3 مكاسب الأهلي من معسكر تونس    بالأسماء.. مصرع طفلة وإصابة 23 شخصًا في انقلاب ميكروباص بطريق "قفط – القصير"    عامل يعيد 3 هواتف مفقودة داخل نادٍ بالإسماعيلية ويرفض المكافأة    أسعار الفراخ اليوم السبت 26-7-2025 بعد الانخفاض وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    القانون يحدد ضوابط العمل بالتخليص الجمركى.. تعرف عليها    الحبس وغرامة تصل ل2 مليون جنيه عقوبة تسبب منتج فى تعريض حياة المستهلك للخطر    وكالة موديز ترفع التصنيف الائتماني لتركيا    إعلام فلسطيني: 4 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية غرب غزة    زيلينسكي: أوكرانيا تحتاج لأكثر من 65 مليار دولار سنويًا لمواجهة الحرب مع روسيا    وزير الأوقاف يحيل مجموعة من المخالفات إلى التحقيق العاجل    موعد مباراة ليفربول وميلان الودية اليوم والقنوات الناقلة    رحيل نجم بيراميدز بسبب صفقة إيفرتون دا سيلفا (تفاصيل)    موعد إجازة المولد النبوي 2025 الرسمية في مصر.. كم يومًا إجازة للموظفين؟    «أغلى عملة في العالم».. سعر الدينار الكويتي مقابل الجنيه اليوم السبت 26 يوليو 2025    رسميا خلال ساعات.. فتح باب التظلم على نتيجة الثانوية العامة 2025 (الرسوم والخطوات)    تامر حسني يلتقط صورة مع جمهور حفله في العلمين على أنغام «خلونا نشوفكم تاني»    بسبب راغب علامة.. نقابة الموسيقيين تتخذ إجراءات قانونية ضد طارق الشناوي    مينا مسعود لليوم السابع: فيلم فى عز الظهر حقق لى حلمى    «بالحبهان والحليب».. حضري المشروب أشهر الهندي الأشهر «المانجو لاسي» لانتعاشه صيفية    «جلسة باديكير ببلاش».. خطوات تنعيم وإصلاح قدمك برمال البحر (الطريقة والخطوات)    5 طرق بسيطة لتعطير دولاب ملابسك.. خليه منعش طول الوقت    عقب إعلان ماكرون.. نواب ووزراء بريطانيون يطالبون ستارمر بالاعتراف بدولة فلسطين    مصدر أمني: أبواق جماعة الإخوان الإرهابية فبركت فيديو بشأن احتجاز ضابط بأحد أقسام الشرطة بالقاهرة    بالصور.. تشييع جثمان والد «أطفال دلجا الستة» في ليلة حزينة عنوانها: «لقاء الأحبة»    رغم هرولة الشرع للتطبيع، مروحيات إسرائيلية تستبيح مقر "الفرقة 15" بالسويداء    "مستقبل وطن دولة مش حزب".. أمين الحزب يوضح التصريحات المثيرة للجدل    تقرير يكشف موعد جراحة تير شتيجن في الظهر    «الداخلية» تنفي «فيديو الإخوان» بشأن احتجاز ضابط.. وتؤكد: «مفبرك» والوثائق لا تمت بصلة للواقع    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق كابينة كهرباء بشبرا| صور    رسميًا.. دي باول يزامل ميسي في إنتر ميامي الأمريكي    رد ساخر من كريم فؤاد على إصابته بالرباط الصليبي    "هما فين".. خالد الغندور يوجه رسالة لممدوح عباس    "الذوق العالى" تُشعل مسرح مهرجان العلمين.. وتامر حسنى: أتشرف بالعمل مع منير    فلسطين.. شهيدة وعدة إصابات في قصف إسرائيلي على منزل وسط غزة    «مش عارف ليه بيعمل كده؟».. تامر حسني يهاجم فنانا بسبب صدارة يوتيوب .. والجمهور: قصده عمرو دياب    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    هآرتس: ميليشيات المستوطنين تقطع المياه عن 32 قرية فلسطينية    سعر المانجو والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم السبت 26 يوليو 2025    الإسماعيلية تكشف تفاصيل مهرجان المانجو 2025.. الموعد وطريقة الاحتفال -صور    مستشفى الناس تطلق خدمة القسطرة القلبية الطارئة بالتعاون مع وزارة الصحة    «لو شوكة السمك وقفت في حلقك».. جرب الحيلة رقم 3 للتخلص منها فورًا    محافظ شمال سيناء: نجحنا في إدخال عدد كبير من الشاحنات لغزة بجهود مصرية