الخارجية الإيرانية تعلن موعد ومكان انعقاد الجولة الجديدة من المحادثات مع واشنطن    كلهم من عائلة واحدة، قرارات عاجلة لمحافظ أسيوط بشأن سقوط تروسيكل يقل 17 شخصا بنهر النيل    على طريقة محمد رمضان، دنيا سمير غانم تفاجئ جمهور جدة وتقتحم المسرح ب"عربة جولف" (فيديو)    صحة سوهاج: 560 جلسة علاج طبيعي لمرضى الغسيل الكلوي خلال أيام عيد الأضحى    روسيا: كييف تُماطل في قبول جثث العسكريين الأوكرانيين بسبب جهات خارجية    رافاييل فيكي يدخل دائرة ترشيحات الزمالك لتولي القيادة الفنية    بعد الارتفاع الكبير ل الجنيه.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الثلاثاء بالصاغة وعيار 21 يسجل مفاجأة    القبض على صاحب مطعم شهير بالمنيا بعد تسمم أكثر من 40 مواطن    مصرع مهندسة وإصابة أسرتها في حادث انقلاب سيارة بالطريق الصحراوي الشرقي بسوهاج    تنفيذ 238 قرار إزالة تعديات على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بسوهاج    يتطلب استجابة عاجلة.. الصحة العالمية: جدري القرود لا يزال طارئة صحية دولية (التوصيات)    أول تعليق من يحيى عطية الله لاعب الأهلي بعد غيابه عن مباراة الفريق أمام باتشوكا    عاشور: كل لاعب يسعى لتأمين مستقبله.. ولا يوجد ما يمنعنا من التتويج بمونديال الأندية    إمام عاشور: لماذا لا نحلم بالفوز بكأس العالم للأندية؟ نحن أيضًا نملك النجوم والتاريخ    احتجاجات في إيطاليا ضد هجوم إسرائيل على السفينة مادلين    استشهاد 3 مسعفين وصحفي في قصف إسرائيلي استهدف طواقم الإنقاذ في غزة    الجيش الإسرائيلى يصدر تحذيرًا بإخلاء 3 موانئ يمنية خاضعة لسيطرة الحوثيين    السيطرة على حريق فيلا بكمبوند الدبلوماسيين في القاهرة الجديدة    حدث في منتصف الليل| توجيه من شيخ الأزهر بشأن أسرة شهيد الشجاعة وموجة شديدة الحرارة    انقلاب سيارة مواد بترولية بطريق السويس ونجاة السائق    أقوال رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر تكشف الجهة المسؤولة عن انفجار خط الغاز ب طريق الواحات (خاص)    ترامب: إيران تلح على السماح لها بتخصيب اليورانيوم    حدث بالفن | حفل زفاف أمينة خليل في اليونان وحفيد الزعيم يستعد للزواج    ب"شورت قصير".. أحدث جلسة تصوير جريئة ل دينا فؤاد والجمهور يعلق    ما حكم الشرع في بيع لحوم الأضاحي.. دار الإفتاء توضح    دوناروما: علاقتنا مع سباليتي تجاوزت حدود كرة القدم.. والمدرب الجديد سيحدد موقفي من شارة القيادة    وزير الصحة الأمريكي يُقيل اللجنة الاستشارية للقاحات    أجواء مشحونة بالشائعات.. حظ برج الدلو اليوم 10 يونيو    إزاى سعر الدولار بيتحدد أمام الجنيه وما هو المتوقع مع عودة البنوك للعمل؟    حاكم كاليفورنيا ينتقد قرار ترامب بنشر المارينز ويصفه ب "المختل"    نفقات حرب غزة تقفز بديون إسرائيل 17% في 2024    خط دفاع تحميك من سرطان القولون.. 5 أطعمة غنية بالألياف أبرزها التفاح    برلماني: 30 يونيو ستظل شاهدة على وعي الشعب وحمايته لوطنه    القنوات الناقلة لمباراة العراق والأردن مباشر اليوم في تصفيات كأس العالم 2026    سباليتي يعترف: من العدل أن أرحل عن تدريب منتخب إيطاليا    فريق واما يحيي حفلا غنائيا في بورتو السخنة ضمن احتفالات عيد الأضحى    تامر عاشور: أنا رجل شرقي بحت.. وهذا سبب خوف نانسي نور قبل الزواج    الاتحاد السكندري يؤجل حسم المدير الفني انتظارا لموقف مصيلحي    الغربية تُنهي موسم عيد الأضحى ب1431 ذبيحة مجانية في 18 مجزرا    مأساة على شاطئ بقبق بمطروح.. مصرع 10 مصريين وأفارقة في رحلة هجرة غير شرعية قادمة من ليبيا    تفاصيل حجز شقق صبا بمدينة 6 أكتوبر..