستنى يد المطوف لأتبعه فى الطوفة السابعة، فابتعدت عن الجدار المقدس.. ساهما يغمرنى إيمان عنيف، ويملأ صدرى هواء طاهر رطب يكاد يرفعنى عن الأرض ويسير بى فوق السحاب ولم أشعر بشىء فى هذه الطوفة الأخيرة.. لم أشعر بالبيت الذى أطوف حوله، ولا بالمسلمين الذين يطوفون معى، ولا بالمطوف الذى يحاول أن يسكب دعاءه فى أذنى، حتى عندما قبلت الحجر الأسود لم أشعر بشىء.. لم يتيقظ عقلى ليجادلنى فى قيمة هذا الحجر ويحاول أن يقنعنى بأنه مجرد حجر تفحم نتيجة التفاعلات الجيولوجية، ولم تنصرف إليه عاطفتى لأزداد به إيمانا فوق إيمان.. كنت لا أزال أعيش فى اللحظة الخاطفة التى التقيت فيها بالله.
إنما توقفت سعادتى قليلا وأحسست ببعض التأنيب وأنا أسأل نفسى: هل من الإيمان أن أطالب الله بشىء؟! هل جئت إلى هنا لأطلب شيئا أم لأنى أحب الله حبا خالصا بلا طلب وبلا أجر؟!
هل كنت أنانيا عندما ذكرت نفسى وذكرت عائلتى وأصدقائى ووطنى وأنا فى حضرة الله؟!
واسترددت سعادتى وخلصت نفسى من التأنيب، عندما تذكرت أن مطالبة الله هى إحدى درجات الإيمان.. وأن الله فى كتابه يقول: «وقال ربكم ادعونى أستجب لكم، إن الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنم داخرين».. وأن الرسل والأنبياء عاشوا يطالبون الله ويطالبون بالمعجزات، وأنا لم أطلب معجزة، إنما فقط طلبت الحق.
وانتهيت من الطواف.
وجلست على أرض ساحة الله فى انتظار صلاة المغرب، ولم أعد أشعر برهبة ولا بخوف، ولم أعد أقارن بين عقلى وعاطفتى، إنما كنت أشعر براحة وهدوء، كأنى فى حضرة صديق أعرفه وأحبه، ويعرفنى ويحبنى.
وأخذت أرقب المسلمين من حولى..
هؤلاء الحضارمة- أهل حضر موت- فى مآزرهم الحمر، ووجوههم النحيلة، وأعوادهم الرفيعة القصيرة.. وأهل اليمن فى عماماتهم الكبيرة وأرديتهم الفضفاضة، والمسلمين من أندونيسيا والهند، والباكستان، وسوريا والملايو، وقبائل الشمال والجنوب والغرب والشرق.. وجوه مختلفة.. ألوانها مختلفة.. وأشباهها مختلفة.. ولباسها مختلف.. ثم هذا الأعرج الذى يسعى حول الكعبة فوق رجل خشبية، وهذا الكسيح الذى يطوف فوق يديه وركبتيه.. وهذا الأعمى الذى يسحبه أخوه ليمسح كفه فوق الأستار المباركة.. وهؤلاء النسوة وقد التف بعضهن حول بعض فى هذا الركن القصى، وقد أسدل بعضهن حجابا كثيفا لا يبين منهن شيئا وأسدل البعض الآخر نصف حجاب.. وهؤلاء الأطفال الصغار يمرحون فى ساحة الله ويتدللون عليه ويقفزون بين أعمدة الحرم ويرشون بعضهم بماء زمزم ثم يوقفهم شعور خفى عن الاقتراب من عرش الله، وكأنهم يعلمون أنا أباهم الكبير جالس هناك.
وأن هذا البيت بيته، وكأنهم كهذا الحمام الذى يمرح آمنا مطمئنا فى ساحة الحرم دون أن يقرب الكعبة، أو يجرؤ على أن يحط فوقها.
إنه عالم كبير.
عالم لا يجمعه شىء إلا الإيمان..
الإيمان بالله.
والإيمان ذخيرة كبيرة لو عرف المسلمون.. ذخيرة تستطيع أن تجمعهم للعلم وللفن وللحرب وللسياسة.
لماذا لا يعقد هنا فى موسم الحج مؤتمر للمهندسين المسلمين، ومؤتمر للأطباء المسلمين، ومؤتمر للمحامين المسلمين، ومؤتمر للساسة المسلمين، ومؤتمر للقادة المسلمين.. إلخ.
هذه هى حكمة الحج كما أرادها الله ونبيه.
ولكن المسلمين نسوا حكمة الله ونبيه.. إنهم يأتون إلى هنا وكل منهم لا يسعى لشىء إلا إلى تصفية حسابه مع الله، والحصول على صك غفران.. ويعود إلى أهله وهو لا يحمل لهم شيئا إلا لقب «حاج» ولا ينتظر منهم شيئا إلا أن يستقبلوه على محطة كوبرى الليمون بالطبل والزمر.. ويقبلون يده تبركا، ثم يضعونه فى عربة «حنطور» تطوف به الحوارى والأزقة.
لماذا لم يفكر المسلمون فيعقد مؤتمراتهم الشعبية فى موسم الحج، ليوحدوا صفوفهم وطريقهم فى وجه الاستعمار وفى وجه الأعداء وفى وجه الحكومات.
ولماذا لم تفكر الحكومات الإسلامية فى عقد هذه المؤتمرات.
ربما كان الأولى بالتفكير هى الحكومة السعودية.. وواجب الملك السعودى لا يقتصر على حماية بيت الله ومسح الكعبة وتأمين الحجاج، إنما هو أولا تطبيق حكمة الله ورسوله فى الحج.
وحكمة الله ورسوله هى جمع كلمة المسلمين على مستقبلهم وعلى أعدائهم.
مرت بى كل هذه الخواطر وأنا جالس على أرض الحرم فى انتظار صلاة المغرب.
وغربت الشمس وخيل إلى أنها غربت فى هذا البيت الأمين.. وتركت وراءها هالة كبيرة من الضوء الخافت الوردى لفتنا فى طياتها وكأنها تحملنا إلى الله.
ورددت مآذن الحرم الدعوة إلى الصلاة فى أصوات خافتة باكية ترتجف من الخشوع.
ووقفت أصلى، وكأنى لم أنقطع عن الصلاة يوما.. حتى التحيات التى لم أتلها منذ سنوات، جرت على شفتى كأنى لم أنقطع عن تلاوتها أبدا.
- وكنت سعيدا وأنا واقف بين يدى الله.
وخيل إلى من فرط سعادتى أنى أبتسم وأنا أصلى.. ألست واقفا بين يدى صديق.. ألست صديق الله؟!
نشر بالعدد 1344 بعد عودة إحسان من الحج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.