"الأشخاص الذين يتناولون الطعام في وقت متأخر من الليل يزداد وزنهم"، هذه من أكثر العبارات المنتشرة بين الناس حول إنقاص الوزن، ولكن هل هي دقيقة؟ وما علاقة تناول الطعام في وقت متأخر من الليل بزيادة وزن الجسم وارتفاع خطر الإصابة بالسمنة؟ شرعت دراسة أمريكية حديثة في الكشف عن العلاقة المذكورة، ووجدوا أن تناول الطعام بعد 4 ساعات من موعد النوم قد يغير العديد من الآليات الفسيولوجية والجزيئية التي تميل إلى زيادة الوزن، بحسب مقال لأليكس جونستون، متخصصة في التغذية بجامعة أبردين، المنشور في منصة "ذا كونفيرزيشن". ولإجراء الدراسة، كان لدى الباحثين 16 مشاركًا يتبعون جدولين مختلفين للوجبات، لمدة 6 أيام، البروتوكول الأول جعل المشاركين يتناولون وجباتهم في وقت مبكر من اليوم مع تناول الوجبة الأخيرة قبل نحو 6 ساعات و40 دقيقة من موعد النوم، أما الثاني جعل المشاركين يتخطون وجبة الإفطار، وتناولوا وجبة واحدة في العشاء، ووجبتهم الأخيرة كانت قبل ساعتين ونصف فقط من النوم. أجريت الدراسة في معمل خاضع للرقابة، تضمن أن المشاركين في كل مجموعة تناولوا نظامًا غذائيًا متطابقًا، ولفهم مدى تأثير الأكل المتأخر على الجسم، ركز الباحثون على 3 مقاييس مختلفة مرتبطة بزيادة الوزن: وهي تأثير الشهية، وتأثير وقت الأكل على حرق السعرات الحرارية، والتغيرات الجزيئية من الأنسجة الدهنية. قيست الشهية باستخدام طريقتين، الأولى هي جعل المشاركين يقيمون شعورهم بالجوع على مدار اليوم، والثانية هي جمع عينات الدم لفحص مستويات الهرمونات المنظمة للشهية في دم المشاركين، مثل الليبتين -الذي يساعدنا على الشعور بالشبع- والغريلين -الذي يجعلنا نشعر بالجوع- وقُيمت الهرمونات كل ساعة على مدار فترة 24 ساعة خلال اليوم الثالث والسادس من كل تجربة. ولتقييم تأثير توقيت الوجبة على حرق السعرات الحرارية، من خلال قياس كمية الأكسجين التي يستخدمها الشخص، بالإضافة إلى كمية ثاني أكسيد الكربون التي ينتجها، يساعد هذا الباحثين على تقدير عدد السعرات الحرارية التي يستخدمها جسم الشخص طوال اليوم. ولدراسة كيفية تأثير تناول الطعام في وقت متأخر من الليل على طريقة تخزين الجسم للدهون على المستوى الجزيئي، أجرى الباحثون خزعة -أخذ عينة من خلايا أو أنسجة ليتم فحصها- من الأنسجة الدهنية المأخوذة من البطن، ووافق نصف المشاركين فقط على هذا الإجراء. وجد الفريق أنه مقارنة بنمط الأكل المبكر، فإن تناول الطعام المتأخر لا يزيد فقط من الشعور الشخصي بالجوع في اليوم التالي، بل إنه يزيد أيضًا من نسبة هرمونات الجوع في الدم، على الرغم من تناول المشاركين نظامًا غذائيًا متطابقًا في كلا البروتوكولين. وتسبب الأكل المتأخر أيضًا في انخفاض عدد السعرات الحرارية التي تم حرقها في اليوم التالي، وذلك في المشاركين الذين أجروا خزعة الأنسجة الدهنية، وتبين أيضًا أن الأكل المتأخر يتسبب في تغيرات جزيئية تعزز تخزين الدهون. وتشير جميع هذه النتائج إلى أن الأكل المتأخر يؤدي إلى عدد من التغيرات الفسيولوجية والجزيئية التي يمكن أن تؤدي بمرور الوقت إلى زيادة الوزن. علقت جونستون على النتائج: "نظرًا لأن الدراسة الجديدة أجريت فقط على عدد محدود من المشاركين وعلى مدى فترة زمنية قصيرة جدًا، ستكون هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم ما إذا كانت هذه التغييرات مؤقتة فقط، وما الذي يؤثر على تناول الطعام في وقت متأخر من الليل على المدى الطويل، لكننا نعلم من دراسات أخرى أن الأشخاص الذين يميلون إلى تناول الطعام في وقت متأخر من المساء تكون نسبة زيادتهم في الوزن أكبر".