على أرض مصر كثير من الأبنية التي تعبر عن العراقة والتاريخ، وشكلت من خلال أساليبها الفنية المختلفة متحفا مفتوحا يمكنك من خلاله التعرف الطراز المعماري الفني لهذه الحقبة الزمنية، وفي سلسلة من الحلقات مستمرة خلال شهر رمضان، نغوص في عالم من الفنون تَشكل على أرض مصر، نتعرف على طرزها المعمارية وقصص نشأتها، ونستكشف عوالمها الفنية البديعة، في رحلة عبر التاريخ، من خلال كتاب قصور مصر، للكاتبة سهير عبدالحميد. تقول الكاتبة في مقدمة كتابها: "قصور مصر تاريخ لا يزال حيا، لأنها ليست مجرد أمكنة وجدران وشوارع إنما هي سجل يخلد أسماء وشخوص وأحداث رمز لنمط عمارة ساد وظروف عصر خلا وثقافة مجتمع تقلبت عليها السنون وظلت تحمل شيئا من توقيعه لا يزال محفورا في ومضة هنا وأخرى هناك". نقفز في هذه الحلقة من عصر المماليك –الذي تحدثنا عنه في الحلقة السابقة- إلى بداية القرن العشرين، في حي المطرية حيث يوجد قصر الأمير وحيد سليم، والذي شيده يوسف كمال أحد أغنى أمراء الأسرة العلوية، قصره الفخم الذي تحول لمقر لوزارة الزراعة ويوجد فيه مركز بحوث الصحراء. الأمير وحيد سليم هو ابن الأميرة شويكار الزوجة الأولى للملك فؤاد من زوجها الضابط التركي، وعاش هذا الأمير وحيداً لم يتزوج أو ينجب حتى وفاته في منتصف التسعينيات، بعد تأميم كافة ممتلكاته مع قيام ثورة يوليو 1952، وظل يعيش في القصر مع خدمه، حتى اكتشف وفاته أحد الخدم. شُيد القصر على مساحة تقدر بحوالي أربعة أفدنة ونصف، به حديقة شاسعة تعد تحفة فنية، بها عدد من النباتات والأشجار النادرة، وتتوسطها نافورة رخامية أمامها بسطة بها أربع أعمدة ذات طراز روماني، وأماكن للجلوس والراحة ذات زخارف تركية، ويتكون من دور أرضي وثلاثة أدوار أخرى، ويوجد على في أحد الأدوار تمثال لسيدة عارية جالسة على أسد، وباب القصر عليه التاج الملكي به حرفان m- w وهما أول حرفين من اسم الأمير، والحائط المواجه لباب القصر به تمثال لرجل من الجبس يجلس على حربة وشعره ملفوف على الطريقة الرومانية، أما بهو القصر فقد صنع من الرخام الأسود والأبيض والوردي المستورد من إيطاليا. تنتشر في القصر الزخارف النباتية والنقوش والأثاث المصنوع من خشب الأرو، كما أنه يعد مكانا ثمينا يجمع عدد من التحف والأثاث النادر ذو الطرز المختلفة والنسجيات والسجاد متعدد الصنع، ومن المعروف أن التماثيل العارية كانت أحد أبرز سمات الفن الإغريقي. اقرأ أيضا: أماكن وطرز معمارية (12).. قصر الأمير بشتاك.. بُني بعمارة مملوكية على أنقاض آثار الفاطميين