أبرز استعدادات منطقة كفر الشيخ الأزهرية لاستقبال امتحانات نهاية العام لصفوف النقل    مصطفى بكري يكشف نص الدستور حول إعلان التعديل أو التغيير الحكومي مع ولاية الرئيس الجديد (فيديو)    الحكومة تعلن موعد تطبيق خفض سعر رغيف الخبز السياحي بالأسواق    الإفراج الجمركي.. قبلة حياة لإنعاش الاقتصاد ومحاصرة التضخم    نيبينزيا: كل فيتو أمريكي ضد وقف إطلاق النار في غزة يتسبب بمقتل آلاف الفلسطينيين    رئيس دفاع النواب: توافق مصر والبحرين يخدم المصالح الأخوية ويرسخ الأمن الإقليمي    الجفاف يدفع الملايين إلى "الجوع الحاد" في الجنوب الأفريقي    الأهلي يطالب الاتحاد الإفريقي بمخاطبة مازيمبي لتأمين وتسهيل الطريق إلى ملعب المباراة    محمد صلاح يسجل هدف ليفربول الأول أمام أتالانتا في الدوري الأوروبي.. فيديو    «افعل الخير وارحل».. كهربا يوجه رسالة غامضة بعد تغريمه مع الأهلي    كشف غموض العثور على جثمان سيدة مجهولة داخل مصرف في الدقهلية    مباحث المنزلة تضبط المتهم بإنهاء حياة مسن داخل إحدى الأفراح الشعبية ب الدقهلية    في اليوم العالمي للتراث.. ناقد أدبي: الجماعات المتطرفة مدربة على تخريب الآثار وسرقتها    الهام شاهين تعلق على تكريمها من مهرجان «هوليوود للفيلم العربى» عن مشوارها السينمائي    فيلم السرب.. تعرف على الأبطال وتوقيت العرض في السينمات    أدهم السداوي يكشف موعد تصوير الجزء الخامس لمسلسل اللعبة مع هشام ماجد    إحالة 11 عاملًا بالوحدة الصحية في عزب النهضة بدمياط للتحقيق    في طريقها إلى مصر.. كيف تتجنب رياح الخماسين وأضرارها؟    برنامج التعليم المتعدد يشارك في منتدى التعليم الفني التكنولوجي بالقاهرة    نائب محافظ أسوان تتفقد منظومة الحريق والإطفاء بالسوق السياحى    رحاب الجمل تعبر عن سعادتنا بنجاح مسلسل بيت الرفاعي وصدفة    خالد الجندي: ليست جميع العبادات على منزلة واحدة    هل يجوز تفويت صلاة الجمعة بسبب التعب؟.. اعرف الأعذار الشرعية لتركها    خالد الجندي ل الزوجات: اعتبرى إنك فى حالة عبادة بتأخدى عليها أجر    "بطلب جوارديولا".. نجم بايرن ميونخ على رأس اهتمامات مانشستر سيتي في الصيف    التشكيل الرسمى لقمة أتالانتا وليفربول فى الدورى الأوروبى.. صلاح أساسيا    رئيس مدينة منوف يتابع الخدمات الطبية المقدمة للأشقاء الفلسطينيين    صحة كفر الشيخ: تقديم خدمات طبية مجانية ل1433 مريضا بقرية تيدة بسيدي سالم    البحوث الزراعية تستقبل وفدًا عسكريًا من تنزانيا الإتحادية    بعد موافقة الحكومة.. التفاصيل الكاملة بشأن زيادة الحد الأدنى لرأس مال شركات التمويل العقاري    نائب رئيس جامعة عين شمس تتفقد أعمال التطوير بقصر الزعفران    جوتيريش: علينا التزام أخلاقي بدفع جهود التهدئة في الشرق الأوسط    الشرقية.. إحالة 30 من العاملين المقصرين بالمنشآت الخدمية للتحقيق    وزارة التضامن تفتح باب سداد الدفعة الثانية للفائزين بقرعة حج الجمعيات الأهلية    الإعدام لمتهم بقتل زميله بعد هتك عرضه في الإسكندرية    وزير قطاع الأعمال: القطاع الخاص شريك رئيسي في تنفيذ مشروعات التطوير وإعادة التشغيل    الأردن.. 7 إنزالات جوية لمساعدات إنسانية وغذائية على قطاع غزة    البنك الأهلى.. إصابة" أبوجبل" اشتباه في قطع بالرباط الصليبي    مدرب شيفيلد يونايتد يهاجم الاتحاد الإنجليزي بسبب مباريات الإعادة    مميزات وعيوب إيقاف تنفيذ العقوبة للمتهمين    «القومي لثقافة الطفل» يحتفل باليوم العالمي للتراث غدا    تعاون ثقافي بين مكتبة الإسكندرية والمكتبة الوطنية البولندية    يسهل إرضاؤها.. 