أحلام بسيطة وخامات أبسط في متناول أيديهم، يفكرون كيف يدبرون لقمة عيش أو يحلمون بتوفير جنيه زائد، وسعيهم لتحقيق هذه الأحلام لا يتوقف، هناك في محافظة كفر الشيخ كان اللقاء ولحظات التعبير عن الآمال عندما التقى وفد الصندوق الدولي للتنمية الزراعية "إيفاد IFAD" مع بعض المزارعين وأصحاب المشاريع الصغيرة، التي تم إنتاجها بناء على مشروع SAIL المدعوم من الصندوق بالتعاون مع الحكومة المصرية. مشروع SAIL هو برنامج انطلق عام 2015، حيث وُقعت اتفاقية بين الحكومة المصرية والصندوق الدولي للتنمية الزراعية لتمويل مشروع جديد بعنوان "الاستثمارات الزراعية المستدامة". وتركز أهداف المشروع على الحد من الفقر، وزيادة الأمن الغذائي لفقراء الريف من الإناث والذكور في مصر، والعمل على أن يصبح صغار المزارعين قادرين على زيادة دخلهم وتحسين ربحيتهم. ويضم المشروع عدة مناطق: وادي الصعايدة ووادي النقرة في محافظة أسوان، ومنطقة غرب الفشن في بني سويف، ومنطقة غرب سمالوط في المنيا، ومطوبس في كفر الشيخ، والفئات المستهدفة هم 40 ألف أسرة ريفية، بالإضافة إلى توفير الدعم للمناطق المجاورة والمرتبطة بهم في صورة خدمات اقتصادية واجتماعية. كانت على رأس الجولة عارضة الأزياء العالمية والناشطة في مجال المناخ، سابرينا ألبا، سفيرة النوايا الحسنة لصندوق "إيفاد IFAD"، وبصحبتها دينا صالح المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا وأوروبا بالصندوق، ومحمد عبدالقادر المدير القطري للصندوق في مصر. • دموع وعناق طويل للتعبير عن الامتنان أم ل3 أبناء قررت منذ ثلاث سنوات أن تحضر ندوة أقامها مشروع SAIL، وتعلق رأسها بالفكرة وقررت تنفيذها، سوسو عبدالكريم، سيدة بسيطة حاولت معاونة زوجها على المعيشة من خلال توفير أسعار أسطوانات الغاز، وبدأت في صناعة وحدة البايوجاز الطبيعية في حظيرة المنزل. قالت "عبدالكريم"، ل"الشروق": "عندما بدأ مشروع SAIL، حضرت ندوات كانت منعقدة في البلد وأُعجبت بالفكرة، وبالفعل المشروع وفر لي الكثير على المستوى المادي، وزاد وعينا نحن ربات المنزل بأهمية استغلال مخلفات الماشية في أمور مفيدة". وأضافت: "حياتنا أنا وبناتي وابني تغيرت كثيرا بعد هذا المشروع الذي وفر لي سعر الغاز المقتطع من رزقنا، وسماد الأرض، وزرعت أشجار فاكهة حول المنزل، وطريقة تنفيذ المشروع تتطلب من ماشيتين إلى 3 مواشي، أجمع مخلفاتها وأقوم بتخميرها والاستفادة من المواد التي تخرج منها في صناعة غاز للمنزل، وهو ما كنت أسعى إليه لتوفير الأموال لزوجي". وفي نهاية اللقاء بين السيدة الريفية وسابرينا ألبا سفيرة النوايا الحسنة لصندوق "إيفاد IFAD"، عانقت كل منهما الأخرى بشدة، وصاحب ذلك دموعا حارة في الوداع، ووجهت "عبدالكريم" كلمات الامتنان والحب ل"سابرينا" ودعتها لتناول حبات البرتقال الناتجة عن زراعة طبيعية بدون مواد كيميائية. • زيارة تنتهي بشراء بعض المقتنيات للذكرى في معرض الصناعات البسيطة، التقى الوفد بمجموعة من السيدات الريفيات اللاتي