أثار إعلان شركة "غازبروم" الروسية، الأربعاء، بقطع إمدادات الغاز عن بولندا وبلغاريا، مخاوف فرنسا من أن يطالها ذلك الإجراء، إذ أن الشركة طلبت من دول الاتحاد الأوروبي سداد مدفوعات الغاز الروسي بالروبل. واعتبرت صحيفة "لاديبيش" الفرنسية، أن قرار روسيا يمثل ضربة قاسية، خاصة بالنسبة لبولندا، التي تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 60%. ووفقاً للخبراء، إذا أوقفت روسيا صادرات الغاز عن أوروبا، لن يتسبب ذلك في قلق فرنسا بنفس هذا القدر. ونقلت الصحيفة الفرنسية عن فيليب شارل، الخبير في شؤون الطاقة في معهد سابينس، قوله: "تستهلك بولندا حوالي 20 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا: هذا نصف ما تستهلكه فرنسا"، موضحا أنها تستخدم هذا الغاز إلى حد كبير للتدفئة: وإذا استمر الروس في قطع الغاز حتى الشتاء المقبل، لا أعرف كيف سيخرجوا من تلك الأزمة". ووفقاً للخبير الفرنسي، فإن جوهر المشكلة تكمن في الحاجة إلى دفع الفاتورة بالروبل، إذ تنص حوالي 97% من العقود (بين مجموعات الاتحاد الأوروبي وموردي الغاز الروس) على مدفوعات باليورو أو بالدولار، وذلك الوضع الجديد فرضته الشركة الروسية على دول الاتحاد الأوروبي، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. وبينما وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الإنذار نهاية مارس الماضي، إلا أن المرسوم الروسي سمح للدول المستوردة بفتح حساب لدى بنك غازبروم بانك الروسي، وإيداع مدفوعاتها هناك بالدولار أو اليورو. وأضاف شارل: "تستهلك فرنسا 40 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا، وتعتمد بنسبة 17% على الغاز الروسي"، موضحاً أنه يمكن لفرنسا الاعتماد على استيراد الغاز من النرويج (المستورد الرئيسي)، في محطاتها الأربع لنقل الغاز الطبيعي المسال، وعلى احتياطيات الغاز الخاصة بها، "إذا حققنا بعض الوفورات على نطاق وطني، فيمكننا أن نفلت من العقاب الروسي". وأشار شارل إلى أن روسيا أغلقت للتو خط يامال، وهو خط الأنابيب الذي يمر عبر بيلاروسيا، ولا يزال هناك خط نورد ستريم (الذي يمر تحت بحر البلطيق)، الذي يمر عبر أوكرانيا. وتابع الخبير قائلاً: "إذا أغلق بوتين خطوط الأنابيب هذه، فسيكون ذلك كارثيًا". من جانبه، رأى تييري بروس، الأستاذ في معهد العلوم السياسية "سيانس .بو" وخبير الطاقة، أن تلك الطريقة تستخدمها روسيا لاستعادة قيمة العملة الوطنية من خلال التحايل على العقوبات، موضحا أنه "داخل الاتحاد الأوروبي، وافقت المجر فقط على دفع ثمن الغاز الروسي الذي تستورده بالروبل". ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى تصريحات وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، قبل بضعة أسابيع، التى قال فيها: "لن يكون هناك المزيد من الغاز الروسي". وتابع: "يمكن أن تكون عواقب إغلاق خطوط الأنابيب الخاصة بنقل الغاز الروسي أثقل بكثيرعلى النطاق الأوروبي"، مستطردا أن معظم الدول السبع والعشرون الأعضاء في الاتحاد تعتمد بشكل خاص على الغاز الروسي، موضحاً: "ألمانيا تعتمد على الغاز المستورد من روسيا بنسبة 50%".