أفلامه تزين كل الفضائيات الريحاني فيلسوف الضحك الباقي رغم كل الحروب والأمراض والكوارث، ورغم ارتفاع نسبة التلوث البيئي والأخلاقي، ورغم كل الهموم والغيوم التي تخيم علي مناطق كثيرة في العالم، ورغم ان كل مشاكل العالم تزداد تأزما ولاتجد اية حلول مناسبة، بداية من الاحتباس الحراري، وحتي القرار الظني للمحكمة الدولية، مازالت هناك فرصة للفرح والابتسام علي يد بعض المضحكين القدامي والجدد..الذين تعرض اعمالهم علي الفضائيات بين الحين والحين. نجيب الريحاني ورغم قلة اعماله المسجلة، يبقي واحدا من عتاولة المضحكين القادرين دائما علي مداعبة فرحنا الطفولي، وفي كل مرة ومع كل مشهد، ربما تكون قد رأيته مئات المرات، حتما ستجد نفسك في حالة من التأمل والانتشاء. شخصية كشكش بيك كانت بداية النجاح، وهي الشخصية الأهم والأشهر في تاريخ الريحاني، وربما في تاريخ المسرح الكوميدي، ويروي الريحاني كيف ولدت هذه الشخصية : ( طاردني القلق ذات ليلة، وعند الفجر رأيت خيالا كالشيخ يرتدي الجبة والقفطان، وعلي رأسه عمامة كبيرة، فقلت في نفسي ماذا لوجئنا بشخصية كهذه وجعلناها عماد رواياتنا ) أيقظ الريحاني شقيقه الأصغر ليملي عليه هيكل الموضوع وكان عبارة عن : ( عمدة من الريف وفد آلي المدينة، وهويحمل الكثير من المال، فألتف حوله فريق من الحسان أضعن ماله، وتركنه علي الحديدة، فعاد إلي قريته يعض بنان الندم، ويقسم اغلظ الإيمان، أن يثوب آلي رشده فلا يعود إلي ارتكاب ما فعل ) في اختياره هذه الشخصية ونجاحه في تجسيدها، وضع الريحاني اللبنة الأولي في توليفة النجاح، وتجسدت في هذه الشخصية بعض الملامح آلتي ستسود في ما بعد في كل الشخصيات التي سيلعبها في مسرحياته وافلامه. في ( لعبة الست ) من الممكن ان تتعرف علي شخصية الموظف البسيط النبيل الخلوق الذي يأتي للمدينة بطيبة، ليتعرض إلي تعالي المدينة علي يد الراقصة فاتنتسا وامها السيدة (جنح ) وابيها السيد ( نفخو) وابن خالتها المدعو( بلاليكا ). طيعا سيبقي ( بللاليكا ) هذا حذثا استثنائيا في تاريخ الكوميديا الغنائية خاصة عندما نشاهده في مشهد زواج نجيب الريحاني وهويغني اغنيته الشهيرة ( بطلوده واسمعوده ) عن الغراب الذي تزوج يمامة. وفي ( سي عمر ) جسد الريحاني شخصية المواطن البسيط الذي يقع ضحية لتلاعب امرأة نصابة، ولص محترف، لكنه في النهاية يقرر آن يواجه الكذب ليعترف بالحقيقة بعد آن ينتحل شخصية أخري، وهنا نتذكر إبداعه التمثيلي في مشاهد كثيرة جمعته مع ميمي شكيب، وعبد الفتاح القصري. وفي ( غزل البنات ) يلعب الريحاني واحدا من اجمل ادواره عندما يجسد شخصية الاستاذ حمام المدرس الفقير الذي يعلم الأجيال، ويتلقي راتبا اقل كثيرا من مرتب معلم الكلاب الذي يعمل عند الباشا الكبير. في هذا الفيلم أضحكنا الريحاني كثيرا، ولم ينس آن يوجع ضمائرنا، ويهز أرواحنا.وهذا ما كان يفعلة دائما في اعمالة. سواء المسرحية اوالسينمائية. رغم ان ساحة الكوميديا العربية قد شهدت العشرات من نجوم الكوميديا الا ان الريحاني سيظل دوما واحدا من ابرز هؤلاء المضحكين، لان صناعة الضحك ارتقت عنده من كونها مجرد مهنة لتصبح عشقا حقيقيا، يحرسه الفكر والرؤي، ويغذيه الارتباط الدائم بقضايا الإنسان. في كتاب ( مذكرات الريحاني ) الذي نشرته دار الهلال عام 1959، كتب بديع خيري مقدمة وضع فيها يده علي أهم مفاتيح شخصية الريحا ني، وقال أنة لس ممثلا يكسب لقمته من مهنة التمثيل، ولكنه كان فنانا أصيلا عاش لفنه فقط، ولاقي بسبب ذلك الاضطهاد والحرمان وشظف العيش لم يكن الصدق وحده الذي يجعلنا نصدق هذا الفنان، وانما هذا الأداء العبقري الذي يطالعنا في كل عمل من اعمالة، وربما يكمن السبب في أن الريحاني نجح بحق في ان يخلد اسمه كواحد من فلاسفة الضحك في العصر الحديث. بعض الفنانين اثروا وجداننا باعمال نكتشف قيمتها اكثر مع مرور السنين، ومن هؤولاء نجيب الريحاني الذي لانحتاج معه الي ذكري وفاة، اوذكري ميلاد لنحتفل به. مجرد تواجد احد اعماله علي احدي الفضائيات انما يجدد الاحتفال والذكري.