«التنظيم والإدارة»: «الوزراء» وافق على تخصيص جلسة مسائية للمتخلفين عن اختبارات التعيين    محافظ كفر الشيخ ورئيس الجامعة يشهدان انطلاق المؤتمر العلمي الثالث ل «الآداب» حول العلوم الإنسانية والتنمية المستدامة    «سنوات مع صلاح منتصر».. سيرة حب وصحافة تُروى في مكتبة القاهرة الكبرى    انطلاق الورشة الثانية للملتقى المصري السوداني لرجال الأعمال حول إعادة إعمار السودان والربط اللوجستي بين البلدين    وزير السياحة يلتقي نظيره الأنجولي لبحث سبل التعاون بين البلدين    مصر تستضيف تنصيب الرئيس الجديد لبنك التصدير الأفريقي «أفريكسيم بنك»    «الساعة 12 تصبح 11» موعد تطبيق التوقيت الشتوي في مصر 2025    الخارجية الفلسطينية: أراضي الضفة بما فيها القدس وغزة وحدة جغرافية واحدة ولا سيادة لإسرائيل عليها    «قاعة للرقص في البيت الأبيض».. مشروع بتمويل غامض يثير «كابوس أخلاقي» من شراء النفوذ (تقرير)    مطار العريش يستقبل طائرة مساعدات سعودية لصالح غزة    منتخب اليد مواليد 2008 يصل إلى المغرب للمشاركة في بطولة العالم    صديق مؤسس الرابطة ويفتخر بالانتماء ل«التالتة شمال».. حكاية أحمد فهمي مع «أولتراس أهلاوي»    منتخب الكرة النسائية بالأحمر والأسود أمام غانا بتصفيات أمم أفريقيا    الغندور يجدد انتقاده لمدرب الزمالك بسبب الأهلي    «التضامن» توضح شروط التقدم لأداء فريضة الحج هذا العام    القبض على تشكيل عصابي للاتجار بالمخدرات في مدينة الخصوص بالقليوبية    ضبط متهم بممارسة أعمال البلطجة باستخدام كلب وسلاح أبيض في الجيزة    الممثل التركي قان أورغانجي أوغلو: مصر لديها مكانة راسخة في تاريخ الفن والسينما.. وأتطلع إلى التعاون مع مبدعين عرب    بناء الأهرامات.. الأسطورة والواقع    أكاديمية الفنون تكرم اسم السيد بدير وتعيد عائلة سعيدة جدا إلى خشبة المسرح    أحمد موسى: العلاقات المصرية الأوروبية تقوم على شراكة ومصالح متبادلة    لم يشرع الضرب بمعنى الأذى.. هل القرآن الكريم شرع ضرب الزوجة؟ خالد الجندي يجيب    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة الشهر الكريم وأحكام الرؤية الشرعية    نائب وزير الصحة يبحث مع محافظ شمال سيناء جاهزية المنشآت الصحية ويتفقد مستشفى الشيخ زويد ووحدة طب أسرة البشلاق    «جهار»: 26 منشأة صحية حصلت على الاعتماد الكامل أو المبدئي    ماذا يحدث للكوليسترول في الدم عند تناول التفاح يوميًّا؟    سلوفاكيا تلمح إلى دعم حزمة العقوبات الأوروبية الجديدة ضد روسيا بشروط اقتصادية    ننشر منطوق حكم كروان مشاكل بسب وقذف ريهام سعيد    مدبولي: لا تهاون في حماية نهر النيل من التعديات    محكمة العدل الدولية تجدد الدعوة إلى إعمال حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وإنشاء دولته المستقلة ذات السيادة    بعد تصاعد جرائم القتل.. شيخ الأزهر يوجه رسالة حاسمة إلى المجتمع    مرور القاهرة يعلن إغلاق كوبري الأزهر السفلي لإجراء أعمال الصيانة    حصاد الوزارات.. مد التصالح على مخالفات البناء 6 أشهر.. التنمية المحلية توجه    بروتوكول تعاون بين جامعة أسيوط كلية الحقوق وجامعة الغردقة    طارق قنديل يتحدث عن حلم استاد الأهلي وميزانية النادي غير المسبوقة    الكنيست الإسرائيلي يقر مقترح قانون ضم الضفة الغربية بالقراءة التمهيدية    اعتماد تنظيم الكونغرس الأول للإعلام الرياضي في ديسمبر 2026    وزير الخارجية الإسرائيلي: لا يوجد لإسرائيل صديق أعظم من الولايات المتحدة وممتنّون لإدارة ترامب على دعمها الثابت لإسرائيل    مجلس كنائس مصر: مؤتمر الكهنة والرعاة جسد رسالة الكنسية في خدمة الإنسان والمجتمع    تركيب 1662 وصلة مياه مجانية للأسر الاولى بالرعاية بالفيوم    حبس المتهم بإنشاء كيان تعليمي وهمي للنصب على المواطنين بمدينة نصر    مرض الجدري المائي.. الأعراض وطرق الوقاية    