قالت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، إن مصر تسعى دائما بخطوات متسارعة لدمج البعد البيئي فى كل قطاعات الدولة بهدف تحقيق الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية، وتحقيق التنمية المستدامة، والانتقال العادل إلى الاقتصاد الاخضر. وأشارت إلى أن ورشة العمل التى تنظمها اللجنة العليا للإصلاح التشريعي اليوم هي أكبر دليل على أهمية دمج البعد البيئي فى كل القطاعات، حيث يعزز ذلك من أهمية الاستثمار فى البيئة وخلق وتوفير فرص عمل بالتوازي مع الحفاظ على الموارد الطبيعية والحد من كل مصادر التلوث التى بشكل مباشر تؤثر على البيئة. جاء ذلك خلال كلمة الوزيرة فى ورشة عمل حول "البيئة وتغير المناخ" بحضور المستشار عمر مروان وزير العدل، ومقرر اللجنة العليا للإصلاح التشريعي، والمستشار علاء الدين فؤاد وزير شئون المجالس النيابية. وأضافت أن مصر كانت من أوائل الدول التى أدركت أهمية وجود التشريعات البيئية لفرضها لحماية البيئة والتقليل من المخاطر والأضرار السلبية عليها، حيث حرصت اولا على الانضمام لكل المواثيق والمعاهدات الدولية المعنية بحماية البيئة، ولعل أبرز هذه الاتفاقيات والمعاهدات اتفاقية الأممالمتحدة الخاصة بالتغيرات المناخية، واتفاقية الأممالمتحدة الخاصة بالتنوع البيولوجي، واتفاقية الأممالمتحدة للتصحر، التى كانت هي الأساس لدفع وخلق عجلة التنمية المستدامة على المستوى العالمي. وأوضحت أن مصر على المستوى الوطني أكدت بدستورها على الحق فى البيئة واعتبار حمايتها واجب وطنى وإلزام الدولة باتخاذ كل التدابير اللازمة للحفاظ على البيئة، وعدم الإضرار بها بل السعي لتنميتها لضمان حق الأجيال القادمة، فضلا عن ذلك صدور عدد من التشريعات التى نظمت حماية البيئة والتى كان من أهم هذه التشريعات القانون الخاص بالمحميات الطبيعية الصدار برقم 102 لسنة 1983 الذي سلط الضوء على أهمية المحميات الطبيعة وكيفية حمايتها، وقانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 والذى فرض بموجبه حماية البيئة. كما جاء مؤخرا قانون تنظيم إدارة المخلفات الصادر بقانون رقم 202 لسنة 2020 والذي كان له الريادة كأول قانون موحد لتنظيم إدارة المخلفات بكل أشكالها والعمل على حل مشكلة تراكم المخلفات والتخلص منها بطرق آمنة، وإنشاء جهة متخصصة تكون مسئولة عن التخطيط والإشراف والرقابة على منظومة إدارة المخلفات وتحديد الأدوار والمسئوليات لها. وأردفت أن تشريع كل هذه النصوص جاء بغرض فرض الحماية للبيئة والعمل على تنميتها واستدامة الموارد الطبيعية، وكذا حماية المواطن المصري من الأضرار الناتجة عن التلوث، وتأكيد حقه فى العيش فى بيئة صحية سليمة، التى أوضحت من الحقوق الأساسية له، كما أنه من أغلى القيم التى تسعى الدولة جاهدة لحمايتها إيماناً منها بأنه لا حياة بدون بيئة نظيفة وصحية. وأضافت أن من أهم القضايا التى توليها الدولة اهتماما شديدا هى قضية التغيرات المناخية والأضرار الناتجة عنها، حيث تعد هذه الظاهرة من أهم الظواهر التى تواجه العالم أجمع وتمثل تهديدا لكافة الدول والشعوب، لأنها ببساطة تؤثر على حق المواطن فى الحياة وحقه فى التنمية وتؤثر على كل الأمور الخاصة بحياته من المأكل والمشرب وتعرضه للخطر، والأكثر من ذلك تهديدها لأماكن ومناطق بعينها وأكملها. وأشارت إلى أن هذا الأمر جعل الدولة المصرية تقوم باتخاذ العديد من الإجراءات لمجابهة هذه القضية ومنها إنشاء المجلس الأعلى للتغيرات المناخية بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء 2015 والذي تم إعادة تشكليه فى 2019 ليكون برئاسة دولة رئيس مجلس الوزراء وعضوية الوزراء المعنيين وأصبح هو الجهة المعنية برسم السياسات العامة فيما يخص التعامل مع التغيرات المناخية والعمل على وضع وتحديث الاستراتيجيات الخاصة بها. وتابعت أن الدولة المصرية قامت بإطلاق الاستراتيجة الوطنية لتغير المناخ 2050 من أجل التصدي لآثار تغير المناخ وتمكين الدولة من تخطيط وإدارة هذا الملف بهدف تحقيق نمو اقتصادي مستدام، والتكيف مع التغيرات المناخية وتحسن حوكمة وادارة العمل فى هذا الملف، كما قامت مصر بإطلاق خطة تحديث المساهمات المحددة وطنيا انطلاقا من التزامها فى اتفاق باريس وذلك قبل الموعد المحدد لها فى نوفمبر 2022 لتكون مصر بذلك أول دولة تقوم بهذا التحديث وتقديمه قبل الموعد المحدد له. كما تم العمل على التحول إلى الاقتصاد الأخضر ودمج البعد البيئي فى كل المجالات ومنها على سبيل المثال وليس الحصر إصدار السندات الخضراء التى ترتبط بمشروعات خاصة بمواجهة التغيرات المناخية سواء فى التخفيف أو التكيف وتخضير الموازنة العامة للدولة؛ للوصول إلى نسبة 100% مشروعات خضراء بحلول عام 2030. وأشارت إلى استضافة مصر مؤتمر الأممالمتحدة للتغيرات المناخية cop27 في نوفمبر القادم بوصفه أكبر مؤتمر للتعاون متعدد الأطراف على مستوى العالم والأممالمتحدة وذلك انطلاقا من دور مصر الريادي بالقارة الإفريقية، حيث تؤكد تلك الجهود على حرص الدولة المصرية واهتمامها بقضية حماية البيئة بصفة عامة والتصدي لآثار تغير المناخ. ونوهت بأن حماية البيئة وتنميتها ومواجهة التغيرات المناخية مسئولية الجميع وتتطلب تضافر كامل المؤسسات الدولية والوطنية سواء كانت حكومية أو خاصة من أجل السيطرة عليها وضمان سلامة البيئة وتنميتها وحماية المواطن وتعظيم الحق في العيش في بيئة سليمة ونظيفة وصحية. وأضافت أن من أهم الوسائل لضمان هذه الحماية هي القانون بما يفرضه من التزامات على الكل وتحديد الإشتراطات والمعايير الواجب الالتزام بها لضمان تحقيق هذه الغاية، كما طالبت من اللجنة العليا للإصلاح التشريعي ضرورة التكاتف ومساعدة الجميع للخروج بقانون للبيئة موحد، يضم حماية الثروات والموارد الطبيعية، من خلال التركيز على المحميات الطبيعية والتنوع البيولوجي. ولفتت إلى أن آخر الدراسات أكدت أن الشعاب المرجانية بالبحر الأحمر هي آخر شعاب ستكون موجودة على وجه الكرة الأرضية التي ستتأثر بآثار تغير المناخ، وبناء على ذلك ستكون الدولة المصرية هي الملاذ الأخير للسياحة.