هل انتهى الاتفاق بين هوليوود وإسرائيل بعد اكتشاف نجوم السينما جرائمها؟ مع تصاعد إدانات نجوم هوليوود للاعتداءات الإسرائيلية فى فلسطينالمحتلة، وآخرها إدانات بالجملة لقتل إسرائيل الصحفية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة، بدأت صحف ومجالات أمريكية ترصد تخلى هوليوود ونجوم الغرب عن الاحتلال بعد اكتشافهم جرائم إسرائيل. ورصد تقرير نشرته مجلة «فورين بوليسى» 28 مايو 2022 ما أسماه «سقوط وانتهاء حب إسرائيل فى هوليوود»، بعد دعم كبير من جانب صناعة السينما الأمريكية لدولة الاحتلال منذ قيامها عام 1948. التقرير الذى نشره «شاول أوسترليتز»، يتناول استعراض لكتاب حول عزوف هوليوود عن دعم إسرائيل كما ظلت تفعل منذ عام 1947، ورصد تاريخ صعود ونهاية العلاقة بين صناعة السينما والدولة اليهودية، بحسب قوله. الكتاب بعنوان: «هوليوود وإسرائيل.. تاريخ»، وكتبه «تونى شو» و«جيورا جودمان» وصدر فى مارس 2022، ويستعرض تاريخ هوليوود فى دعم إسرائيل منذ ظهور نجم هوليوود بول نيومان فى موقع تصوير فيلم «Exodus» فى إسرائيل عام 1947، وقبل إعلان دولة إسرائيل بعام كامل وسلسلة نجمة داود تتدلى على صدره. وفى العام نفسه، نُشر إعلان على صفحة كاملة فى مجلة «فاريتى» الأمريكية، التى تعد بمثابة نشرة خاصة بصناعة الأفلام الأمريكية، ما أسماه «جهود الرئيس الأمريكى آنذاك هارى ترومان لتشجيع الحكومة البريطانية على قبول الهجرة اليهودية المتزايدة إلى فلسطين». وكان من بين الموقعين العديد من الشخصيات البارزة فى هوليوود مثل المغنى فرانك سيناترا والممثل إدوارد ج.روبنسون والمخرج ويليام ويلر، وكانت أفلام هوليوود تتبنى قصص حق اليهود فى فلسطين ومنها فيلم «The Best Years of Our Lives»، الذى حصل على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم؛ لأنه تناول قضية اللاجئين اليهود الأوروبيين للتعاطف معهم وتبرير احتلالهم فلسطين كوطن بديل. فى العام التالى 1948 وعندما أصبحت إسرائيل دولة، وكعلامة على دعم هوليوود للدولة اليهودية، قرأ روبنسون (النجم اليهودى الذى اشتهر فى أفلام العصابات فى ثلاثينيات القرن العشرين مثل ليتل سيزر) إعلان «استقلال إسرائيل» فى تجمع حاشد فى هوليوود. ومنذ ذلك الحين تواترت أفلام هوليوود التى تمجد فى إسرائيل وتنشر عن بطولات من المهاجرين اليهود من أوروبا الشرقية إلى إسرائيل ولا تشير لجرائم العصابات الصهيونية فى تهجير أهل فلسطين. وبدأ نجوم هوليوود يحيون الحفلات ويمثلون الأفلام فى إسرائيل وخارجها لتمجيد الدولة اليهودية مثل المغنى والممثل فرانك سيناترا الذى أدى عرضه أمام حشد كبير من الشباب فى إسرائيل فى الأول من مايو عام 1962. *الدعاية اليهودية* ويؤكد الكتاب الذى نشرته مجلة فورين بوليسى أنه على مدى السنوات ال 75 الماضية، كانت دولة إسرائيل منخرطة فى جهد يسميه الإسرائيليون «هاسبارا» أو Hasbara (وهى كلمة عبرية تعنى الشرح والتفسير) تشير إلى الدعاية الإسرائيلية (البروباجندا) فى الخارج لتصير إسرائيل على أنها جنة وواحة للديمقراطية بين العرب. وكانت اللعبة التى لعبها اليهود فى هوليوود هى جعل هذه الدعاية الإسرائيلية نقطة محورية فى استراتيجية الإسبارا الإسرائيلية، سواء كانت عبر شاشة هوليوود أو خارجها كما يؤكد ناشرا كتاب نهاية حب إسرائيل فى هوليوود «شاو وجودمان». كانت هذه الدعاية قائمة، بحسب الكتاب، على فبركة وتجميع خليط من اليوتوبيا الاشتراكية، وسحر لشرق الغامض، والواقعية العسكرية. بهدف إظهار الإسرائيليين على شاشة هوليوود وفى الدعاية على أنهم «أبناء عمومة محبون للحرية للأمريكيين، ومهندسون لديمقراطية متعددة الأعراق، وحماة ليهود عالم ما بعد الهولوكوست، المدافعون ضد جحافل الإرهابيين، أو أى شىء آخر قد يثير الأثرياء والأقوياء الأمريكيين للوقوف بجوارهم. وهكذا أصبحت إسرائيل وجهة جذابة لإنتاج الاستوديوهات، لا سيما فى الخمسينيات من القرن الماضى، عندما أدى ظهور التلفزيون إلى ازدهار الرواية التوراتية. وانطلقت بعد ذلك أفلام هوليوود فى معزوفة دعاية ودعم لإسرائيل بصورة فجة حتى إن نجمى هوليوود إليزابيث تايلور وريتشارد بيرتون زارا فى إسرائيل عام 1975، وكان قد جمعا ما يقرب من مليون دولار بعد حرب 1967 «فى عشاء للنجوم فى مقهى رويال بلندن» لدعم إسرائيل. وأصبح وجود القصص اليهودية فى هوليوود وقصص تضحية يهود أوروبا أثناء الحرب أمرا مرتبطا بهوليود. *انقلب السحر* لكن الكتاب يرصد انقلاب السحر على الساحر وبدء نجوم هوليوود الهجوم على عنصرية وجرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين وكيف أن أبطال هوليوود الحاليين بدأوا فى انتقاد عنصرية وهمجية إسرائيل. وكيف أن المرشحين الجدد لجوائز الأوسكار مثل The Gatekeepers و5 Broken Cameras وعمر يرسمون صورة مختلفة بشكل ملحوظ عن إسرائيل عما فعلته أفلام مثل «Exodus» فى السابق. وخلال الأزمة الأخيرة بين الفلسطينيين وإسرائيل، امتلأت منصات التواصل الاجتماعى بحملات تضامن من نجوم هوليوود بصورة غير مسبوقة مع الفلسطينيين تندد بالتصعيد والقصف الإسرائيليين. منهم مشاهير ونجوم هوليوود الكبار مثل مارك روفالو وفيولا ديفيس والإسرائيلية ناتالى بورتمان، فيما غابت للمرة الأولى التصريحات المؤيدة لإسرائيل من قبل نجوم هوليوود، باستثناء تغريده الإسرائيلية جال جادوت، التى قوبلت بانتقادات لاذعة وقامت لاحقا بحذفها. ويعد هذا تغير كبير فمنذ وقت قريب، كان أى تصريح مؤيدا للفلسطينيين أو منتقدا لإسرائيل يعرض نجوم هوليوود لاستنكار لاذع من معجبيهم وتوبيخ من مسئولى هوليوود، وأحيانا ما كان يتسبب فى دمار سيرتهم المهنية، وذلك لأن إسرائيل، منذ تأسيسها، بنت علاقات وطيدة مع هوليوود ومسئوليها، الذين كانوا غالبا من اليهود، بغية