بالتزامن مع انطلاق مؤتمر الأممالمتحدة لتغير المناخ COP27، المقرر عقده فى مدينة شرم الشيخ من يوم 6 إلى 18 نوفمبر الجارى، أصدرت دار الشروق كتاب الأطفال الجديد «ما هو التغير المناخى؟»، من تأليف ناشط البيئة الكولومبى الصغير «فرانسيسكو بيرا منثاناريس»، بمصاحبة رسومات الفنان الكولومبى لويليز تافور، وترجمة د. سلوى محمود. ورغم صغر سنه، فإن فرانسيسكو بيرا منثاناريس، الطفل ذا الوجه الباسم والنظارة السميكة، البالغ من العمر 13 عاما، يشارك فى مؤتمر COP27 وهو يعتبر واحدا من أكثر النشطاء المحبوبين فى كولومبيا وفى العالم فى الكفاح ضد تغير المناخ، كما تم تعيينه سفيرا للنوايا الحسنة فى عام 2019 من وفد الاتحاد الأوروبى فى كولومبيا عندما كان عمره أقل من 11 عاما فقط. قام فرانسيسكو بالعديد من الأنشطة البيئية محليا وقوميا وعالميا فى موضوعات مثل: حظر التجارب على الحيوانات، واستخدام البلاستيك لمرة واحدة، وإعلان حالة الطوارئ المناخية. كما ألقى محاضرات فى أكثر من مائتى مدرسة فى كولومبيا وأمريكا اللاتينية من خلال مشروع «التعليم البيئى هو التعليم من أجل الحياة». خلال العام الجارى نجح فرانسيسكو فى نشر كتابه الأول للأطفال «ما هو التغير المناخى؟» باللغة الإسبانية، بهدف فهم ماهية تغير المناخ بصورة واضحة وبسيطة وبشكل أفضل، ويجيب من خلاله على عدة أسئلة تخص المُناخ، منها: «لماذا يزداد كوكب الأرض سخونة؟ هل الغازات الدفيئة أشرار عصرنا؟ كيف تؤثر أزمة المناخ على النباتات والطيور؟ كيف يمكن تقليل البصمة الكربونية (كمية ثانى أكسيد الكربون التى ينتجها الإنسان أو المصنع أو البلد)؟ كيف يمكن مساعدة الأرض والبيئة؟ لماذا يجب أن يرفع البشر أصواتهم من أجل الكوكب»، كل ذلك بمصاحبة رسومات معبرة وجذابة للرسام الكولومبى لويليز تافور. يدعو فرانسيسكو الأطفال فى بداية كتابه إلى الانضمام لحركة «حُراس الحياة Guardianes Por La Vida» للأطفال والشباب، وهى حركة بيئية أسسها فرانسيسكو فى المكان الذى يعيش فيه للعمل من خلالها على تشجيع الجميع على التفكير فى شئون البيئة والعمل من أجل الحياة، والبحث عن خلق وعى بتغيرات المناخ وأهمية العناية بالأرض، والدفاع عن قيمة الحياة بكل مظاهرها ومن أجل ظروف كريمة للأشخاص والحيوانات والأرض، كذلك مطالبة الحكومات بتنفيذ سياسات تسهم فى التقليل من تأثير التغير المناخى، ومطالبة الصناعات الكبرى أن تقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، وينتمى إلى تلك الحركة ما يقرب من 450 طفلا من كولومبياوالمكسيك والأرجنتين، وتمتد نشاطاتها فى عدد كبير من المدارس لتوعية الأطفال بمخاطر التغير البيئى، وتعريفهم بالطرق التى يمكنهم من خلالها المساهمة فى المحافظة على بيئتهم، وتوعية أقرانهم فى نفس الوقت. كما تسمح الطريقة التفاعلية التى يتميز بها الكتاب، للأطفال بالمشاركة فى أنشطة مختلفة فى الكتاب، الذى يقع فى 56 صفحة، إلى جانب القراءة والاستمتاع بالمعلومات عن البيئة والطقس والمناخ وكوكب الأرض بشكل عام، حيث يدعو فرانسيسكو أقرانه الأطفال من القراء إلى مصاحبته فى جولة خلال صفحات الكتاب، بوصفهم حُراس الحياة، للقاء 7 شخصيات أثرت فيهم أزمة المناخ، وبالتزامن مع تلك الجولة يحكى عن الأسباب الممكنة للتغير المناخى إلى جانب معلومات مفيدة وتعلم بعض الأدوات لمواجهة الأزمة المناخية «بعزم وأمل»، حسب قوله، ثم تنتهى الجولة بأنشطة تفاعلية يطلب فيها من الأطفال الكتابة عن بيئتهم وأسباب التغير المناخى بها وملاحظاتهم عن ذلك وأفكارهم لمواجهة هذا التغير. تبدأ الجولة مع الشخصية الأولى: كوكب الأرض، حيث يعرب الكوكب عن قلقه من التغيرات التى تطرأ عليه، خلال الحوار الذى يجريه معه فرانسيسكو والأطفال، ويوضح أنه