قائمة ريال مدريد - غياب 5 مدافعين ضد يوفنتوس.. وميندي يعود لأول مرة منذ 6 أشهر    الرقابة المالية تمد وقف تلقي طلبات التأسيس لنشاطي التمويل الاستهلاكي ومتناهي الصغر بالطرق التقليدية لمدة عام    فئات ممنوعة من أداء مناسك الحج    النجم التركي كان أورجانجي أوغلو: أتطلع لزيارة الجمهور في منازلهم بمصر    القنوات الناقلة لمباراة بايرن ميونخ وكلوب بروج في دوري أبطال أوروبا    البترول: مصر تُصدر 150 ألف متر مكعب من الغاز المسال إلى تركيا لصالح توتال إنيرجيز    إحالة أوراق سائق للمفتي بعد اتهامه بقتل مزارع وتزعُّم عصابة للإتجار بالمخدرات في القليوبية    «مصر» ضمن المرشحين لجائزة أفضل منتخب إفريقي في 2025    الأقصر تتحرك لدعم موسم سياحي استثنائي.. لقاء موسع بمشاركة خبراء ومختصين    بيحبوا يكسروا الروتين.. 4 أبراج لا تخشى المخاطرة وتحب انتهاز الفرص    نائب وزير الصحة يتفقد جاهزية الخدمات الطبية والطوارئ بميناء رفح البري    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 22-10-2025 في محافظة الأقصر    رئيس جامعة العريش يهنئ كلية الاستزراع المائي لتأهلها للمنافسة على جائزة التميز الحكومي    «مفتي الجمهورية»: لم يذكر أي فقيه أن اسم المرأة أو صوتها عورة    حين يتأخر الجواب: لماذا لا يُستجاب الدعاء أحيانًا؟    سماء الفرج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دعاني لبيته
يوميات الأخبار

اعتدت وأنا أستحضر قلمي للكتابة أن يكون قلبي وعقلي حاضرين بقوة وأنا أكتب ، واخترت طواعية طريقا ارتاح فيه قلبي عندما كنت أتحدث عن المستضعفين في شتي بقاع الأرض وخاصة المسلمين. واعتبرت رغم كل ما واجهته من صعوبات وعقبات مهنية ونفسية بالتعايش مع آلام هؤلاء الناس أنني من المحظوظات اللاتي يحملن سلاح الكلمة وأمانة نقل معاناة كثير من البسطاء المنسيين الذين لا يعترف العالم بوجودهم ولا حقوقهم بإعتبارهم من فئة الإنسان المنسي الذي سطروا من أجله ملايين القوانيين العرجاء التي لا تدين في أغلبها المجرم إذا كان من الدول العظمي. إذن مهنتي ولعبتي التي أجيدها هي الكلمات وقد خيل إلي أن 18 عاما في بلاط صاحبة الجلالة هي فترة كافية كي أتقن لعبة الكلمات..ولكن أدهشتني الحقيقة التي جعلتني أنسي كل الكلمات في رحلتي للحج لأنني أدركت ببساطة أن كل كلمات الدنيا لا تصلح لوصف حال حجاج بيت الله الحرام.
منذ تلقيت مكالمة هاتفية من مكتب رئيس التحرير تزف إلي خبر سفري لأداء مناسك الحج بصحبة زوجي ، كان هناك شيء في قلبي يشبه اليقين أن الدعوة الربانية التي جائتني لزيارة بيته الحرام لأنني نصرت مظلوما يوما ما ولو بشق كلمة ، فما أكثر ذنوبي التي تجعلني أخجل من مجرد التفكير في أن أحظي يوما بدعوة ربانية لأنال شرف زيارة البيت الحرام وأسلم علي رسول الله في مسجده النبوي.ولكن إيماني بقوة الكلمة التي تدخل الجنة والكلمة التي تهوي بصاحبها إلي النار جعلني أصدق أنني سأذهب هناك يوما ما.
الثوب الأبيض
الوقت يمضي سريعا ، أصبح لزاما علي أن أعد تجهيزات السفر وأرتب كل شئ لأبنائي الذين سأتركهم لأول مرة في حياتي. وتعلمت أول دروس الحج فهي رحلة الترك لكل شيء عزيز وغال والخروج لوجه الله تعالي..فلم القلق هم في معية الله وحفظه. ولكن أصابتني حالة غريبة. فمنذ عرفت الخبر لم تعد عيناي تري غير اللون الأبيض في كل مكان وأصبح لساني يردد دون توقف » لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين»‬.إنه أمر أشبه بالإعداد الرباني قبل السفر والذهاب للبيت الحرام. كذلك كانت فرحتي وأنا أشتري ملابس الإحرام البيضاء وكأنني عروس خرجت لشراء فستان زفافها استعدادا لبدء حياة جديدة مع من تحب. وتعجبت من سعادة أناس لا أعرفهم أقابلهم في كل مكان وعلي وجوههم فرحة وهم يباركون لي بالحج ويطلبون الدعاء. وكأن الجميع يزفني في عرس فريد من نوعه في كل شيء.
