متلازمة القلب المنكسر لدى المرأة إحدى الظواهر العلمية التى رصدها العلم بدقة دون أن يعرف لها سببا واضحا أو يجد لها تفسيرا قاطعا. تجلت الحيرة فى تسمية تلك الظاهرة بأسماء متعددة تبدأ باعتلال تاكو تسيبو للقلب Tako Tusubo Cordiamyopathy أو تضخم البطين الأيسر Balloning apex. تاكو تسيبو فى الأصل كلمة يابانية تصف أحد الأوعية التى تستخدم فى اليابان لصيد الأخطبوط وقد أطلقها البروفيسور «ساتو» طبيب القلب اليابانى الذى وصف تلك الحالة للمرة الأولى عام 1991 كحالة طبية مستقلة بذاتها من حالات هبوط عضلة القلب. أما السبب وراء التسمية فيرجع إلى أن شكل البطين الأيسر فى الصور التى التقطت له باستخدام القسطرة القلبية عند انقباضه تشبه تماما تلك المصيدة المستخدمة لأسر الأخطبوط. البطين الأيسر مسئول عن دفع الدم بقوة فى شريان الأورطى عبر صمام الأورطى تمكنه من الاندفاع فى كل شرايين الجسم وهو مهيأ تشريحيا لتلك المهمة بتركيبة عضلية قوية على شكل مخروط رأسه أو قمته كما يطلق عليها لأسفل وقاعدته لأعلى. فى حالة القلب المنكسر يتقلص البطين الأيسر عن قمته بصورة تفوق قدرته على التقلص فى الأحوال الطبيعية الأمر الذى يمنحه شكلا فريدا متقلصا عند قمته منتفخا كالبالون عند قاعدته ليطلق عليه اسم ثالث Apical Balloning Syndrom أما الاسم الرابع الذى قد يمس كل القلوب فهو أكثر إنسانية وملائمة للحالة فهو القلب المكسور أو Broken Heart Syndrom. كيف تبدأ القصة؟ تبدأ الأعراض بألم حقيقى يعتصر القلب إثر التعرض لأى من مظاهر التوتر أو القلق الذى تواجهه المرأة وفقا لشخصيتها. يبدأ الأمر إثر صدمة عاطفية تقلب موازين النفس أو تصعق القلب. الأمر المميز أيضا أن هناك تفاوتا بين ما وصفته السيدات اللائى خضعن للفحوصات الطبية من أنواع للتوتر والألم بدأت بفقدان عزيز أو إجراء جراحة أو اكتشاف إصابتها بالسرطان إلى أن انتهت بالخوف من زيارة طبيب الأسنان أو سماع صوت عالٍ مزعج أو الخوف من عقاب رئيس فى العمل. ألم حقيقى إضافة إلى أعراض تكاد تتطابق وأعراض الذبحة الصدرية أو النوبة القلبية من تسارع دقات القلب وانخفاض الضغط وضيق التنفس والإحساس بالإجهاد المفاجئ والعرق الغزير واصفرار الوجه. تشكل تلك الأعراض خطورة حقيقية على حياة المرأة خلال الثمانية والأربعين ساعة الأولى ويستعدى الأمر أحيانا التدخل للإسعاف السريع. إذا مرت تلك الساعات بخير بدأ التعافى تدريجيا حتى تمام الشفاء بصورة كاملة. تبقى حقائق علمية مصدرا للحيرة والتساؤل يمكن رصدها خلال تلك الأزمة الصحية: 1 إذا أجرى تخطيط لكهربة القلب (رسم قلب) فإنه يظهر تغيرات مماثلة تماما لما يصاحب الذبحة الصدرية من تغيرات الأمر الذى يعكس نقصا فى تروية عضلة القلب فى تلك اللحظة وينتج عنه جلطة الشريان التاجى إذا لم يتلقَ الإنسان إسعافا فاعلا. 2 تحاليل الدم تشير أيضا إلى ارتفاع نسبة الإنزيمات التى ترتفع فى النوبات القلبية الأمر الذى يعكس تلفا فى أنسجة القلب فى الموضع الذى ينحسر عنه مدد الدم الكافى لاحتياجاته. الأمر المذهل أنه عند إجراء قسطرة قلبية للتحقق من سبب فشل عضلة القلب البادى والذى يعكس نقص الدم السارى إليها والذى يمكن أن يسفر عن أعراض ذبحة صدرية مستقرة أو غير مستقرة (التى تحدث دون التعرض لمجهود) أو نوبة قلبية فإن الصورة تبدو واضحة تماما بلا لبس: شرايين تاجية سليمة لا ضيق فيها ولا معالم جلطة. ماذا يحدث إذن؟ ولماذا المرأة دون الرجل؟ لأن الملاحظة الدقيقة الموثقة بالأبحاث الطبية والمعملية المختلفة تؤكد أن هناك مؤشرات حقيقية للمعاناة والألم وأن هناك فترة تعانى فيها عضلة القلب من نقص فى الدم الوارد إليها الأمر الذى يحدث تلفا فى خلاياها ويقودها إلى فشل مؤقت فى أداء مهامها فإن الأمر يبدو محيرا للغاية فى وجود شرايين سليمة لا أثر فيها لضيق أو اختناق. لكن فى كل الأحوال الثابت أن كل تلك التداعيات تحدث إثر التعرض لوقت عصيب أو المعاناة من ألم نفسى أو توتر بالغ. تتعدد النظريات والتكهنات ومنها أن ذلك ينجم عن زيادة حادة مفاجئة فى هورمونات التوتر تصعق قلب المرأة! منها أيضا أن هناك بروتينات تفرز فى الدم تسبب تقلصا فى الشرايين تحدث ذلك الأثر من نقص الدم الوارد لعضلة القلب سرعان ما يزول كما جاء فجأة. ملاحظة أن انكسار القلب يحدث أكثر لدى السيدات فى سن تجاوزهن الخمسين وما يليها من سنوات قد يدعو البعض للتفكير فى أن السبب هو انحسار مستوى هورمون الاستيروجين ربما! ما زال الأمر قيد البحث. كيف إذن يعالج انكسار قلب المرأة؟ الواقع أن العلاج فى غياب معرفة السبب الحقيقى يجعل الأمر متروكا تماما لمهارة طبيب القلب وقدرته على اكتساب ثقة مريضته لتهديه سبب الهدوء الكاذب الذى يسبق العاصفة. علاج الأعراض كاستخدام أدوية مثبطات البيتا (Beta Blockers) ومدرات البول قد تبدو مفيدة أحيانا إذ إنها تقاوم أثر هورمونات التوتر كالأدرينالين الأمر الذى قد يمنع تكرار الأزمة ويقى منها لفترات تطول. العلاج النفسى وتدريب المرأة على كيفية مواجهة الأزمات النفسية ونوبات التوتر المفاجئة التى قد تعتريها لأى سبب. التمارين النفسية على مواجهة الناس والمجتمع قد تفيد أيضا فى تفادى نوبات القلق التى تمهد لتداعيات لاحقة. متلازمة انكسار قلب المرأة حقيقة لا تقبل الجدل فى جلاء أعراضها لكنها ما زالت تقبل الشك فى أسبابها. لماذا المرأة دون الرجل؟ لماذا تتفاوت الأعراض ونوعية وأثر القلق والتوتر من امرأة لأخرى؟ لماذا تصمد امرأة وتستلم أخرى؟ علامات استفام كثيرة وأسرار وطلاسم تلف المرأة وقلبها فى عزة أو انكساره علمها عند خالقها وحده جل شأنه. بعض أمثلة مختلفة الأثر والسبب لأشكال التوتر والضغوط النفسية التى قد تتسبب فى انكسار قلب المرأة: الانخفاض المفاجئ لضغط الدم. مواجهة مرض خطير كالسرطان أو ضرورة إجراء جراحة أو اختبار طبى كرسم القلب مع المجهود. أى ألم حاد كالصداع النصفى. التعرض للعنف المنزلى. نوبة من الحساسية أو الربو. حوادث السيارات أو الحريق. فقدان صديق أو عزيز بالوفاة أو الرحيل. مشاحنات فى المنزل أو العمل. خوف شديد كأوقات الترقب لأبنائهن. خسارة مالية موجهة. موقف مفاجئ غير متوقع كخيانة الزوج أو غدر الأصدقاء. المصدر: جميعة أطباء القلب الأمريكية والدورية العلمية American Heart Journal