الاستثمارات الأجنبية الداخلة لأى اقتصاد تعد من أهم مصادر قوته وتعكس مدى ثقة العالم الخارجى فى الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية لأى دولة. وبينما تقف مصر على أعتاب الانتخابات البرلمانية ويفصلها عن الانتخابات الرئاسية بضعة أشهر، وتشهد حراكا سياسيا واضحا مع بدء طرح أسماء لمرشحين الرئاسة، تزخر عناوين الصحف بأنباء لاعتصامات عديد من عمال شركات خاصة وعامة وهما عاملان قد يرسمان علامات استفهام على مدى جدوى القرار الاستثمارى فى الاقتصاد المحلى. وتزامنت تصريحات محمود محيى الدين، وزير الاستثمار، أن الاحتجاجات العمالية فى مصر ليست مسألة تقلق المستثمرين الأجانب أو المحليين، مع تظاهرات 6 أبريل للعام الثالث على التوالى التى تنادى بحرية التعبير والإصلاح الدستورى، وجاءت فى نفس الأسبوع الذى شهد تظاهر نحو مائتى مواطن أمام مجلس الوزراء للمطالبة بوضع حد أدنى للأجور يبلغ 1200 جنيه شهريا. وكانت مصر قد شهدت العام الماضى أكثر من 700 احتجاج عمالى، تبعا لمركز الأرض. «أسئلة المستثمرين الأجانب عن التظاهرات العمالية محدودة مقارنة باستفساراتهم عن الوضع السياسى فى مصر» يقول مدير حسابات الأجانب بأحد بنوك الاستثمار الأجنبية، طالبا عدم ذكر اسمه، ومدللا على ضعف أثر مثل هذه الإضرابات على الاستثمار باستمرار القوة الشرائية للمستثمرين الأجانب على الأوراق المالية فى السوق المصرية. وكانت تعاملات الأجانب فى البورصة قد مالت تجاه الشراء يوم 6 أبريل حيث بلغت صافى مشترياتهم، الفارق بين صفقات الشراء والبيع، 102 مليون جنيه. يذكر أن البورصة المصرية ارتفعت فى جلسة أمس الأول، نفس يوم تظاهرات 6 أبريل فى القاهرة والمحافظات، بنسبة 2.73%. من ناحية أخرى كانت البورصة قد خسرت 2.4 % فى الأسبوع الذى تم الإعلان فيه عن خضوع الرئيس مبارك لعملية جراحية فى ألمانيا. وأضاف خبير بنك الاستثمار أنه بالرغم من إضراب عمال شركة عز الدخيلة للصلب للمطالبة بزيادة الرواتب الفترة الماضية إلا أن سهم شركة حديد عز، التى تملك حصة أغلبية فى الدخيلة، لم يتأثر بالأخبار وارتفع سهم حديد عز خلال أسبوع الإضراب بنسبة 11.2 %. ويتفق أنجس بلير، رئيس البحوث ببنك استثمار بلتون بالقاهرة مع رأى محيى الدين قائلا إن الوضع السياسى فى مصر عامل ذو تأثير أكبر من تظاهرات العمال على المستثمرين وأنه يأتى على رأس استفساراتهم فى الفترة الأخيرة وهو ما لم نتوقع حدوثه قبل حلول موعد الانتخابات بفترة طويلة. «المستثمرون الأجانب يراقبون القضايا السياسية المحلية عن كثب ويتابعون التصريحات الحكومية والمعارضة لعمل تقييم للمخاطر الاستثمارية فى مصر» كما يضيف بلير، الذى يصف العام المقبل الذى سيشهد انتخابات الرئاسة المصرية بأنه سيكون «مثيرا للاهتمام على الصعيد السياسى». أما هيرفيه ماجيديه، رئيس كافور مصر، فيرى أنه لا توجد مخاطرة سياسية مقلقة للاستثمار الأجنبى «أنا أعيش فى مصر منذ سبع سنوات وأرى من خبرتى فى الأسواق العالمية أنها من أكثر الدول أمانا» مضيفا أنه يوصى باستثمارات طويلة الأجل فى السوق المحلية من منطلق عمله كمستشار للحكومة الفرنسية فى السوق المصرية.