الحشرات والعناكب ارتبطت بمفاهيم مثل الموت والشر والشيطان فى الثقافة الأوروبية والآن تمكّن الفنانون من تقدير الجمال الذى لم يكن واضحًا للعيان فى واقعة عجيبة من نوعها، قرر المتحف الوطنى الهولندى السماح للحشرات والعناكب بالانتشار والتكاثر فى الشقوق والأركان على مدار الأشهر الثلاثة الماضية وذلك من أجل معرض فنى يهدف لاستكشاف تاريخ الحشرات والزواحف فى الفن والعلوم عبر العصور. وقالت مساعدة أمين المتحف، جوليا كانتيلبيرج، إن طاقم التنظيف بالمتحف تلقى أوامر صارمة بعدم استعمال أية مكانس كهربائية أو أية أدوات أخرى للتنظيف، كما شجعهم على الفكرة أحد الفنانين المشاركين فى المعرض، وهو الفنان الأرجنتينى المقيم فى برلين، توماس ساراسينو، حيث حثهم على ترك شبكات العناكب تتراكم أينما ظهرت. وقالت إنه يتم التعامل مع خيوط العنكبوت حاليًا على أنها «قطع فنية» يتم الاحتفاء بها والتعامل معها بشكل لا يقل أهمية بمكان عن التعامل مع الأعمال الفنية المرموقة الأخرى، على غرار لوحة «الحارس الليلى» للفنان الهولندى «رامبرنت» أو لوحة «ساقية الحليب» للفنان الهولندى، يوهانس فيرمير، وهما اثنتان من روائع المتحف الرئيسية. وأردفت: «إن هذا يشكل تحديًا لنا داخل متحف ريجكس؛ حيث توجب علينا تغيير إجراءاتنا وتوسيع وجهات نظرنا وعدم إزالة العناكب وشبكاتها قبل افتتاح المعرض بثلاثة أشهر»، وتابعت: كنت أتجول أسبوعيًا منذ ذلك الحين داخل أرجاء المتحف لاستكشاف الأماكن التى بدأت فيها خيوط العنكبوت فى الظهور، نقلًا عن صحيفة الجارديان البريطانية. كما كشفت إدارة المتحف أيضًا عن أنها تهدف من خلال المعرض الفنى العجيب المقرر افتتاحه فى الثلاثين من شهر سبتمبر الجارى إلى تغيير المفهوم السائد من كره واحتقار الحشرات؛ حيث سيُطلب من رواد المعرض إعادة النظر فى مشاعرهم تجاه الحشرات من جميع الأشكال والأحجام، ففى العصور الوسطى، ارتبطت السحالى والحشرات والعناكب بمفاهيم مثل الموت والشر والشيطان فى الثقافة الأوروبية، ولكن المعرض أشار إلى أنه فى القرنين السادس عشر والسابع عشر بدأت تلك الفكرة فى الاختلاف قليلًا بعد اختراع المجهر الإلكترونى وتمكُّن الفنانين والعلماء من فحص عالم الحشرات تحته، وبالتالى تقدير الجمال الذى لم يكن واضحًا للعيان. ومن بين الأعمال المعروضة فى المعرض: لوحة فنان عصر النهضة الألمانى، ألبريشت دورر، لخنفساء الأيل، التى رسمها عام 1505، وقالت «كانتلبيرج»: «إن المعرض سيركز على فترة الانتقال تلك من تصوير الحشرات فى الرسم فى العصور الوسطى وحتى الفترة الحديثة المبكرة مع اختراع المجهر الإلكترونى والتغيرات التى طرأت بالتبعية على ذاك النوع من الفنون». وأوضحت «كانتلبيرج» أن المعرض سيلخص افتتان العلماء والفنانين بالعالم الساحر لتلك الكيانات الصغيرة التى تحيا معنا على الكوكب، وأفادت أن «ساراسينو» سيشارك بمنحوتة مصنوعة من الحرير المنسوج المُستخلص من أربعة أنواع من العناكب المحلية فى استوديو الفنان فى برلين، وعن ذلك قال الفنان: «إننى فى واقع الأمر لا أنسب هذا العمل الفنى لنفسى؛ فالعناكب الذين قاموا بغزل الحرير هم الفنانين الحقيقين». كما أعقب «ساراسينو»، الذى سمح للعناكب بالانتشار فى منزله أيضًا، أن الأرض فى الأصل ملك للحشرات واللافقاريات والزواحف التى وجدت على سطحها آلاف الأعوام قبل خلق الإنسان؛ وبالتالى فالبشر هم الضيوف وليس العكس، مشيرًا بذلك لضرورة تعلمنا التعايش مع تلك المخلوقات بدلًا من رؤيتها كآفات ومحاولة قتلها. وقال: «كانت العناكب موجودة على الكوكب منذ ما يقرب من 280 مليون سنة ونحن لم نتعدَ حاجز ال 300000 سنة فى تواجدنا على الأرض؛ وبالتالى فإن للعناكب الحق أيضًا فى القدوم إلى المتحف والمشاركة فى الفن». وتشمل الأعمال الأخرى المعروضة منحوتة تركيبية تحمل اسم «كاسا تومادا» للفنان الكولومبى رافائيل جوميزباروس والتى تجسد سربًا من النمل المنحوت العملاق.