آخر موعد للتقديم وأنظمة السداد    إجراء 2600 جلسة غسيل كلوي خلال إجازة عيد الأضحى بمحافظة قنا    استقبال 13108 حالة طوارئ بالمستشفيات خلال عيد الأضحى بالمنوفية    سعر السكر والأرز والسلع الأساسية ب الأسواق اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025    المصرية للاتصالات تقدم إنترنت مجاني لعملائها بعد تشغيل الجيل الخامس.. تفاصيل    كيفية إثبات المهنة وتغيير محل الإقامة ب الرقم القومي وجواز السفر    سعر الحديد والأسمنت ب سوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025    3 وزراء ومحافظ في أمسية ثقافية ب احتفالات عيد الأضحى    الأبراج    برلمانية: مصر تستعد للاستحقاقات النيابية وسط تحديات وتوترات إقليمية كبيرة    موعد أول إجازة رسمية بعد عيد الأضحى المبارك .. تعرف عليها    إصابة 5 أشخاص إثر انقلاب سيارة ميني باص على صحراوي قنا    هل تنتهي مناسك الحج في آخر أيام عيد الأضحى؟    ما حكم صيام الإثنين والخميس إذا وافقا أحد أيام التشريق؟.. عالم أزهري يوضح    موعد إجازة رأس السنة الهجرية.. تعرف على خريطة الإجازات حتى نهاية 2025    دار الإفتاء تنصح شخص يعاني من الكسل في العبادة    الجامعات المصرية تتألق رياضيا.. حصد 11 ميدالية ببطولة العالم للسباحة.. نتائج مميزة في الدورة العربية الثالثة للألعاب الشاطئية.. وانطلاق أول دوري للرياضات الإلكترونية    دعاء الخروج من مكة.. أفضل كلمات يقولها الحاج في وداع الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة إلى عالم الإمبراطوريات

تتواصل تفاعلات الأزمة الأوكرانية كأخطر أزمات العالم منذ عقود، وتنذر بمخاطر وتحولات واسعة النطاق، ومع دقة هذه الأزمة فإن هناك ضرورة للتأنى قبل إطلاق الأحكام التى تسود كثيرا من المنابر، كما يعقد الأمور أن تأمل طوفان الأخبار والتحليلات حول ما يحدث فى أوكرانيا بهدوء يكشف أن هناك حالة تعمية إعلامية واضحة حول ما يحدث بالفعل على الأرض فى هذه الدولة منذ بدء الغزو الروسى، وكأن هناك تواطؤا متعمدا بين الإعلام الغربى والروسى معا فى هذا الصدد. فإذا كانت المعلومات التى ذكرها الرئيس بايدن ورئيس الوزراء البريطانى والمصادر الغربية الرسمية والإعلامية دقيقة، والتى تضمنت حشودا تتراوح ما بين مائة ألف ومائة وخمسين ألف مقاتل روسى، واليوم يتحدثون عن عدد أكبر بمختلف تشكيلاتهم القتالية، فنحن إذن نتحدث عن حجم مهول ومن جانب قوة عظمى عسكرية، لا يتناسب معها أن يبدو ما يحدث على جبهات القتال غامضا بدرجة على الأقل نسبية.
ومعنى ما سبق أنه إذا كان المشهد العسكرى تحيط به معلومات قليلة ومتناقضة وشحيحة بين الجانبين، فإن استشراف الأمور بالتالى أمر بالغ الصعوبة مع ضرورته لنعرف إلى أين يسير العالم، ولكى نبلور مصالحنا وكيف ستتأثر بما سيحدث. ومع ذلك فإننا جميعا مدعوون للاجتهاد فى هذه المرحلة الصعبة من تاريخ البشرية التى لا تتعلم من دروس التاريخ، ورغم أن هذه الدروس واضحة إلا أنه يتم تجاهلها كما اعتادت البشرية عبر تاريخها الطويل.
ونعود إلى المشهد الخاص بالأزمة، فإذا كان المشهد العسكرى لا يزال على درجة من الغموض النسبى، فإن المشهد السياسى أكثر وضوحا، وأهم سماته أن هذا الغزو قد فشل فى الأجل القصير على الأقل فى تقسيم الغرب، بل على العكس أعاد درجة كبيرة من الوحدة إلى الصفوف الغربية، وربما كان الأخطر من كل ذلك رسائل السويد وفنلندا بدعم عسكرى لأوكرانيا، والأخطر التوجه الألمانى لتعظيم القدرات العسكرية والتحول الكبير من الموقف السابق والذى كان حريصا على ترك مسافة مع واشنطن وعدم مسايرتها ومحاولة الاحتفاظ بالعلاقات الخاصة مع موسكو، بعبارة واضحة من أهم النتائج ضرب التقارب السياسى والاقتصادى الروسى الألمانى، وإلى حد أقل التقارب الروسى الفرنسى، وفى جميع الأحوال التسابق الأوروبى على إعلان تقديم الدعم العسكرى لأوكرانيا.