3 أبراج تسعدها أبسط الكلمات والهدايا    بعد طرحها بساعات.. الترجي يعلن نفاد تذاكر مباراة صنداونز في دوري أبطال أفريقيا    شوقي علام يفتتح أول معرض دولي بدار الإفتاء بالتعاون مع روسيا (صور)    5 خطوط جديدة خلال الربع الأول من العام تستقبلها موانئ دبي العالمية السخنة    زاخاروفا: مطالب الغرب بتنازل روسيا عن السيطرة على محطة زابوروجيا ابتزاز نووى    وكيل الأزهر يتفقد التصفيات النهائية لمشروع تحدى القراءة في موسمه الثامن    طقس سئ.. غبار رملي على الطرق بالمنيا    تأجيل محاكمة حسين الشحات في واقعة ضرب الشيبي لجلسة 9 مايو    وكيل صحة قنا يجتمع مديري المستشفيات لمناقشة اللائحة الجديدة وتشغيل العيادات المسائية    فى الجيزة.. التعليم تعلن جدول امتحان المستوى الرفيع والمواد خارج المجموع لطلاب النقل والإعدادية    تعَرَّف على طريقة استخراج تأشيرة الحج السياحي 2024 وأسعارها (تفاصيل)    وثائق دبلوماسية مسربة.. البيت الأبيض يعارض الأمم المتحدة في الاعتراف بدولة فلسطينية    الوزراء يوافق على تعديل بعض أحكام قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية    دعاء العواصف.. ردده وخذ الأجر والثواب    ردد الآن.. دعاء الشفاء لنفسي    بيان عاجل من اتحاد جدة على تأجيل لقاء الهلال والأهلي في دوري روشن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلاقات السعودية-الروسية: تقاطع مصالح عابر أم تحول استراتيجي؟
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 08 - 2022

كان الاتحاد السوفيتي السابق أول دولة تعترف بالحكم السعودي بعد أن استولى الملك عبد العزيز بن سعود على الحجاز وعندما دخلت قواته إلى مدينة جدة عام 1926 كانت هناك قنصيلة سوفيتية تعمل في المدينة،وقد نقل القنصل اعتراف بلاده بالحكم الجديد.
لكن العلاقات الروسية السعودية لم تتطور كثيرا خلال العقد التالي إذ كانت بريطانيا صاحبة النفوذ القوي في الشرق الأوسط بما في ذلك السعودية، وكانت حريصة جداً على إبعاد السوفييت عن المنطقة بحجة منع انتشار الأفكار الشيوعية فيها، مما أدى في عام 1938 إلى قطع العلاقات بين الجانبين مع بروز نذر الحرب العالمية الثانية.
وبعد اكتشاف كميات هائلة من النفط في السعودية من قبل الشركات الأمريكية، تعززت مكانة المملكة من الناحية الجيوسياسية، وباتت الولايات المتحدة أهم الشركاء التجاريين والاقتصاديين لها.
خلال مرحلة الحرب الباردة التي تلت الحرب العالمية الثانية، كانت السعودية تخشي "المد الشيوعي" في المنطقة وكانت تقف في صف المعسكر الغربي في مواجهة المعسكر الشيوعي.
وقد مثل الدعم السوفيتي المتزايد لأنظمة الحكم اليسارية في المنطقة، مثل اليمن الجنوبي، ومصر خلال المرحلة الناصرية، ونظام حكم مانغيستو هيلا مريام في إثيوبيا، وكذلك دعم موسكو للحركات والأحزاب اليسارية في المنطقة، مصدر قلق كبير للسعودية ذات التوجهات الدينية المحافظة والموالية للغرب حينذاك.
وشكل الغزو السوفييتي لأفغانستان عام 1979، نقطة تحول في علاقات البلدين حيث لعبت السعودية درواً بارزاً في "الجهاد الأفغاني" ضد القوات السوفيتة. توافد آلاف الجهاديين العرب وبينهم العديد من السعوديين إلى باكستان لينتقلوا منها إلى أفغانستان المجاورة، لخوض القتال ضد القوات الروسية التي أُجبرت في نهاية المطاف على الانسحاب الذليل من هذا البلد بعد عقد من الزمن، متكبدة خسائر هائلة في الأفراد والعتاد.
