«لقد فشلت خطط التحفيز الأولية أن تخلق طلبا حقيقيا فى السوق، لأنها تتعلق بمشاريع لا تتسم بالاستدامة، ومن هنا أدركت الحكومات ضرورة تنشيط القطاع الإنتاجى، والبوابة الرئيسية لذلك هى التصدير». تبعا لما جاء على لسان أدهم نديم المدير التنفيذى لمركز تحديث الصناعة. وكانت الحكومة المصرية قد تبنت ثلاث خطط لتحفيز الاقتصاد المحلى فيما تصل قيمته الاجماليه إلى 33 مليار جنيه منذ اندلاع الأزمة وتم توجيه معظمها للإنفاق على البنية التحتية فى مشروعات منخفضة معدلات التوظيف. إعادة صياغة الأولويات هى السبيل الوحيد لتحقيق زيادة الصادرات، تبعا لنديم، مشيرا إلى أن الخطة التى أعلنها رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة، لمضاعفة الصادرات إلى 200 مليار جنيه فى عام 2013، لن يتم تحقيقها إلا إذا تم تأهيل التربة اللازمة، و«العملية ترتبط بإعادة صياغة الأولويات، فيجب إعطاء الأولوية للمجتمع الإنتاجى». «إذا كان أمامى الاختيار بين مد مرافق البنية الأساسية إلى مدينة صناعية أو أخرى سكنية، يجب أن أختار الصناعة» يقول نديم مدللا على كلامه بتجربة الصين التى أعطت الأولوية فى الفترة السابقة للصناعة مما ساعدها إلى النهوض بوضعها الاقتصادى الآن. «الصين اعترفت بأن هناك طبقة فقيرة فى المجتمع، ولكنها لا يجب أن تحول اهتمام الدولة عن التنمية الاقتصادية». وكان رشيد قد ذكر للشروق مؤخرا أن الحكومة تهدف لزيادة نمو قطاع الصناعة بمعدلات تفوق معدل نمو الاقتصاد ككل مشيرا إلى أهمية التركيز على الصناعات التحويلية كونها من أهم القطاعات التى يعتمد عليها النمو بشكل عام، لذلك يؤدى تراجع نشاطها إلى تأثير سلبى على هذا النمو. وأشار إلى أن وزارته تهدف إلى تحقيق معدلات نمو فى قطاع الصناعة خلال العام المالى 2010 2011 تتراوح بين 5.5% و6.5%، مقابل نسبة نمو تستهدفها الحكومة تتراوح بين 5% و5.5%.وحققت الصين معدل نمو قدره 18.5% بينما وصل نمو ناتجها الصناعى إلى 18.5%. ويضرب نديم المثل بخطط الدول المختلفة لتنشيط الصادرات، فيشير إلى الصين التى قامت بإعفاء 2831 سلعة مخصصة للتصدير من الضرائب، والهند التى أعطت إعفاءات ضريبية للمصدرين ومليار جنيه لدعم الشحن، وتركيا التى خصصت 3.2 مليار لدعم المصدرين. «التحدى اليوم فى مواجهة تلك الدول سيكون تحدى إمكانيات، يجب على الحكومة المصرية أيضا أن توجه الدعم إلى المجتمع الإنتاجى»، يقول نديم مشيرا إلى أن الحكومة لا تريد أن تتحمل أى عبء. «وكأن جيب القطاع الخاص أكبر من جيب الحكومة»، بحسب قول نديم. وكان وزير المالية يوسف بطرس غالى قد أصدر قرارا بإلغاء إعفاء السلع الرأسمالية من ضريبة المبيعات بعد أن كان وزير الصناعة قد أعلن عن استمرارها لمدة ستة أشهر إضافية. وقد حدد كل قطاع من القطاعات الصناعية عدد من الطلبات لإمكانية تحقيق هدفه ومضاعفة صادراته، فعلى سبيل المثال، طالب قطاع المنسوجات بفتح استيراد القطن، بينما طالب قطاع الصناعة الكيماوية بتوفير الأراضى بمساحات كبيرة، والملابس الجاهزة بمد طرق مواصلات ونقل إلى هناك، «وكلها طلبات معلقة على الرغم من سهولة تحقيقها، ولكن المشكلة تحديد الأولويات» كما جاء على لسان نديم. ويرى نديم أن خطط دعم للصادرات، وبرنامج تحديث الصناعة، وبرامج التدريب الفنى قد دفع الصادرات فى الفترة من 2005 و2009 من 44.2 مليار جنيه إلى 92.6 مليار جنيه، ولذلك ليس من المستبعد مضاعفة الصادرات إذا ما توافرت التربة اللازمة لذلك». وتختلف مع هذا الرأى، ريهام الدسوقى، كبير محللى الاقتصاد فى بنك الاستثمار بلتون، حيث ترى أن مضاعفة الصادرات فى عام 2013 يعد «تحديا»، لأن هناك صعوبات تتعلق بجودة المنتج المصرى وسعره قد تعرقل من النمو العالى للصادرات المصرية»، بحسب قولها. وتتوقع الدسوقى ان يصل حجم الصادرات غير البترولية فى 2009 2010 إلى 15.6 مليار دولار (ما يقرب من 86 مليار جنيه) وإلى 17.6 مليار دولار (ما يقرب من 97 مليار دولار) فى 2010 2011. وكانت خطة الوزارة قد افترضت وصول حجم الصادرات إلى 100 مليار فى عام 2010، وإلى 120 مليار دولار فى عام 2011. ويشير نديم إلى أن حكومات العديد من الدول تواجه مشكلة الآن لقيامها بالمفاضلة بين توجيه مواردها لدعم القطاع الخاص للحفاظ على التشغيل وزيادة إعانات البطالة التى تدفعها لمن لا يوجد لديهم وظيفة، ومصر فى موقف أفضل حالا من تلك الدول لأنها لا تدفع إعانة للبطالة. ولكن هناك نوعا آخر من التحدى، كما يقول نديم، وهو ضرورة خلق فرص تشغيل خصوصا مع دخول مليون خريجى جديد إلى سوق العمل، وهذا عامل كاف لتتوجه الحكومة إلى مساندة القطاع الإنتاجى.