لم أنزعج من اتهام البعض لى بالإفلاس.. ومؤمن بضرورة إعادة تقديم كنوزنا الأدبية نحن جميعا نعيش فى عالم عميد الدراما التليفزيونية.. ونسب نجاح العمل له لا يضايقنى أبطال المسلسل أبدعوا فى أدوارهم.. والكل اجتهد حتى يقدم أحسن ما لديه «راجعين يا هوى.. محاولة لاستكمال طريق بدأه أسامة انور عكاشة» بهذه الكلمات وصف السيناريست محمد سليمان عبدالمالك مسلسله «راجعين ياهوى» الذى يخوض به الماراثون الرمضانى هذا العام، والذى استطاع أن يلفت الأنظار اليه، رغم المنافسة القوية هذا الموسم، ورغم ان المسلسل يصنف بأنه دراما اجتماعية تناقش قصة الصراع حول «الميراث» بين الأشقاء»، التى تم تناولها العديد من المرات من قبل، لكن نجح العمل فى أن يتسلل لقلوب المشاهدين بكل سلاسة وعفوية، وأن يكون حديث رواد التواصل الإجتماعى، مشيدين بالحالة التى فرضها وبالصورة الجميلة التى شاهدوها على الشاشة. «راجعين يا هوى» هو النسخة التليفزيونية للمسلسل الإذاعى الذى يحمل نفس الاسم، والذى كتبه الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، ولعب بطولته قبل 20 عاما الفنان الكبير يحيى الفخرانى، ليعيد «عبدالمالك» تقديمه مرة أخرى بشكل وبرؤية مختلفة. «الشروق» تحدثت مع السيناريست محمد سليمان عبدالمالك عن كواليس العمل، وسر حماسه لخوض هذه التجرية، وسبب اختياره هذا النص لإعادة تقديمه على وجه التحديد، وأشياء أخرى كثيرة، وكانت البداية حينما قال: لابد أن أعترف أننى ابن مدرسة الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة، فهو عميد الدراما التليفزيونية، وشرف لى أن أقدم عملا من إبداعه وأفكاره، فأعماله دائما غنية بالشخصيات والتفاصيل، وهو رجل سابق عصره والإمكانيات فى زمنه لم تكن مواكبة لطموحاته. * لكن لماذا قبلت الدخول لهذه المنطقة الشائكة معرضا نفسك للمقارنة مع كاتب كبير بحجم «أسامة أنور عكاشة»؟ دائما تحدث الأشياء لى بشكل قدرى، والموضوع كله بدأ مصادفة، حينما اجتمعت مع المنتج تامر مرتضى ودار بيننا حوار على ضرورة تقديم عمل له طبيعة خاصة، وكان لدى رغبة شديدة فى الابتعاد عن عالم الإثارة والجريمة وكل التعقيدات الدرامية هذا العام، فعبرت له عن رغبتى التى جاءت متوافقة مع رغبته، واقترحت عليه باعادة تقديم احد أعمال الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة وكانت المفاجأة أنه كان لديه نفس الحلم، فقمنا بالبحث فى تاريخ كاتبنا الكبير حتى وجدنا ضالتنا. * ومالذى كنت تبحث عنه فى أعمال أسامة انور عكاشة السابقة؟ كنت أبحث عن عمل يناسب كل الأزمان، ونستطيع تقديمه فى أى وقت، وهو ما وجدته فى «راجعين يا هوى» الذى سبق وتم تقديمه فى مسلسل إذاعى لعب بطولته الفنان الكبير يحيى الفخرانى، ومعه الفنانون معالى زايد وعبدالمنعم مدبولى ومنة شلبى، وحرصا على التواصل مع الفنان يحيى الفخرانى الذى تمنى لنا النجاح والتوفيق، وحصلت على النص الذى كتبه أسامة أنور عكاشة بيده من ورثته، الذين تربطنى بهم علاقة قوية وفى مقدمتهم ابنته المذيعة نسرين عكاشة. * وهل كنت تضع فى اعتبارك أن المقارنة قادمة لا محالة؟ بالطبع، كنا جميعا نعلم أننا وضعنا أنفسنا فى مقارنة شئنا أم أبينا، فنحن نعيد تقديم عمل درامى لكاتب كبير وصاحب قاعدة جماهيرية عريضة، والدخول فى منطقته من شأنه أن يضعنا تحت الملاحظة الشديدة، لكن من جانبنا حاولنا أن نستفيد من هذا الأمر لصالحنا. * لكن ما ردك على اتهام البعض لك ولكل من يعيد تحويل عمل لكاتب سابق بأنه إفلاس.. وهل سبب هذا الاتهام أى إزعاج لك؟ أبدا على الإطلاق، فأنا لم أنزعج من اتهام البعض لى بالإفلاس، خاصة أننى مؤمن بضرورة إعادة تقديم تراثنا وكنوزنا الأدبية والمسرحية بما يتناسب مع عصرنا، وهذا ليس إفلاسا ولكن ثراء، فنحن جيل لدينا جذور ممتدة فى الأرض ولدينا قائمة كبيرة من القامات الأدبية والفكرية، ويجب استثمار أعمالهم، فكيف نهمل إرثا هاما تركه لنا كاتب كبير بحجم كاتبنا الراحل العالمى نجيب محفوظ وغيره من الكتاب الكبار، بالعكس فأنا أرى ضرورة إعادة تقديم أعمال هؤلاء الكبار، وأرى أنه سيحدث التواصل بين الأجيال الذى نفتقده، كما أنه سيثير فى الأجيال الجديدة التحدى والرغبة