قال محمود محيى الدين، وزير الاستثمار المصرى، فى تصريحات خاصة ل«الشروق»، إن الإصلاحات الاقتصادية لا يعطلها فقط ظروف الانتخابات، بل هناك عوامل أخرى قد ترجح إرجاء تبنى هذه الاصلاحات، مدللا على ذلك بأن «أهم سياسات الإصلاح الاقتصادى قد تم تطبيقها فى 2005 وهو عام الانتخابات الرئاسية»، حسبما جاء على لسانه على هامش مؤتمر الإيكونوميست، الذى انعقد أمس الأول، تحت عنوان «التحديات التى تواجه الاقتصاد المصرى بعد الأزمة». ويضرب محيى الدين، مثلا بمشروع ضريبة القيمة المضافة المقترح منذ فترة ولم يتم طرحه حتى الآن قائلا «لم يكن من الرشد عرض مثل هذا المشروع فى وقت تعانى فيه الدولة من التضخم»، بحسب تعبيره، مشيرا إلى أن هذا المشروع تم إعداده وتجهيزه منذ عام 2006، ولكن الدولة لم تقدمه لأنه «على الأجل القصير سيخلق أثرا تضخميا». وكان معدل التضخم السنوى خلال السنتين الأخيرتين قد ارتفع فى الحضر ليصل إلى معدلات قياسية حيث بلغ أعلى مستوى له فى يوليو 2008 حين بلغ 23.6% فى الحضر، قبل أن يبدأ فى الانحسار مع بداية الأزمة العالمية، وإن كان لايزال عند معدلات مرتفعة مقارنة بانخفاض الأسعار على المستوى العالمى، حيث بلغ خلال يناير 2010، 13.6%. وضريبة القيمة المضافة هى ضريبة تفرض على كل مرحلة من مراحل الإنتاج، فهى تفرض على القيمة التى تضيفها هذه المرحلة لإجمالى الناتج. وكانت جين كينينمونت، الرئيس المساعد لدراسات منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا فى الايكونوميست، قد حذرت فى تصريحات خاصة ل«الشروق» من الصعوبات التى ستواجهها الحكومة المصرية فى عام 2010 من متابعة خطوات الإصلاح الاقتصادى «للحساسية السياسية للخطوات الذى يجب أن تتخذها الحكومة» فى عام الانتخابات. «الحكومة المصرية لا تفضل تطبيق ما يعرف بالسياسات الشعبوية، لأنها سياسات تفرح الشعب حينا، ولكنها تحزنهم لفترات طويلة، لأن أثرها يزول فورا، فبعد السكرة تأتى العبرة»، يقول محيى الدين. فمثلا يشير وزير الاستثمار إلى أن حجم الحزم المالية المخصصة لانعاش الاقتصاد كان يمكن ان يكون أكبر غير ان ذلك كان سيرفع العجز مما سيكون له تأثير سلبى على الاقتصاد. «فالعجز يجب أن يتم تمويله فى يوم من الأيام، وهذا يكون من خلال مديونية على القطاع الإنتاجى بصفة عامة، أو من خلال الإصدار النقدى (طباعة النقود)، وكل منهما له آثار سلبية يدفع ثمنها الطبقة الأقل دخلا فى المجتمع». تبعا لما جاء على لسانه. فى الوقت نفسه، حذرت كينينمونت من عدم اتسام الحزم التحفيزية التى ضختها الحكومة المصرية بالاستدامة كونها موجهة كلها إلى مشاريع البنية الأساسية. ومن جانبه ذكر محيى الدين أن هناك فارقا كبيرا بين الحزم المالية التى تبنتها مصر وتلك التى تبنتها دول أخرى، فالحزم التى قامت بها بعض الدول الأخرى كانت حزما إنقاذية، للتعامل مع مشاكل مؤسسات مالية تحتاج إلى ضخ رءوس أموال، ولكن الحزمة المالية فى مصر جاءت لتحفيز النشاط الاقتصادى من خلال قطاع قطاع البنية الأساسية وهو أكثر القطاعات نموا ومن أكثرها كثافة لاستخدام العمالة. بالإضافة إلى ذلك، فهو قطاع له عائد اقتصادى لأنه يعتمد على مكونات محلية مما يوجه القيمة المضافة إلى داخل الدولة. «الأثر هنا لن يكون اقتصاديا فقط وإنما اجتماعيا أيضا لأنها تستكمل مشروعات كان يجب تنفيذها مثل الصرف الصحى فى الأرياف»، يقول محيى الدين. وكان العجز الكلى للموازنة قد ارتفع بنسبة 1.4% ليبلغ 57.5 مليار جنيه، فى النصف الأول من العام المالى 2009 2010 (يوليو إلى ديسمبر)، مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، ليصل إلى 4.9٪ من الناتج المحلى الإجمالى، حسبما جاء فى التقرير الشهرى الأخير لوزارة المالية.