نشر مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية CSIS مقالا للكاتبة إيلاريا مازوكو، تحدثت فيه عن قانون الحد من التضخم الذى وقعه الرئيس الأمريكى الشهر الماضى، وكيف تساعد بنوده فى تنويع سلاسل التوريد لأمريكا وتحسين النظام البيئى الخاص بها. نافية أن يساهم هذا القانون فى تعزيز المنافسة الأمريكية مع الصين، فالأخيرة ما زالت مهيمنة على سلاسل التوريد العالمية ولا مفر من إدارة العلاقات التجارية بينهما.. نعرض من المقال ما يلى. بداية، قانون الرقائق والعلوم، المعروف أيضا باسم قانون تشبس CHIPS، هو قانون فيدرالى أمريكى وافق عليه الكونجرس ووقعه الرئيس جو بايدن فى 9 أغسطس 2022. يتيح القانون مليارات الدولارات لتعزيز البحث المحلى وتصنيع أشباه الموصلات فى الولاياتالمتحدة. كما يهدف إلى مواجهة المخاطر التى تأتى من القدرة التصنيعية فى تايوان والارتفاع التدريجى لقدرات الصين على إنتاج الرقائق الإلكترونية. تقول الكاتبة إنه قبل أسبوعين أيضا، نجح الحزب الديمقراطى فى تمرير مشروع قانون لمواجهة تغير المناخ أو ما يعرف باسم قانون الحد من التضخم (IRA). يحتوى هذا القانون على العديد من البنود، بما فى ذلك خفض أسعار الأدوية، ولكن إجراءاته لتعزيز إزالة الكربون ودعم تقنيات الطاقة النظيفة تجعله أكثر قانون مناخى طموحًا يتم تمريره فى الولاياتالمتحدة. حيث يقدر أنه قد يتسبب فى انخفاض انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى فى الولاياتالمتحدة بأكثر من 40 فى المائة بحلول عام 2030. هذان القانونان (تشبس - الحد من التضخم) لا شك يهدفان بشكل مباشر إلى تعزيز المنافسة مع الصين. بكلمات أوضح، يقدم قانون الحد من التضخم حوافز ضريبية، يُقدر أن تضيف ما يصل إلى 30 مليار دولار على مدى العقد المقبل، لتحفيز تصنيع الولاياتالمتحدة للوحدات الشمسية، وتوربينات الرياح، والمحولات، وبطاريات السيارات الكهربائية وتخزين الطاقة، واستخراج وتكرير المعادن الهامة. 20 مليار دولار أخرى ستمول القروض التى ستصدرها وزارة الطاقة لدعم تصنيع السيارات الكهربائية المحلية. أخيرًا، فإن الائتمان الضريبى للاستثمار، وهو 10 مليارات دولار، سيحفز إنتاج السيارات الكهربائية، وتوربينات الرياح، ومصانع الألواح الشمسية. هذه الحوافز غير مسبوقة من حيث الحجم والمدة فى الولاياتالمتحدة، ومن المتوقع أن يكون لها تأثير أعمق على المشهد المحلى لتكنولوجيا الطاقة النظيفة. فيمكن أن يساعد زيادة التصنيع والتعدين والتكرير فى الولاياتالمتحدة فى تنويع سلاسل التوريد وتحسين النظام البيئى للتصنيع المحلى. قد يؤدى أيضًا إلى زيادة فى الاستثمار الأجنبى الداخلى. ومع ذلك، ستعتمد فعالية هذه الحوافز على ما إذا كان بإمكانها تغيير الحسابات الاقتصادية للمستثمرين. يتضمن كذلك قانون الحد من التضخم حوافز اقتصادية واسعة النطاق لدعم نشر مصادر الكهرباء عديمة الانبعاثات. فوفقًا لأحد التقديرات، سينتج عن القانون زيادة فى توليد الطاقة النظيفة كحصة من إجمالى توليد الكهرباء من 40 بالمائة اليوم إلى 60 81 بالمائة فى عام 2030. فضلا عن دعم التقنيات الأخرى، والتى بدورها ستحفز الإنتاج المحلى. ●●● تستكمل الكاتبة أنه بالرغم من كل ما قيل عاليه، إلا أن هناك حاجة إلى بعض الواقعية فى فهم كيفية مساهمة قانون الحد من التضخم فى المنافسة مع الصين. فالحكومة الصينية قامت بنشر آليات