وتضافر دولي    ترامب يحذر الأوروبيين من أمر مروع: نظموا أموركم وإلا لن تكون لديكم أوروبا بعد الآن    تامر حسني يهاجم عمرو دياب بعد تصنيف الهضبة لألبومه "لينا ميعاد": أنا تريند وأنت تحت    إحباط تهريب دقيق مدعم ومواد غذائية منتهية الصلاحية وسجائر مجهولة المصدر فى حملات تموينية ب الإسكندرية    ليكيب: برشلونة يتوصل لاتفاق مع كوندي على تجديد عقده    هاكل كشري بعد الحفلة.. المطرب الشامي يداعب جمهوره في مهرجان العلمين    6 أبراج «الحظ هيبتسم لهم» في أغسطس: مكاسب مالية دون عناء والأحلام تتحول لواقع ملموس    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء والادعاء بحِلِّه خطأ فادح    تنسيق الثانوية العامة 2025.. التعليم العالي: هؤلاء الطلاب ممنوعون من تسجيل الرغبات    عقود عمل لذوي الهمم بالشرقية لاستيفاء نسبة ال5% بالمنشآت الخاصة    يسرى جبر: حديث السقاية يكشف عن تكريم المرأة وإثبات حقها فى التصرف ببيتها    عالم أزهري: خمس فرص ثمينة لا تعوض ونصائح للشباب لبناء المستقبل    رددها الآن.. أفضل أدعية لاستقبال شهر صفر 1447 هجريًا    برلماني: الدولة المصرية تُدرك التحديات التي تواجهها وتتعامل معها بحكمة    جامعة دمنهور الأهلية تعلن فتح باب التسجيل لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجديد    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    شائعات كذّبها الواقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حالة الساحر الهندى
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 03 - 2009

من المشاهد البديعة فى السينما المصرية، ذلك المشهد الخالد فى فيلم «سى عمر» عندما كان الفنان نجيب الريحانى ينتحل شخصية (عمر)، الذى يعيش فى الهند منذ عشرين عاما، ولأن أسرة (سى عمر) كانت تشك فيه، ولا تطمئن له، ولا تعتقد أنه ابنها رغم الشبه المتكامل، أدخلت عليه ساحرا هنديا ليكشفه لهم ويكشف حيلته عندما يحدثه باللغة الهندية.. وساعتها سيعجز ذلك الرجل (نجيب الريحانى) عن التحدث بالهندية فيفتضح أمره، وحينما التقى الرجلان (الريحانى والهندى)، وبذكاء مصرى فطرى داهم الريحانى خصمه الهندى ببعض الأسماء الهندية..
راج.. كومار.. كندهار.. سيخ.. سيخ.. فسقط الساحر وخر يقبل يد الريحانى ويرجوه ألا يفضح أمره.. ثم تبادل الرجلان، بعد المعاهدة بينهما «هذيان» من الكلمات تبدو هندية.. فصدقهما الجميع.. رغم أن كليهما لا يعرف من أمر اللغة الهندية شيئا.
لا أعرف لماذا يداهمنى هذا المشهد، وتسيطر علىّ تلك الحالة (حالة الساحر الهندى) كلما تشابك المجتمع واختلف حول قضية ما، قضية غالبا لا يعرف فيها أحد شيئا، فقط هذيان يشبه هذيان الريحانى والساحر الهندى.. طرف يوهم طرفا أنه يعرف وعلى الطرف الآخر أن يستجيب.. بينما نحن نتعامل مع الأمر وكأنه حقائق، وليس فيلما سينمائيا.. والمصيبة أن حالة الساحر الهندى تمتد فى حياتنا من السياسة إلى الاقتصاد، ومن التعليم إلى كرة القدم.. والمصيبة الأكبر أنها تصل أحيانا إلى القضايا الدينية.
على سبيل المثال، حينما جاء التغيير الوزارى الأخير، أو اللاتغيير إن شئنا الدقة فى التعبير، خرج علينا البعض بثقة كاملة أن السبب فى إبعاد الوزير أبوزيد أنه تهاون فى حق مصر خلال أحد المؤتمرات بإثيوبيا، بينما قال آخرون إن هجومه على مشروع توشكى هو السبب، فيما كانت الحكومة قد أعلنت أنه خرج من الوزارة لأسباب صحية، فى ذات الوقت الذى قال فيه صاحب الشأن إنه لا يعرف لماذا خرج، أليست هذه الحالة حالة «سى عمر» أصيلة، رطن فيها الجميع باللغة الهندية التى لا يعرفون من أمرها شيئا.. بينما الذى يجيد الهندية بجميع أنواعها..