أُعيدت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1990 في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي، لكنها لم تشهد تطورا أو تحسنا ملحوظاً خلال أكثر من ربع قرن رغم تبادل الزيارات على مستوى عال بين البلدين.
نقطة تحول
في عام 2015 التقى ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بالزعيم الروسي، فلاديمير بوتين، على هامش منتدى سانت بطرسبورغ الاقتصادي، وكان اللقاء بمثابة نقطة تحول في علاقات البلدين.
فقد فتح البلدان صفحة جديدة في علاقاتهما شملت العديد من الملفات، وتم توقيع عدد من الاتفاقيات شملت مجالات مختلفة مثل الطاقة النووية، وخاصة بعد إعلان السعودية عن نيتها بناء 16 مفاعلا نوويّا للأغراض السلمية ومصادر الطاقة والمياه، وتفعيل اللجنة المشتركة للتعاون العسكري والتعاون في مجال الفضاء، إضافة إلى اتفاقيات تعاون في مجال الإسكان والطاقة والفرص الاستثمارية.
في عام 2017 زار الملك سلمان بن عبد العزيز روسيا وكانت الزيارة هي الأولى لملك سعودي إلى روسيا. وتمخضت الزيارة عن توقيع اتفاقيات تعاون بين الطرفين، أهمها اتفاقية لتصنيع بعض الأسلحة الروسية في السعودية.
وأبرمت السعودية العام الماضي اتفاقا عسكريا مع روسيا يهدف إلى تطوير مجالات التعاون العسكري المشترك بين البلدين، بحسب ما أعلن عنه نائب وزير الدفاع السعودي الأمير، خالد بن سلمان، على هامش معرض المنتدى العسكري التقني الدولي "آرمي 2021".
لا شك أن توسيع التعاون في المجال العسكري بين البلدين يثير المزيد من الأسئلة عن طبيعة التوجه السعودي في هذا المجال، إذ اعتمدت المملكة على السلاح الغربي منذ أن أبصرت النور، وعلى رأسها السلاح الأمريكي الذي يشكل 79 في المئة من المشتريات السعودية العسكرية، حسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، وهي تمثل بدورها نحو 24 في المئة من صادرات السلاح الأمريكية.
كما أدى التعاون بين موسكو والرياض إلى إقامة ما يعرف بمنظمة أوبك بلاس، اذ اتفق البلدان على خفض إنتاج النفط في عام 2016، بعد انخفاض أسعاره، وهذا الملف هو أكبر مجالات التعاون المشترك بين البلدين.
وترى السعودية أن تعاون روسيا ضروري لتحقيق الاستقرار في سوق الطاقة بحسب ما أكد عليه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عام 2019.
وقد أثمر هذا التعاون وأدى إلى رفع سعر النفط وزادت أهمية التنسيق بن الجانبين في هذا المجال بعد اضطراب سوق الطاقة وارتفاع أسعار النفط والغاز إلى مستويات غير مسبوقة، بعد فرض الدول الغربية عقوبات واسعة على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا.
وحاولت الدول الغربية تعويض النقص في إمدادات النفط الروسية إلى القارة الأوروبية بسبب قرار الاتحاد الأوروبي تقييد مشترياتها من النفط الروسي، عبر الطلب من السعودية زيادة الإنتاج، وهو ما تعاملت معه الرياض بطريقة براغماتية وعملية.
الانفتاح السعودي على روسيا لم يكن وليد اللحظة، بل مر بمراحل متعددة وكانت البداية مع وصول الرئيس الأمريكي باراك اوباما إلى البيت الأبيض عام 2009، حيث أعادت الولايات المتحدة صياغة أولوياتها في المنطقة، وكان من بين التوجهات الجديدة إنهاء مرحلة الحروب الأمريكية الطويلة في الخارج، وتفادي التورط في النزاعات والحروب الخارجية، فكان الانسحاب الأمريكي من العراق، مما مهد السبيل أمام إيران لتعزيز نفوذها في العراق وباتت صاحبة الكلمة الفصل في حكم ذلك البلد.