الخسارة الثانية لروسيا هى فى الموقف الدولى المعارض لها والذى تمثل فى الهزيمة السياسية التى واجهتها فى الجمعية العامة للأمم المتحدة حين صوت معها خمس دول فقط، وصوتت ضدها دول صديقة تاريخيا كمصر وعدد من الدول العربية والآسيوية، كما امتنع عدد كبير من أصدقائها وحلفائها التاريخيين عن التصويت وعلى رأسهم الصين، التى كانت موسكو تعول عليها، والهند الصديق التاريخى، فمن الصعب القبول بغزو أراضى دولة مستقلة وإلا انهار السلم الدولى تماما.
سارعت بعض التحليلات إلى طرح أن هذه الحرب مُقدمة لترسيخ عالم متعدد الأقطاب، وأن التقارب الصينى الروسى سيغير كذلك المعادلات الراهنة فى هذا الاتجاه، ولكن جاء رد الفعل الصينى الحذر والممتنع عن التصويت سواء فى مجلس الأمن أو فى الجمعية العامة للأمم المتحدة ليفرض مراجعة ضرورية بشأن هذه التصورات، وحقيقة الأمر أننا كنا نتعامل مع عالم تسوده السيولة ومرونة التحالفات النسبية قبل هذا الغزو الروسى، وأن عددا من تدخلات روسيا السابقة سواء فى جورجيا أو شبه جزيرة القرم أو فى سوريا كانت ترسخ بوضوح من هذه المعانى وكانت تشكل مع تراجع واشنطن سمات متصاعدة لفكرة التعددية، ومن ثم لا تشكل هذه الحرب ترسيخا لهذا المعنى بقدر ما تشكل إعادة لفكرة بناء إمبراطورية روسيا مجددا، وكأن بوتين يرسخ أنه سواء كانت روسيا القيصرية أم الاتحاد السوفيتى أو الاتحاد الروسى المعاصر فإن الحرص لا يتوقف عن فكرة بناء مشروع الدولة الإمبراطورية، وأن هناك مجتمعات تسقط فريسة هذا النوع من الطموح، ولو أضفنا إلى هذا ما نراه سابقا من حالتى تركيا وإيران لفهمنا مغزى هذه التحولات فى بنية النظام الدولى منذ فترة، كنتيجة لحالة السيولة والإخفاق الدولى المزمن.
هذا الإخفاق متعدد الأبعاد، على رأسه ما يمكن تسميته بالخلل المزمن فى النظام الدولى ممثلا فى الأمم المتحدة وعجزها عبر عقود تارة بسبب الحرب الباردة، وتارة أخرى بسبب سوء إدارة واشنطن للمنظمة فى مرحلة هيمنتها، وفى جميع الأحوال يظل حق النقض أو الفيتو الذى اختصت به الدول الخمس الكبرى أداة تعويق وتعجيز المنظمة عن أداء عملها فى حفظ السلم والأمن الدوليين، مصحوبة بهيمنة غربية من خلال أدوات عدة للسيطرة أبرزها التمويل، ليسفر كل هذا مع المعايير المزدوجة التى تدمنها البشرية وخاصة الغرب عن هذا الفشل المزمن الذى سمح فى العقد الأخير بشكل خاص بعودة مظاهر توسع وتدخل دولى يستقطع أراضى ويرتب نفوذا خارجيا كما نرى فى ساحة الأزمات العربية.
ما نريد قوله إن المشهد الراهن إذا نجح الغزو الروسى ينتمى إلى عالم إعادة الإمبراطوريات ومفاهيم الأمن التقليدية بأكثر من ترسيخ تعدد الأقطاب؛ لأن هذا التعدد كان بالفعل أقرب للتحقق، ولم يكن بحاجة لهذه الحرب، من هنا جاء عنوان المقال أن هناك توجها نحو عالم القرن التاسع عشر، أى أنه سيناريو مظلم للبشرية يرسخ من غلبة القوة ويعيد مفاهيم قديمة، ومن جهة أخرى وهذه هى الكارثة فإن كسر روسيا سيعيد هيمنة الغرب بشكل غير مسبوق ليواصل إدارته للعالم بنفس المعايير المزدوجة وممارسة حق التدخل بحسب المصالح والأحوال، وسيصبح العالم فى الحالتين أكثر سوءا مما كان قبل الغزو. كم هى صادمة النتائج المحتملة لهذه الحرب وأى مفارقة علينا أن نعيشها ونتعامل معها فى بلادنا ودول الجنوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.