أعلن رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون يوم الجمعة أن لندن اتخذت "القرار الصحيح" بمشاركتها في الحرب على العراق العام 2003، مستهلا إفادته أمام لجنة التحقيق حول هذا النزاع. وقال براون في مستهل إفادته أمام لجنة تشيلكوت حول المشاركة البريطانية إلى جانب الأمريكيين في الحرب على العراق "أعتقد أننا اتخذنا القرار الصحيح للأسباب الصحيحة لأن المجتمع الدولي كان يطلب منذ أعوام (من الرئيس العراقي الراحل) صدام حسين احترام القانون الدولي والالتزامات الدولية التي كان ارتضاها". وأضاف براون الذي كان وزيرا للمال في حكومة توني بلير إبان اندلاع النزاع وخلفه في يونيو 2007 "لم يكن ممكنا في نهاية المطاف، إقناعه (صدام) باحترام القانون الدولي". وهذه هي المرة الأولى التي يدلي فيها براون بشهادة علنية عن دوره قبل وخلال التدخل العسكري البريطاني في العراق في مارس 2003 إلى جانب الأمريكيين. وهي خطوة لا تخلو من مجازفة قبل أسابيع من الانتخابات التشريعية التي يتوقع أن تشهد منافسة حامية. وكان نحو ثلاثين متظاهرا في انتظار براون لدى وصوله إلى مركز الملكة إليزابيث الثانية للمؤتمرات في وسط لندن، وهو مقر اللجنة منذ بدء جلسات الاستماع العلنية مع نهاية 2009. وارتدى أحد المتظاهرين قناعا يمثل وجه جوردن براون ملطخا بالدماء فيما رفع شيكا يحمل آثار دماء وتوقيع "الحرب في العراق" بقيمة 8.5 مليارات جنيه استرليني (9.83 مليارات يورو). ويشكل هذا المبلغ بحسب مجموعة "أوقفوا الحرب" (ستوب ذي وور) التي نظمت التجمع الكلفة الإجمالية التي تكبدتها بريطانيا في "حربها غير القانونية على العراق". وعلى غرار سلفه توني بلير الذي أدلى بشهادته في نهاية يناير، أكد براون أن لندن سعت حتى النهاية إلى حل دبلوماسي. وقال "حتى اللحظة الأخيرة، حتى نهاية الأسبوع الأخيرة، أعتقد أن عددا منا أملوا بنجاح النهج الدبلوماسي". وكان العديد من المسئولين العسكريين انتقدوا براون، في مقدمهم وزير الدفاع السابق جيف هون، لرفضه منح الجيش موازنات إستراتيجية قبل وخلال الحرب على العراق. وفي تصريح لصحيفة (تايمز) نشرته صباح الجمعة، اعتبر رئيس الأركان البريطاني السابق اللورد تشارلز جوثري أن المبالغ غير الكافية التي رصدها براون حين كان وزيرا للمال أدت إلى مقتل جنود بريطانيين في العراق وأفغانستان. وأمام اللجنة، كرر رئيس الوزراء مرارا أنه أكد لهون في مناسبات عدة أن "الإمكانات الضرورية ستكون متوافرة"، وأن أي "قيود مالية لن تمنعنا من القيام بما هو ضروري على الصعيد العسكري". وأعلن أنه ناقش الموضوع منذ يونيو 2002 مع هون، مضيفا "قلت أنني لن أحاول استبعاد أي خيار عسكري بذريعة الكلفة". وأكد أن "أي عملية في العراق لم تعان (مشاكل مالية) بسبب التزاماتنا في أفغانستان أو أمكنة أخرى". وفي شأن أسلحة الدمار الشامل التي اتهم العراق بامتلاكها وتبين لاحقا أنها غير موجودة، أوضح براون أن الاجتماعات الخمسة التي عقدها مع أجهزة الاستخبارات دفعته إلى "الاعتقاد أن العراق يشكل تهديدا". وتابع أنه يوم 17 مارس، عشية تصويت البرلمان على المشاركة البريطانية في النزاع الذي بدأ في العشرين من الشهر نفسه "لم يكن لدي أي انطباع أنني تلقيت معلومات غير ملائمة (...) كنت موافقا تماما على ما تم القيام به". في المقابل، أقر براون بأن إعادة الإعمار افتقرت إلى التحضير، معتبرا أنه كان حريا بالأمريكيين "أن يتعاملوا مع هذه المشكلة بجدية اكبر". وأضاف "بدأنا (هذه العملية) قبل بضعة أشهر من (التدخل العسكري) ولكن كان علينا إقناع الآخرين"، مقدرا كلفة إعادة الإعمار ب45 مليار جنيه إسترليني. وشدد براون على ضرورة "إشراك سكان البلاد سريعا (في إعادة الإعمار) وإلا أصبحنا في شكل سريع جيش احتلال بدل أن نكون جيش تحرير. ولم نرد يوما أن نكون جيش احتلال".