مريض بالاحتباس الحرارى، ومن هنا ينطلق فرانسيسكو للتفرقة بين المناخ والطقس، ويدعو الأطفال إلى الكتابة عن حال المناخ فى الأمكنة التى يعيشون فيها. ثم يتجه إلى ثانى أكسيد الكربون، حيث يلتقيه فى المكسيك، البلد صاحب أكبر قدر من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، وخلال تلك الجولة يقدم تعريفا للاحتباس الحرارى والغازات المسببة له، وكذلك تعريف البصمة الكربونية وإجراءات التقليل منها. الشخصية التالية هى «مستنقع سومباز» الذى يقع على بُعد ساعات قليلة من بوجوتا فى كولومبيا؛ حيث إنه أكبر مستنقع فى العالم ويُعد مكانا فريدا بسبب تنوعه البيولوجى، والذى أبدى تخوفه فى الحوار المتخيل من استمرار ارتفاع درجات الحرارة والتى سينتج عنها الجفاف. وفى هذا الفصل يشرح فرانسيسكو أهمية المستنقعات للتوازن البيئى والتربة وكذلك الكائنات الحية التى تعيش فيها. يستمر فرانسيسكو فى جولته ليقابل إحدى الأشجار داخل غابة، ويناقش من خلالها موضوع إزالة الغابات وتأثيره على ارتفاع درجات الحرارة، ثم ينتقل إلى حوار مع أحد المحيطات ويتعرض من خلال ذلك إلى نظامه البيئى والكائنات التى تعيش فيه، ثم أزمة إلقاء أطنان من البلاستيك فى البحار والمحيطات. ثم يكمل فرانسيسكو مقابلاته مع الطيور الطنانة ثم كوكب المريخ فى الفضاء الخارجى، وفى النهاية يطلب من قرائه أن يكتبوا عن أفكارهم تجاه كوكب الأرض فيما أسماه «يوميات المشاعر» وأفرد له مساحة فارغة للكتابة التفاعلية. يقول فرانسيسكو عن سبب تحوله إلى «حارس للحياة»، فى مقدمة الكتاب: «منذ أن أصبح لدَّى ذاكرة وأنا أعيش مسحورًا بكوكب الأرض: الحيوانات، والنباتات والبشر الذين يعيشون عليها. لألحظهم وأشاركهم الوقت لأننى فهمت أن هذا الكوكب هو للجميع، وعلينا أن نتعايش باحترام بعضنا البعض. هكذا كان تحُّولى إلى حارس للحياة. إذا كان هذا الكتاب بين يديك؛ فهذا لأنك أيضا تحب الأرض ويهمك مستقبلها. ربما تقرؤه لأنك سمعت كثيًرا عن التغُّير المناخى، ولكنك ما زلت لا تعرف ما هو، وما أسبابه وما الذى عليك فعله تجاه ذلك». يقضى فرانسيسكو بيرا منثاناريس وقته فى قراءة كتب التاريخ والجغرافيا، وهى الموضوعات التى تعبر عن شغفه، والذى يعكسها حسابه النشط على تطبيق التواصل الاجتماعى «إنستجرام»؛ حيث يتابعه ما يقرب من 150 ألف متابع، ويغطى من خلاله كافة أنشطته فى مجال البيئة، كما نجح فى لقاء الناشطة البيئية السويدية جريتا ثورنبرج، فى نوفمبر 2021، خلال مؤتمر تغير المناخ COP26 الذى أقيم فى جلاسكو، حيث قالت له إنه مصدر إلهام لكثير من شباب العالم «وخاصة لى، لا تتوقف أبدا». وعلى الرغم من لقائهما فى عام 2021، إلا أن علاقتهما تعود إلى عام 2019، عندما أيدت ثورنبرج حركة «حراس الحياة» لتصبح بعدها فرعا من حركة «Fridays For Future» العالمية التى أسستها ثورنبرج بالسويد فى أغسطس من عام 2018. فى خاتمة الكتاب، يقتبس فرانسيسكو قول الكاتب وعالم الفلك الأمريكى كارل ساجان: «كوكبنا هو بقعة صغيرة متوحدة فى هذا الظلال الكونى الكبير. لا توجد فى ظلامنا، فى هذا الاتساع، إشارة واحدة على أنه ستصلنا من مكان ما مساعدة لإنقاذنا من أنفسنا. الأرض، حتى الآن، هى العالم الوحيد المعروف الذى يأوى الحياة. لا يوجد أى مكان آخر، على الأقل فى المستقبل القريب، يمكن لنوعنا الإنسانى أن يهاجر إليه. يزوره نعم، ولكنه لا يستقر فيه. يعجبنا أو لا يعجبنا، فإن الأرض حتى الآن هى المكان الوحيد الذى يمكننا البقاء فيه». إذا كان هذا الكتاب بين يدى طفلك، فذلك لأنه ربما سأل نفسه الأسئلة التى يناقشها الكتاب، وربما لديه بالفعل فكرة عن تغيّر المناخ ويريد التعرف على المزيد من أسبابه، وهكذا سيجد بعض الأفكار للمساهمة فى شفاء الكوكب وإنقاذه.