جانب العرض وجانب الطلب لدعم شركات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهربائية لأكثر من عقد تتراوح من الإعانات المباشرة إلى ضمانات القروض وامتيازات الأراضى منخفضة التكلفة أو الإعفاءات الضريبية. استفادت شركات تكنولوجيا الطاقة النظيفة فى الصين أيضًا بشكل عام من نظام داعم للتصنيع، بما فى ذلك الدعم الحكومى القوى لجذب الاستثمار الأجنبى. علاوة على ذلك، غالبًا ما تكون سلاسل التوريد التى تدعم هذه الصناعات مرتبطة بمكونات منتجة فى الصين. لنأخذ الخلايا الشمسية مثالا، وهى مكون رئيسى فى الألواح الشمسية، فوفقًا لوكالة الطاقة الدولية، يقع 85 بالمائة من قدرة تصنيع الخلايا الشمسية فى الصين، بينما يوجد 0.6 بالمائة فقط فى أمريكا الشمالية. كما أن الصين مهيمنة على صناعة البطاريات وصناعة الطاقة الشمسية الكهروضوئية. تقدر وكالة الطاقة الدولية أيضا أن الصين تنتج ثلاثة أرباع جميع بطاريات الليثيوم أيون ولديها 70 بالمائة من الطاقة الإنتاجية للكاثودات و85 بالمائة للأنودات. وهى مكونات أساسية لإنتاج البطاريات. هذا يعنى أنه حتى البطاريات التى يتم إنتاجها خارج الصين من المحتمل أن تعتمد على مكونات مصنوعة فى الصين (بواسطة شركات صينية أو دولية). وتضيف الكاتبة أنه يجب على الولاياتالمتحدة أن تسعى إلى تنويع سلاسل التوريد من خلال تعزيز التصنيع المحلى، ولكن عليها أيضًا أن تنظر بجدية أكبر فى ما سيعنيه دعم سلاسل التوريد البديلة خارج الصين عمليًا. فأشخاص كثيرون فى إدارة الولاياتالمتحدة يدركون بشكل خاص وعلنى أنه من غير الواقعى إعادة ربط سلاسل التوريد بالكامل وأن واشنطن ستضطر أيضًا إلى الاعتماد على الإنتاج فى البلدان الشريكة التى تعتمد عليها سياسيًا. ومع ذلك، تصر الكاتبة أن إدارة بايدن تناقش مرارًا وتكرارًا فوائد الاعتماد على سلاسل التوريد فى البلدان الصديقة، إلا أن قانون الحد من التضخم لا يفعل الكثير لتحقيق هذا الهدف. ففى الواقع، وفقًا للقانون الجديد، يجب إنتاج حصة محددة من سلسلة القيمة محليًا للتأهل للحصول على حوافز الطاقة النظيفة، وهو أمر لاحظ البعض أنه قد ينتهك قواعد منظمة التجارة العالمية. أخيرًا، ومن التقييم الواقعى، سيكون من الصعب على المدى القصير تجنب سلاسل التوريد الصينية. من المحتمل أن يكون لقانون الحد من التضخم تأثير على الاستثمارات المستقبلية ولكن ليس على سلاسل الإنتاج والتوريد الحالية، والتى قد تستغرق سنوات لتطويرها محليًا. باختصار، سيكون من الحكمة إيجاد طرق مبتكرة لمعالجة هذا بدلا من افتراض أن الواردات سيتم استبدالها تلقائيًا بالإمدادات المحلية. ●●● أجملت الكاتبة ما تريد قوله بالاعتراف أنه من المرجح أن يساعد قانون الحد من التضخم الولاياتالمتحدة على الاقتراب أكثر من تحقيق أهدافها المناخية وأن تصبح قائدة العالم فى مجال مواجهة التغير المناخى، ولكن من المرجح أن تستمر سلاسل التوريد العالمية فى العمل عبر الصين لبعض الوقت. سيتطلب ذلك إدارة العلاقات التجارية بين الولاياتالمتحدةوالصين بعناية، بما فى ذلك جميع المخاطر المرتبطة بها، حتى فى سياق تغير المناخ. هذا أيضًا تذكير بأنه فى حين أن تنويع سلاسل التوريد أمر حتمى، إلا أن الاعتماد على الذات بشكل مطلق ليس ممكنًا ولا مرغوبًا فيه. ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف زرد النص الأصلى: https://bit.ly/3wF2XfG