ترافق ذلك مع المفاوضات التي دخلتها مجموعة خمسة زائد واحد مع إيران بخصوص البرنامج النووي الإيراني، وانتهى بالتوصل إلى إبرام اتفاق بين هذه المجموعة وإيران عام 2015، حيث تم رفع العقوبات عن طهران مقابل وضع الأنشطة النووية الإيرانية تحت الرقابة الدولية.
ترى السعودية في إيران الساعية إلى تكريس نفوذها وحضورها الإقليمي، خصمها التقليدي، وحسب رأي السعودية أدى الاتفاق إلى إطلاق يد إيران لزيادة أنشطتها وتعزيز نفوذها بعد أن استردت عشرات مليارات الدولارات من الأرصدة الإيرانية المجمدة في الخارج. وانتقدت السعودية والدول الخليجية الأخرى وإسرائيل الاتفاق لأنه تجاهل أنشطة إيران المثيرة للقلاقل والفوضى في المنطقة عبر دعم قوى سياسية وعسكرية تدور في فلكها، ورأت أن واشنطن أطلقت يد طهران لتزيد من أنشطتها في اليمن وسوريا ولبنان والعراق.
وهكذا جاءت خطوة الانفتاح على روسيا بعد أن شعرت السعودية أن الولايات المتحدة لا يمكن الاعتماد عليها بشكل تام لضمان أمنها، وأنها شريك لا يعتمد عليه دائماً، حيث رأت أن التدخل الروسي العسكري في سوريا لحماية نظام الرئيس السوري بشار الأسد من السقوط مثال على التحالف الاستراتيجي، وأن روسيا باتت صاحبة وزن ودور أكبر في المنطقة وأن من مصلحتها تعزيز التعاون معها بدلاً من وضع كل بيضها في سلة واشنطن.
كما أن التوتر الذي ساد العلاقات بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والزعماء الغربيين بسبب ملف مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018، أدى إلى تسريع وتيرة التعاون بين السعودية وروسيا التي لا تتصدر قضايا حقوق الإنسان وحرية الرأي والإعلام، قائمة أولوياتها .
ففي أعقاب الحملة الإعلامية الكبيرة على ولي العهد السعودي في وسائل الإعلام الغربية واتهامه شخصيا بالضلوع في إعطاء الأوامر بقتل خاشقجي، تفادى كل الساسة الغربيين اللقاء بولي العهد السعودي أو التحدث معه بعكس الزعيم الروسي فلاديمير بوتين الذي صافحه بحرارة خلال قمة العشرين في الأرجنيتن في نوفمبر 2018.
ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير الماضي، توقفت الاتصالات بين الزعماء الغربيين وبوتين الذي باتت بلاده تعيش تحت وطأة اقسى عقوبات يمكن ان تفرض على بلد ما، في مقابل ذلك استمرت الاتصالات واللقاءات بين المسؤولين الروس ونظرائهم السعوديين، وعلى رأسهم ولي العهد محمد بن سلمان حيث جرى أكثر من اتصال بينه وبين بوتين وكان آخرها في 21 يوليو الماضي.
لا شك أن روسيا لن تحل مكان الولايات المتحدة في مجال تقديم الأسلحة والمساعدة العسكرية للسعودية والشراكة الاستراتيجية معها، لكن العلاقة مع روسيا توفر للرياض هامشاً للمناورة السياسية، ونوعاً من التوازن في علاقات الخارجية بدلاً من الرهان على الولايات المتحدة فقط.
الرغبة السعودية في تنويع مصادر الأسلحة وتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة الامريكية يمنحها مزيدا من المرونة والمساحة للتحرك بما تمليه عليها مصالحها في ظل تقليل الولايات المتحدة الأمريكية من تواجدها في الشرق الأوسط واحتمالات التوصل إلى اتفاق لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، وبالتالي تزيد طهران من مساحة نفوذها في المنطقة، الأمر الذي ترى فيه السعودية مصدر خطر كبير على مصالحها.
ومثلت الازمة الأوكرانية وتداعياتها الكبيرة على الاقتصاد العالمي فرصة ثمينة للسعودية لتجاوز تداعيات مقتل خاشقجي، وبات الغرب مستعداً لطي تلك الصحفة مقابل تعاون السعودية في تخفيف حدة أزمة الطاقة التي تهدد الاقتصاد العالمي، وعادت الرياض تستقبل الزعماء الغربيين وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي جو بادين، وعاد البساط الأحمر ليفرش لولي العهد السعودي في العواصم الغربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.