يعملن في صناعات مثل الخياطة والتطريز وغيرها من الأمور، وقالت إحداهن، التي تدعى مديحة حمدي عبدالرؤوف، ل"الشروق"، إنها تسعى لتحقيق حلم كبير في مخيلتها، ولن تكتفي بما وصلت إليه حتى الآن مع مشروع SAIL. وبدأت قصة مديحة بمعرفة المشروع من خلال جمعية سيدات الريف المصري: "حضرت تدريب خياطة، وهي المهنة التي لدي بعض الخبرة فيها؛ لأني درست جزءا منها في مرحلة الدبلوم الصناعي، وحاليا متزوجة ولدي 4 أولاد، وأنهيت التدريب بامتياز، ثم بدأت تدريب سيدات أخريات، وحصلت على منحة من مشروع SAIL، واشتريت منها 3 ماكينات، ثم اشتريت ماكينة أخرى من دخلي الخاص فيما بعد". سعت مديحة لتعليم ابنتها وأي فتيات أخريات يحتجن للتعلم وتحسين دخلهن، وهي تحاول توفير الأموال لمدارس أبنائها، خاصة وأن زوجها لا يعمل، لذلك تسعى لتقديم منتجات جيدة بسعر التكلفة، وتتنوع منتجاتها بين المفروشات والملابس والتطريز، وتحاول تطوير عملها دائماً، وتحلم في المستقبل أن تتحول الماكينات القليلة إلى مصنع تعمل فيه فتيات القرية. بعد أن استمعت سابرينا للسيدات، قررت أن تشتري عباءة لوالدتها من المجموعة الخاصة بمديحة، والمعروضة ضمن منتجات لسيدات أخرى بعد أن أعجبت بلونها وتطريزها. وأثناء جولة الوفد في أحد الحقول، تحدثنا مع أحد المزارعين، وهو حمادة غلاب، رجل في منتصف العمر ولديه 4 أبناء، وعبر عن سعادته بالمشروع والتغيرات التي طرأت على أرضه بعد تعاونه معهم: "في عام 2000، استلمت هذه الأرض من الحكومة ضمن مشروع استصلاح للأراضي، وكانت الأرض لفترة طويلة معدمة وتفسد بها المحاصيل نتيجة لملوحة المياه الشديدة، ونزرع حاليا محاصيل مختلفة مثل الليمون بأنواعه والبرتقال والمانجو والشعير والفول والخيار والكوسة". وأضاف: "المشروع دفعنا للتطور، لقد ساهم في خفض منسوب المياه الأرضية وتبطين الترع وساعد على أن تصل المياه لمساحات أرض أكبر، بالإضافة للمدارس الحقلية التي أخبرتنا معلومات لم نكن نعلمها عن الزراعة، المعالجة والآفات والمقاومة والأنواع الأفضل للزراعة، بالإضافة إلى الرسائل المدعومة على الهاتف المحمول لإخبارنا بحالة الطقس ونصائح مختلفة للتعامل معه وحماية المحصول". وذلك ما أوضحه المهندس كريم إسماعيل، مدير إدارة المتابعة والتقييم: "هذا الجزء من المشروع يعمل على تبطين المساقي والترع لأنها كانت غير مؤهلة، والمشكلة أن منطقة مطوبس، المتواجدين فيها أثناء هذه الجولة، مستوى الملوحة بها مرتفع جدا ومستوى الأرض أيضا؛ لأنها تقع بين بحيرة البرلس والبحر الأبيض المتوسط، والمشروع اشترى 3 حفارات لتعميق المصارف لتقليل الفقد في المياه وتوصيلها لنهاية الترع، وقمنا بتبطين 35 كم في هذه المنطقة ومناطق أخرى نسعى لتنفيذها". وتابع: "أما الجزء الثاني هو الحقول الإرشادية التي تعظم دور الإرشاد الزراعي من خلال تعريفه بالتقنيات الصحيحة والحديثة للزراعة بواسطة خبراء في المركز القومي للبحوث، وهذه المدرسة مثل المدارس التعليمية العادية بها نسبة حضور وغياب ومتابعة".