تعدت أسئلة جمهور محاضرة المترجم الأمريكى همفرى ديفيز الفترة المخصصة لكلمته، وهى المحاضرة التى استضافها مركز دراسات الترجمة بالجامعة الأمريكية لمناقشة ديفيز فى الترجمة من العربية إلى الإنجليزية باعتباره أحد أبرز الأسماء المشتغلة بها. توقف ديفيز عند عدد من محطاته فى ترجمة الأدب العربى، واعتبر أن الفترة التى تلت أحداث 11 سبتمبر هى الفترة التى شهدت الاهتمام الأكبر بالترجمة العربية، وقال «من الواضح أن الترجمة من اللغة العربية أصبحت مطلوبة أكثر مما كانت عليه منذ عشرين عاما، وذلك لأسباب عدة أبرزها أحداث 11 سبتمبر وكثافة الاتصالات الدولية بشكل عام». احتلت مسألة ترجمة النص العامى إلى اللغة الإنجليزية قسطا من اهتمام المحاضرة، حيث اعتبر المترجم الأمريكى، أن التنوع فى كتابة النص الواحد بالفصحى والعامية يشكل طاقة فنية تثرى النص، واستشهد فى هذا الصدد برواية «أن تكون عباس العبد» لأحمد العايدى، التى قال إنها كانت تشتمل على تحديات خاصة، معتبرا إياها رواية «رائعة ومجنونة» بسبب استخدام الكاتب لمصطلحات وعبارات غير معروفة حتى بين الناطقين بالعربية. وقال «قرأت النص سطرا سطرا مرتين، مرة مع المؤلف ومرة مع صديق آخر، ومازلت أكتشف حتى الآن أشياء لم أكن أعرفها»، واعتبر أن الترجمة الأجنبية المحلية من أكثر القضايا روعة وتعقيدا فى نظرية الترجمة. وصف همفرى ديفيز الترجمة بأنها مثل التفسير «أفضل ما يمكن أن أطلق عليه المعنى العميق، والوظيفة أكثر من المظهر والتكوين»، وأضاف «السؤال الذى يدور فى رأسى عندما أترجم أى عمل هو ماذا يعنى الكاتب هنا؟ وكيف يمكننى أن أقول ذلك لو استخدمت اللغة الإنجليزية؟. تطرق المترجم إلى أساليب الكتاب الذين ترجم أعمالهم، ومنهم علاء الأسوانى الذى تحدث عن أسلوبه البسيط والمباشر فى الكتابة الأدبية، ووصف أسلوب اللبنانى إلياس خورى بالسلس، واستشهد بروايته «كأنها نائمة» فى أكثر من مرة على مدار المحاضرة، وقال إن رواية بهاء طاهر «واحة الغروب»، التى قام بترجمتها تسببت فى حيرته لاسيما فى تصنيفها الأدبى حيث إنه لم يكن مكتفيا بتصنيفها فقط كرواية تاريخية. تحدث همفرى ديفيز فى أكثر من مرة عن أهمية أن يكون النص الأدبى الذى سيعكف على ترجمته نصا يتحداه عاطفيا وفنيا، واعتبر أن جميع ترجماته حققت هذه المعادلة. يذكر أن معظم الأعمال التى قام بترجمتها ديفيز هى تلك التى أصدرها قسم النشر بالجامعة الأمريكية مثل «كفاح طيبة» لنجيب محفوظ، و«عمارة يعقوبيان» لعلاء الأسوانى، و«متون الأهرام» لجمال الغيطانى، و«فوضى الحواس» لأحلام مستغانمى، و«أن تكون عباس العبد» لأحمد العايدى. درس ديفيز اللغة العربية فى جامعة كامبريدج وفى مركز دراسات اللغة العربية بالجامعة الأمريكية، وبعد أن عمل فى مجال النشر فى الشرق الأوسط وفى القاهرة عاد إلى الولاياتالمتحدة حيث أكمل درجة الدكتوراه بجامعة كاليفورنيا، وعمل منذ عام 1983 إلى عام 1997فى عدد من المنظمات غير الحكومية للتنمية الاجتماعية فى مصر وفلسطين والسودان وتونس.