الترويج لها كدولة ديمقراطية مسالمة ومتحضرة تصارع عالما عربيا متخلفا. وكانت أول نجمة سينمائية شجاعة تساند الفلسطينيين، هى البريطانية فانيسا ريدجريف، التى صنعت أول فيلم عن الفلسطينيين وهو «الفلسطينى»، وقد واجهت حملات استنكار وتلقت تهديدات من قبل الحركات الصهيونية وصناع الأفلام فى هوليوود وتعرقلت سيرتها المهنية، لكنها لم تستسلم، حتى بعد تفجير عبوة ناسفة أمام قاعة السينما الأمريكية قبل حفل العرض الأول لفيلم «الفلسطينى». وعندما رشحت ريدجريف عام 1978 لجائزة الأوسكار عن أدائها فى فيلم «جوليا» واجهت حملة شرسة ضدها من قبل أعضاء رابطة الدفاع اليهودية، الذين تظاهروا خارج مقر الحفل، ومع ذلك فازت بالجائزة ونددت بهم فى خطاب قبول الجائزة، واصفة إياهم بالصهاينة السفاحين. ولاحقا، رفضت ناتالى بورتمان جائزة إسرائيل، التى منحتها لها الحكومة الإسرائيلية، احتجاجا على تصرفاتها العنصرية، ثم نددت بقانون القومية اليهودية فى مقابلة أجريتها معها نهاية عام 2019، واصفة إياه بالعنصرى. وفى عام 2016 امتنع 26 من كبار نجوم هوليوود عن تلبية دعوات وجهت لهم لزيارة إسرائيل فى رحلات سياحية مجانية وفاخرة ومن بين النجوم الذين رفضوا هذه الدعوات مات ديمون وليوناردو دى كابريو وجميع المرشحين لجائزة أفضل ممثل فى الأوسكار للعام الماضى. وأجبر نجوم هوليوود الذين أدانوا قتل الاحتلال الإسرائيلى للصحفية الفلسطينية الشهيرة شيرين أبوعاقلة، صحف أمريكا على إدانة قتل إسرائيل للصحفية بعدما تناولت بعض الصحف الخبر بطريقة أفادت أنها «توفيت» ولم يتم «قتلها» برصاص جنود الاحتلال. فقد هاجم عدد من نجوم هوليوود قتل جنود الاحتلال الإسرائيلى للصحفية أبوعاقلة، التى تحمل أيضا الجنسية الأمريكية مع الفلسطينية، وانتقدوا تعامل صحف أمريكية منها «نيويورك تايمز» مع قتلها على أنه خبر عادى. وفور نشر «نيويورك تايمز» الأمريكية خبر قتل الصحفية شيرين أبوعاقلة بعنوان «الصحفية شيرين أبوعقل تتوفى عن عمر 51 عاما»، هاجم ليام كانينجهام، نجم مسلسل «صراع العروش Game of Thrones» الصحيفة بعنف. وصحح كانينجهام عنوان الخبر على حسابه على إنستجرام مستخدما خاصية التعديل قائلا: «تم اغتيالها من قبل قناص إسرائيلى وهى ترتدى سترة الصحفيين وتغطى وحشية الجيش الإسرائيلى». وعبر خاصية القصص المصورة (Stories)، نشر الممثل الأيرلندى الصورة المعدلة لخبر الصحيفة الأمريكية ليصبح الخبر كالتالى: «شيرين أبوعاقلة، الصحفية الفلسطينية الرائدة، اغتالها قناص إسرائيلى، بينما كانت ترتدى سترة الصحفيين، وتغطى وحشية الجيش الإسرائيلى». وعلى الفور استجابت له صحيفة نيويورك تايمز بعدما لاحظت تعاطف نجوم هوليوود مع الصحفية الفلسطينية وضغوطهم عليها؛ الأمر الذى دفعها لتغيير عنوان الخبر على موقعها الإلكترونى ليصبح «قتل صحفية فلسطينية بارزة ورائدة فى الضفة الغربية».