فى صفحتها الأخيرة نشرت صحيفة «الدستور» أمس الجمعة خبرا طريفا من المنصورة يفيد بأن الشيخ محمد أحمد عبدالرحمن وكيل وزارة الأوقاف ترشح لانتخابات مجلس الشورى المقبلة بعد أن أستأذن من رسول الله «صلى الله عليه وسلم» وأن الرسول الكريم أذن له. الشيخ محمد قال إن الاستئذان من الرسول تم عبر رجل من المدينةالمنورة التقاه فى مسجد الحسين وطلب منه أن ينادى رسول الله عقب عودته للسعودية ويقول له: إن محمد بن عبدالرحمن ينوى خوض الانتخابات ويريد أن يعرف رأى الرسول». يضيف الشيخ محمد على ذمة الزميل صالح رمضان محرر الدستور أنه تلقى البشرى بعد أن جلب له الرجل السعودى هدية من الكسوة التى تغطى قبر الرسول وعليها بعض الغبار وهو الأمر الذى رأه الشيخ محمد بشرى عظيمة. الذين حضروا المؤتمر الانتخابي للشيخ محمد وعددهم يزيد على 300 مواطن فى قريته بالسنبلاوين قابلوا كلام الشيخ محمد بالهتاف: «الله أكبر.. الله أكبر». انتهى الاقتباس من الزميلة «الدستور»، وشعرت بعد قراءة هذا الخبر أن أمامنا عشرات وربما مئات السنين لكى نتحرك من الواقع المأساوى الذى نعيش فيه مادام مرشحونا فى البرلمان سيكونون إما من نوعية الشيخ محمد الطيب أو الشيخ ممدوح إسماعيل عضو مجلس الشورى قاتل الآلاف أو الشيخ هانى سرور تاجر الدم الملوث، وغيرهم العشرات من الشيوخ البرلمانيين. لا أشك فى سلامة نية الشيخ محمد أحمد عبدالرحمن وطيبته وربما يكون الأفضل لأهالى دائرته، لكن مجمل رسالته لأهالى دائرته هى التى تعطى الفرصة لكل النصابين والمستبدين والطغاة والفاسدين لكى يمارسوا قهرهم ضد الشعب. الرسول عليه السلام قال لنا قبل 1400 عام «إننا أعلم بشئون دنيانا»، وطالبنا بأن نأخذ جوهر الدين لا تفاصيله، وإذا كان عليه السلام قد استجاب لاقتراح سلمان الفارسى بتغيير مكان حفر الخندق أثناء قتال المشركين، فالمؤكد أنه لن يتدخل فى انتخابات مجلس الشورى فى دائرة السنبلاوين. على الشيخ محمد بن عبدالرحمن أن يسأل أهالى دائرته أولا ويشاورهم فى مدى صلاحيته للترشح، وما هو برنامجه التفصيلى، وماذا سيفعل بشأن الصرف الصحى مثلا أو اختفاء أنابيب البوتاجاز، وارتفاع أسعار الحديد والأسمنت، والسر الغريب فى نفوق الدواجن، وما هو رأيه فى الفساد والسرقات والانفراد بالحكم. يمكن للشيخ محمد أن يصلى صلاة استخارة مثلا عن الترشح من عدمه لكن استئذان الرسول فى الترشح سيقودنا إلى دائرة مفرغة ستحيل كل أمور دنيانا التفصيلية إلى انتظار الرؤيا أو انتظار «الكفيل السعودى» الذى سينقل لنا الإجابات. وفى هذه الحالة سوف يظهر استثمار جديد اسمه نقل إجابات الرسول على طلبات السادة نواب الشعب والشورى والمجالس المحلية وسائر الهيئات والمؤسسات التى تحتاج لدراسات قائمة على أساس ما نعيشه من واقع. الكارثة ليست فقط فى كلمات الشيخ محمد القائمة على حسن نيته، لكن فى جمهور الناخبين فى قريته الذى قابل كلماته بالهتاف والتكبير. مع مرشح للبرلمان مثل هذا، ومع جمهور ناخبين مثل هؤلاء.. ما هى حاجتنا لأعداء جدد؟!.