قبل إسدال الستار عن شهر أغسطس الجاري، لا يجب أن يمر دون تذكر الكاتب والباحث والسيناريست محفوظ عبدالرحمن، والذي تحل ذكرى رحيله في التاسع عشر من الشهر. محفوظ عبدالرحمن، ترك خلفه مسيرة رائعة من الأعمال الأدبية والتلفزيونية التي علقت في أذهان الجماهير، وتنوعت كتاباته ما بين فنون القصة القصيرة والنقد الأدبي وكتابة المقالات، ولكن تبقى ذاكرة المواطن معلقة بالدراما التلفزيونية أهمها أم كلثوم وبوابة الحلواني وليلة سقوط غرناطة، كما كتب للسينما ناصر 56 وحليم. الراحل، كان مهموما بالثقافة، ومن أكثر المؤمنين بدور السينما والدراما في الرقي بالذوق العام، وتنوير العقول، وخوض معارك مهمة في تاريخ الوطن. • رؤية محفوظ عبدالرحمن للثقافة فى مصر سبق وصرح فى برنامج "البيت بيتك" الذى تقدمه الإعلامية إنجى أنور في عام 2015 ، بأن الثقافة في مصر تعانى من أزمة حقيقة ، موضحًا أنه حدث تجريف ثقافي من منتصف السبعينات حتى عصرنا هذا، مؤكدًا أن اهتمام الدولة بالثقافة ودعمها ماديا لم يرتق للمستوى المطلوب، قائلا: "الدولة بتشتري بفلوس الثقافة عيش ناكله". يرى محفوظ عبدالرحمن أن انحدار الثقافة؛ يرجع لما يعرض على شاشات التلفاز من الأعمال الدرامية والسينمائية، منتِقدًا توجه بعض المنتجين والمخرجين إلى صنع أعمال سينمائية تهدف إلى تلبية رغبة المشاهد ولا تهدف إلى تثقيفه، وهذا أدى إلى انحراف الدرما المصرية بشكل كبير. مثلما انتقد انتشار الكلمات التي وصفها ب«البذيئة» فى التلفزيون، قائلا: «أشعر بصدمة عند سماع تلك الكلمات وأخشى أن ينتبه أحفادي إلى تلك الألفاظ، التى أصبحت تتكرر فى السينما وكأنها أمر طبيعي، وهذا يعد شيئاً شديد الخطورة، عكس أعمال عظيمة مثل «رأفت الهجان»، ومسلسلات أسامة أنور عكاشة، وغيرها». • الدولة قد تكون المنقذ السيناريست الراحل، كان ينادي بتقديم الدعم المادى من أجل إنتاج أعمال درامية تؤثر في ثقافة المشاهد بإيجابية، لأنها تشكل دورًا كبيرًا فى الارتقاء بثقافة الشعب المصري وتقويم سلوكه، مستشهدًا فى ذلك بالتلفزيون المصري فى بداية الستينيات حتى أوائل السبعينيات الذي استطاع من خلال الأعمال السينمائية والدرامية أن يصنع وجدان للشعب المصري. وأوضح أن الدراما التليفزيونية تمثل مصدر للثقافة الميسرة لكل مواطن، بداية من الوزير للبواب، وبالتالي التليفزيون هو شكل ثقافي له تأثير قوي. • التاريخ بقلم محفوظ عبدالرحمن كانت أعمال محفوظ تهدف إلى تثقيف الشعب وتصحيح معتقداته الخاطئة وذلك من خلال ما كان يظهر في أعماله، حيث صرحت زوجته الفنانة سميرة عبدالعزيز: أنه ظل ثلاثة أشهر يجلس على الأرض في دار الوثائق يبحث و يقرأ عن حفر قناة السويس ومن هنا جاء مسلسل "بوابة الحلواني"؛ ليصحح العديد من المفاهيم عن حفر القناة وتضحيات المصريين وموقف الخديوي إسماعيل. وقال المخرج محمد فاضل، إن الراحل محفوظ عبد الرحمن كان من الكتاب القلائل، الذين يعتمدون على الفكر والثقافة في كتابة أعماله، وقدم الأعمال التاريخية برؤية جديدة مثل مسلسل "سقوط غرناطة"، وهي تجربة أتمنى أن يعي الشباب معناها و أهميتها. بعد أن برع الراحل محفوظ عبدالرحمن فى تصوير الواقع المصري من خلاله أعماله الأدبية والإبداعية، هل ستكون اقتراحاته سببا فى النهوض بالدراما المصرية بعد وفاته؟