على أرض مصر كثير من الأبنية التي تعبر عن العراقة والتاريخ، وشكّلت من خلال أساليبها الفنية المختلفة متحفا مفتوحا يمكنك من خلاله التعرف على الطراز المعماري الفني لهذه الحقبة الزمنية. وفي سلسلة من الحلقات المستمرة خلال شهر رمضان، نغوص في عالم من الفنون تَشكّل على أرض مصر، نتعرف على طرزها المعمارية وقصص نشأتها، ونستكشف عوالمها الفنية البديعة، في رحلة عبر التاريخ، من خلال كتاب "قصور مصر"، للكاتبة سهير عبدالحميد. تقول الكاتبة في مقدمة كتابها: "قصور مصر تاريخ لا يزال حيا، لأنها ليست مجرد أمكنة وجدران وشوارع، إنما هي سجل يخلد أسماء وشخوصا وأحداثا، رمز لنمط عمارة ساد وظروف عصر وثقافة مجتمع تقلبت عليها السنون، وظلت تحمل شيئا من توقيعه لا يزال محفورا في ومضة هنا وأخرى هناك". لازلنا مع العمارة المملوكية، التي تحدثنا عنها في الحلقة السابقة، واليوم نتناول "قصر الأمير بشتاك"، الذي تسرد له الكاتبة جزءا لا بأس به داخل صفحات كتابها، وتحكي عن هيئته التي وصل لها حاليا، قائلة: "هذا القصر كان أحد أعظم مباني القاهرة بارتفاعه البالغ 40 ذراعا، ونزول أساسه في الأرض بمثل ذلك، وواجهاته ال3 بإطلالة أحدها على شارع المعز لدين الله الفاطمي، وهي الواجهة الرئيسية، وليست على استقامة واحدة، إنما جزأين، أحدهما بارز والآخر غائر يتوسطه المدخل إلى زاوية الفجل، فالأمير بشتاك أخذ من السلطان الناصر قلاوون قطعة أرض من حقوق بيت المال، وهدم دارا و11 مسجدا و4 معابد من آثار الفاطميين، وضم كل ذلك إلى القصر، إلا مسجدا واحدا". الواجهة الرئيسية ذات مشربيات مستطيلة ونوافذ معقودة من الجص المعشق والزجاج الملون، وهي من سمات العمارة المملوكية، وكان لهذا الأمير عدد كبير من العمائر، منها جامعه الذي كان في منطقة بركة الفيل، والحمام الواقع بشارع سوق السلاح حاليا، وقصره الذي بُني على جزء من القصر الكبير الفاطمي، بحسب ما ورد في كتاب "القصور المملوكية في القاهرة". وفي جولتها للقصر، استكشفت الكاتبة قاعة "الركاب خانة"، حيث توضع أدوات الخيول من سروج ولجم بفتحة نافذة للإضاءة، ثم "الطشت خانة" حيث أدوات تنظيف الخيول، وخصص في هذا الجزء "الطباق"، وهي الحجرات التي تعلو المكان ويسكنها القائمون على خدمة الإسطبل، وقاعة المغاني، وهي كسائر البيوت والقصور الكبرى في البيوت المملوكية، تتكون من إيوانين كبيرين، وتتوسطهما قاعة تكون على مستوى أقل انخفاضا، وتتوسطها فسقية من الرخام الملون، وأرضية القاعة فُرِشت بالبلاطات الحجرية، ويعلوها سقف خشبي غني بالزخارف والخشب الزان. اقرأ أيضا: أماكن وطرز معمارية (11).. عمارة العصر المملوكي.. فترة ذهبية في تاريخ مصر