كشفت مجموعة جديدة من الصور التى التقطت بواسطة الأقمار الصناعية فى أوكرانيا وتحصلت عليها مجموعة دولية من علماء الآثار والمؤرخين والفنيين هذا الشهر عن الحقيقة المروعة للمشهد الثقافى الأوكرانى؛ حيث كشفت الصور عن تدمير 191معلما ومنتدى ثقافيا فى أعقاب الغزو الروسى. وقد أصدر الخبراء الصور من خلال أحد المختبرات التابعة لمتحف فى ولاية فيرجينيا الأمريكية، وقالوا إن القطع الأكبر من الدمار الذى ألحقته القوات الروسية الغازية بالمنشآت الأوكرانية تركز على النصب التذكارية الأوكرانية وأماكن العبادة، حيث تم الآن إدراج 58 كنيسة ومسجدا ومعبدا وكاتدرائية، إلى جانب 111 موقعا تذكاريا وتسعة آثار عامة إلى قائمة المتضررات. وشهدت الحرب أيضا هجوما على موقعين رئيسيين للفنون، وهما: مسرح «ماريوبول» وموقع أثرى آخر، وعلى الرغم من أن العنف الموجه ضد الآثار والمبانى ضئيل، مقارنة بالحصيلة المتزايدة للإصابات والوفيات التى تلحق بالعائلات الأوكرانية، إلا أنها ضربة لا يمكن الاستهانة بها لثقافة وتراث شعب بأكمله؛ لاسيما مع حقيقة حظر اتفاقية «لاهاى» لعام 1954 الاستهداف المتعمد للمواقع الدينية والثقافية، وهى من أول النصوص الرسمية المنظمة لقوانين الحرب وجرائم الحرب فى القانون الدولى، نقلا عن صحيفة الجارديان البريطانية. ويُعتبر مختبر «مراقبة التراث الثقافى» فى متحف فيرجينيا للتاريخ الطبيعى فى مارتينسفيل، مركزا لتنسيق المحاولات العالمية لتسجيل وحماية المعالم المعرضة للخطر، وقد تم إنشاء الشبكة العام الماضى بالشراكة مع مبادرة الإنقاذ الثقافى لمؤسسة سميثسونيان المشهورة، والتى تأسست استجابة لزلزال عام 2010 فى هايتى، والتى تعمل على تدريب أمناء المتاحف فى جميع أنحاء العالم على الاستجابة لتبعات أى صراع ينشأ على المؤسسات الثقافية والفنية. كما يعمل المختبر على التنسيق مع المسئوليين فى أوكرانيا فى حال توارد أخبار عن تضرر أى موقع أثرى فى أوكرانيا على الفور للنظر فى إمكانية الحد من الأضرار التى لحقت بالقطع الأثرية، أو على الأقل توثيقها على الأرض، ويجرى الآن نقل العديد من الخزائن التى تحتوى على أيقونات بيزنطية وآثار تابعة لحضارة سكيثيا وهى منطقة تاريخية تعود للعصر الكلاسيكى القديم، وكانت تشمل آسيا الوسطى وبضعة أجزاء من أوروبا الشرقية شرق نهر فيستولا داخل متاحف أوكرانيا، بالإضافة إلى إخفاء الأعمال الفنية القيمة فى الأقبية أو نقلها سرا إلى متاحف أجنبية داعمة، أما المجموعات الوطنية الأخرى فيحرسها الحرس المسلح خوفا من وقوع إحدى محاولات السطو. وتعتمد العملية فى فيرجينيا على خبرة القيمين على المعارض من أمريكا وأوروبا ويقودها عالم الآثار هايدن باسيت الذى قال أخيرا لصحيفة واشنطن بوست: «إنها عملية تعمل على مدى الساعة طوال أيام الأسبوع»، وأضاف: «على الرغم من أننا قد لا نحدق فى الشاشة بأنفسنا الساعة 3 صباحا، فإن أقمارنا الصناعية تقوم بالتصوير فى الساعة 3 صباحا؛ لذا سنتمكن من رصد من تسول له نفسه بالسرقة أو بالتخريب كائنا من كان». وقال عالم الأنثروبولوجيا الذى يعمل مع الفريق فى فيرجينيا، بريان دانيلز، إن معدل الهجمات زاد بشكل كبير منذ نشر التقرير، كما كشف لصحيفة «الأوبزرفر»: «العنف يتركز الآن على البنية التحتية المدنية وهذا يعنى أن المتاحف والتراث الثقافى مستهدفان فى سياسة التدمير تلك». وقال «باسيت» إنه شهد أضرارا ثقافية كبيرة فى المناطق الأكثر كثافة سكانية، بما فى ذلك التدمير الكامل لمتحف فى «إيفانكيف» قبل شهرين. وشملت المواقع الثقافية البالغ عددها 26000 التى فحصها المختبر هذا الشهر عبر مزيج من الاستشعارعن بعد وصور الأقمار الصناعية مواقع التراث العالمى السبعة فى أوكرانيا، وأشهرها كاتدرائية «سانت صوفيا» ذات القبة الذهبية فى كييف، والتى لا تزال سليمة حتى الآن، وحثت وزارة الثقافة الأوكرانية الشهود على إرسال صور إلى موقعها الخاص بالجرائم الثقافية Culturecrimes.mkip.gov.ua، حتى يمكن إرسال الأدلة التى تم التحقق منها إلى المحكمة الجنائية الدولية. وقد تمحور آخر تقرير لمختبر التراث الثقافى حول الأماكن والمواقع والمعالم التاريخية الرئيسية، ولكن ليس المكتبات ودور المحفوظات على سبيل المثال؛ حيث ذكر التقرير ما يُوصف ب «التأثير المحتمل» عند التحدث عن الأضرار التى لحقت بها؛ وهو يعنى محاولات الكشف عن الضرر المحتمل بناء على طرق الاستشعار عن بعد حيث أن التأثيرات الأصغر قد لا تكون مرئية لتكنولوجيا الجغرافيا المكانية كما أكد التقرير حدوث ما وصفه الخبراء ب «الكارثة» فى بعض المناطق الأوكرانية الآن؛ مثل مناطق دونباس وشبه جزيرة القرم التى تسيطر عليها روسيا، فوفقا لداميان كوروبيكيج، كبير المحللين، تم العثورعلى أدلة تفيد أن الآثار الأوكرانية المدمرة هناك يتم استبدالها بآثار جديدة ذات طابع روسى تدعم التواجد الروسى فى المنطقة.