يترك الجميع فى حالة هذيان، وربما يستمتع بما يسمع ويشاهد.. وربما لديه أسباب أهم وأعمق من ذلك.. لكن المهم أنه لا يقول ويترك الجميع فى حالة هندية كاملة.. ما بين اللغة والجنسية.. مع الاعتذار للشعب الهندى شديد الذكاء المتمسك بالديمقراطية، المدافع عن حقوقه السياسية.. الباحث عن تطوير وتقدم مجتمعه.
وكذلك الأمر فى قضية التوريث، تسمع أن أمريكا وافقت على مجىء السيد جمال مبارك رئىسا، ثم يأتى من يضيف: ولكن بأجندة محددة.. فيما يعلن آخرون أن جمال اتفق مع الإخوان، وإن كانت هناك بعض الخلافات البسيطة التى تعيق الاتفاق النهائى..
وبالتوازى من يقول إن مصر ليست ك«سوريا» ولا يمكن أن يأتى جمال، بل هو يعرف على وجه الدقة من سيخلف الرئىس مبارك، وأن هذا سيتحدد خلال أيام قليلة بإعلان اسمه نائبا لرئيس الجمهورية، واضح أن الأيام القليلة.. طويلة جدا جدا جدا، المشكلة أنه لا أحد يتحدث باعتبار أن هذه آراء أو تكهنات أو حتى تحليلات سياسية عميقة.. بل معلومات مؤكدة.. تماما مثلما كان نجيب الريحانى يتحدث اللغة الهندية: راج.. كومار.. بابا.. جنجال.. سيخ.. سيخ، رغم خطورة قضية التوريث، التى كبلت البلد والنظام فى قضية واحدة، وفى مشكلة واحدة تعيق أى حوار وطنى حول حزمة من القضايا بات من الضرورى طرحها للرأى العام ومناقشتها ومحاولة حلها.. بدلاً من توريث جنجال. (بالمناسبة جنجال تعنى بإحدى اللغات الهندية الدارجة: معركة).
حتى فى الجرائم والحوادث تطل علينا حالة الساحر الهندى.. فهشام طلعت مصطفى.. برىء من جريمة سوزان، وهناك من ورطه فى الأمر لحسم معركة (جنجال) شخصية فى الحزب.. وهناك من قال إنه قتلها وأن النظام كان ينوى إغماض عينيه وسد أذنيه عن القضية لولا شرطة دبى سامحها الله هى التى أصرت على إثارة وإعلان القضية..
بينما فريق ثالث يذكر لك ما دار بالتفصيل فى هذا الشأن من داخل مكتب الرئيس.. باعتباره أكثر هندية من الجميع، حتى حادثة الحسين، حسم البعض الأمر أن الداخلية قامت بالحادث لاستمرار العمل بقانون الطوارئ، وقطع الطريق على قانون الإرهاب، باعتبار أن الدولة عاجزة عن عدم تمديد الطوارئ.. أو أن قانون الإرهاب «حاجة تفرح القلب».. أليس هذا كلاما هنديا أصيلا لا يصدقه إلا هنود حقيقيون. ( مع الاعتذار مرة أخرى للشعب الهندى.. فكل هذا من باب الدعابة).
أعتقد أن الدولة مطالبة قبل غيرها بالشفافية والسماح للمعلومات بالتدفق للرأى العام، حتى نقضى على حالة الساحر الهندى.. وعلى حالة هذيان المعلومات الخاطئة، التى تحاصرنا ليل نهار.. وأعتقد أيضا أننا مطالبون بالعمل مثل الهنود.. لتحقيق معدلات نمو أفضل وللسير فى طريق النهضة والتنمية والشفافية السياسية والانتخابات غير المزورة.. والتفوق فى علوم الحاسب والتقدم فى الصناعة.. أو حتى فى الشطارة والمهارة فى الاستثمار والنصب، واسألوا عمال غزل شبين لو كنتم لا تعلمون، و(اتشطروا على الهنود قبل أن تسخروا منهم).
مع خالص تحياتى للفنان نجيب الريحانى.
سيخ.. سيخ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.