فى النجاح، وهذا أمر يحدث كثيرا فى العالم والأمثلة على هذا متعددة، مع وضع فى الاعتبار أنه ليس هناك معيار ثابت وواضح لقياس النجاح والفشل فى ظل تعدد الأذواق وتنوعها، فكما رأى البعض أن الجزء السادس من «ليالى الحلمية» لم يحقق نجاحا، ربما يرى البعض الآخر العكس، ولماذا تجاهلنا تجربة مسلسل «موجة حارة» المأخوذ عن رواية «منخفض الهند الموسمى» لأسامة أنور عكاشة فقد حقق المسلسل نجاحا كبيرا، كما أن كل الأعمال تحتمل الفشل والنجاح، وهناك اعمال لكاتبنا الراحل نفسه، لم تحقق نجاحا كبيرا، بالشكل الذى اعتاده فى اعماله الاخرى. * ما الصعوبات والتحديات التى واجهتها فى هذا العمل؟ واجهنا أكثر من تحد وصعوبة، أهمها أننا أمام نص إذاعى مدة الحلقة الواحدة لا تزيد على 10 دقائق وتم تقديمه منذ قرابة 20 عاما، وأن نحوله لمسلسل تليفزيونى فهذا هو التحدى الأكبر، فهذا تطلب منى إضافة شخصيات وعمل نقلة فى تغير الزمن، فرغم أن القصة تصلح لأى زمان، لكن كان لابد من مراعاة التغير الشديد الذى طرأ على مجتمعنا فى كل شىء فى لغة الحوار، والتقنيات، وأشياء أخرى فرضت علينا التغيير، وعليه تعاملت مع النص الإذاعى باعتباره مادة خام، وحاولت أن أفرض روحى على العمل، بالاضافة لتعاونى مع مخرج متطور هو محمد سلامة، الذى أثبت قدراته كمخرج صاحب بصمة مميزة، وحقق نجاحات كثيرة فيما قبل، وقررنا معا خوض المغامرة والتحدى. * ولكن كيف كان موقف ورثة الكاتب أسامة أنور عكاشة تجاه هذه التغييرات التى أدخلتها على العمل؟ هناك تواصل مستمر بينى وبين الأسرة، وبين الأسرة وشركة الإنتاج، والحمد لله بيننا علاقة صداقة، وثقة، فهم يعلمون مدى حبى وعشقى لأسامة أنور عكاشة، وحلمى الكبير بتقديم عمل من اعماله، ووثقوا أن النص فى «يد أمينة» وكنت حريصا بدورى على اشراكهم فى كل شىء، وفى أدق التفاصيل، فأنا أرى أن هذا حقهم علي. ولكن لم يحدث أن تدخلوا بأى شكل من الأشكال، وانا أتصور أن مسلسل «راجعين يا هوى» محاولة منا كفريق العمل، لتكملة طريق بدأه أسامة أنور عكاشة. * كيف تشعر تجاه تصريحات عدد من أبطال المسلسل وفى مقدمتهم خالد النبوى بسعادتهم للعمل فى مسلسل للكاتب أسامة أنور عكاشة رغم أنك كاتب السيناريو والحوار.. هل شعرت بضيق؟ لا، لم أشعر بأى ضيق، لأن الحقيقة تقول إننا جميعا سعداء بالعمل فى عالم أسامة أنور عكاشة، نعم أنا كتبت السيناريو، ولكنى بنيت على «أساس» وضعه عميد الدراما التليفزيونية، وهذا أمر يدعو للفخر، وأود الإشارة إلى ان كاتبنا الكبير الراحل محسن زايد لم يضيره ولم ينزع نجاحه، حينما ربط البعض نجاح مسلسله «حديث الصباح والمساء» للكاتب الكبير نجيب محفوظ لأن المسلسل مأخوذ عن روايته. * بصراحة هل جاء اختيار الفنانة عبير منير للانضمام للمسلسل فى إطار مجاملة زوجها الراحل أسامة أنور عكاشة؟ الفنانة عبير منير أرملة الكاتب أسامة أنور عكاشة هى فى الأول والاخر ممثلة مجتهدة ومتواجدة وتشارك فى أكثر من عمل، وبالتالى اشتراكها معنا ليس به أى نوع من أنواع المجاملة، وهى مناسبة للدور الذى تلعبه جدا. * كيف ترى المنافسة هذا العام؟ لست مشغولا كثيرا بفكرة المنافسة والسباق والترتيب، خاصة أننى مؤمن أن كل عمل جيد يستحق مكانة جيدة، ولكن فى نفس الوقت سعيد للغاية بقوة الأعمال وتنوعها هذا الموسم، فهذا الأمر من شأنه أن يخلق بداخل كل واحد من صناع الدراما الرغبة فى التميز والاختلاف عن غيره. * هل تعتقد أنك ربحت الرهان بعد ردود الأفعال الإيجابية التى حققها المسلسل عقب عرض أولى حلقاته؟ أنا سعيد للغاية بردود الأفعال، وبخلق حالة التواصل مع الناس، وأن حلمى تحول لحقيقة، فلقد كتبت المسلسل بحب شديد، ولم يكن لدى أى رغبه سوى التجول والعيش فى عالم أسامة أنور عكاشة، ولا شك أننى راهنت على اسمه وجماهيريته والحمد لله ربحت الرهان، كما ربحت رهانى على فريق العمل، وسعيد أن كل ممثل فى مكانه بالفعل، وفى مقدمتهم خالد النبوى ووفاء عامر وانوشكا وأحمد بدير، وكل فنان منهم اجتهد لأقصى تقدير، كما أن شركة الإنتاح قدمت إنتاجا سخيا للغاية وسعت جاهدة لإعادة أمجاد الدراما، واستعانت بكوادر فنية رائعة، فنحن معنا المبدع محمد مختار الذى قدم صورة مختلفة وجميلة.