أهل الحرم
تعالت ضربات القلب ، تطايرت قدماي من فوق الأرض ، أهرول مسرعة في طريقي وأنا أتعجب من اختفاء ذلك الألم والورم الذي أصاب قدمي من ليلة شاقة وساعات وقوف طويلة في المطار قبل الوصول لمكة. دقائق قليلة تفصلني عن الدخول للمسجد الحرام ورؤية الكعبة الشريفة، بدأت روائح المسك تأتيني مع نسمات باردة قادمة من أمامي، ها قد حانت اللحظة التي انتظرتها طويلا وأنارت عيناي بنور الكعبة للمرة الأولي في حياتي..دخلت وسط أفواج وأفواج من كل فج عميق ، الجميع متشابهون رغم اختلافهم ، الكل يرجو ويدعو ويبكي.. ولكن مهلا أين الكلمات يا من ظنت نفسها تمتهن مهنة الكلام وتتقن فن الحديث ؟ يا ويلتي لم أعد أذكر شيئا ، كررت قول يارب وأنا أستجديه سبحانه أن يعطيني لسانا فصيحا أدعوه به وقلبا نقيا كي يقبل استغفاري وتوبتي ودعائي.
أنهيت عمرتي الأولي وأنا أعيش في عالم آخر لم أكن أعرفه من قبل، وجلست أنظر للملايين الذين تتشابه ملامحهم من بعيد..هكذا سنكون يوم الحشر رجالا ونساءً، كبارا وصغارا لا فرق بين أبيض ولا أسود إلا بالتقوي والعمل الصالح ، الجميع سيسير في طريق واحد الكل سيحاسب ، والفوز لمن اتقي. شعرت بأن هذا المكان هو المكان الوحيد الذي تشرع فيه المنافسة لا الأنانية كما يظن البعض. من يدركون الفرق كانوا يتسابقون من أجل فعل الخير والفوز بالثواب المضاعف، الجميع يبتسم ويكرم من بجانبه ويوزع مما رزقه الله حتي لو كانت شربة من ماء زمزم..وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. وكنت أخجل من نفسي كثيرا عندما أقف في السعي أو أشعر بتعب في الطواف وأنا أري حولي رجالا ونساء تخطوا الثمانين من العمر يتكئون علي عصاهم ويصرون علي الطواف سيرا رغم توافر عربات لكبار السن. ولن أنسي المشهد الذي أبكاني كثيرا وما وجدته من قوة إيمان وعزيمة وصبر لشاب في العشرينات مفتول العضلات بلا قدمين يمر بجانبي فوق عربته وأنا توقفت من الارهاق في طريقي لرمي الجمرات بينما هو يركض بالعربة وقد سبق العشرات كي يرمي رمية العقبة الأولي قبل الجميع. وتعلمت درسا آخر وفضل الحمد لله دائما علي كل حال.
غثاء السيل
أمام الملايين من حجاج بيت الله الحرام ظل هناك سؤالا حائرا نسأله أنا وزوجي طوال الوقت إذا كان ملايين من المسلمين يلبون نداء ربهم في لحظة، لماذا نحن أضعف من أن ندافع عن أنفسنا وعن ديننا وأصبحنا فريسة سهلة للأعداء؟ واستعذت بالله من الشيطان الرجيم من أن نكون نحن الغثاء الذين ذكرهم رسول الله صلي الله عليه وسلم في حديثه: »‬ يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَي عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَتَدَاعَي الأَكَلَةُ عَلَي قَصْعَتِهَا، قُلْنَا : مِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : لا، أَنْتُم يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، يَنْزَعُ اللَّهُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ، قِيلَ : وَمَا الْوَهَنُ ؟ قَالَ : حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ »‬. وكان دعائي الدائم يارب ارحمنا برحمتك من أن نكون غثاءً وأبعد عنا حب الدنيا وفتنها ما ظهر منها وما بطن، يارب أنت أعلم بحال حجاج بيتك الحرام فنعوذ بك من أن نكون نردد مجرد كلمات حفظناها وحركات تعلمناها فيارب إرزقنا الإخلاص في العمل وطهارة في القلب لتكن عبادتنا خالصة لوجهك الكريم.
وتعجبت أيضا كيف لهذا المكان الطاهر الذي يضج بالحجيج أن يأتي عليه يوم ويهجره الحجيج في آخر الزمان.وزالت الدهشة عندما تذكرت أننا نعيش بالفعل سنوات الهجر للمسجد الأقصي أولي القبلتين وثالث الحرمين الشريفين الذي أمرنا الرسول () أن تشد إليه الرحال بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي. وكان الناس قديما يتمون حجتهم بزيارة المسجد الأقصي والصلاة فيه. ولكننا هجرناه طواعية كما أراد الاحتلال. فلم الإندهاش ولم التعجب فغدا سيأتي جيل يهجر مسجد الله الحرام في نهاية الزمان ومنهم سيخرج الحبشي هادم الكعبة بعد أن يموت كل من يذكر الله من علي ظهر الأرض كما أخبرنا الرسول () في حديثه عن علامات الساعة.
وأما عن ماء زمزم ووقفة عرفات ومهنتي الصحفية في الحج فإلي يوميات قادمة بإذن الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.