تظاهرة ضخمة دشنها الرئيس التونسى زين العابدين بن على ليعلن تسلم شعلة الثقافة الإسلامية من عروس البحر الأبيض المتوسط «الإسكندرية»، لتحملها المدينة الخالدة: القيروان. لفيف من العلماء والوزراء والمسئولين من كل أرجاء الوطن العربى والإسلامى حضروا قبل أيام مراسم تتويج القيروان درة خامسة فى تاج العواصم الإسلامية، إيذانا ببدء 100 فعالية قيروانية تعزف للأجيال الجديدة أعذب الألحان الإسلامية والثقافية والعربية على مدار هذا العام.. ما بين معارض للفنون التشكيلية والتراث المعمارى والمخطوطات والمؤتمرات الدينية والثقافية والعلمية. وحين أعلن الرئيس التونسى زين العابدين بن على انطلاق الاحتفالات، استعرض إسهامات المدينة الخالدة، التى أسسها الصحابى الجليل عقبة بن نافع سنة 50 للهجرة الموافقة 670، لتصبح رابعة المدن الإسلامية المقدسة بعد مكةوالمدينة والقدس. ومن القيروان كما قال الرئيس زين العابدين فى كلمته الافتتاحية التى ألقاها نيابة عنه رئيس الوزراء محمد الغنوشى انطلقت الفتوحات نحو المغرب والأندلس وصقلية وجنوب الصحراء وتأسست أكبر مدرسة فقهية لمذهب الإمام مالك، ونشأت أرقى المدارس الفقهية والأدبية والتربوية والطبية، وسطعت أسماء مشعة مثل أسد بن الفرات وإبراهيم الحصرى والطبيب إسحاق بن عمران. وصارت تلك المدينة مركز عبور أساسى ونشيط، وتعج بالمساجد والدواوين والأسواق والصناعات، وشهدت تطورا عمرانيا بالغ القيمة لاسيما على مستوى بناء الحصون والجسور والفسقيات وتشييد الرباطات. وجاء اختيار القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية كما يقول الدكتور عبد العزيز التويجرى مدير المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الايسيسكو)، تفعيلا لقرار المؤتمر الإسلامى الرابع لوزراء الثقافة المنعقد عام 2004 بالجزائر، باختيار عدد من العواصم المتميزة لإبراز العطاء الثقافى والعلمى والأدبى لها، وتم الاحتفاء منذ عام 2005 بمدن مكة وحلب وفاس والإسكندرية. وعلى ألحان الموسيقى التونسية بحركاتها اللحنية والإيقاعية وفى ليلة قمرية سهرت القيروان رسميا وشعبيا مع تاريخها وفنونها ومعارفها وعلومها فى عرض فنى راق بالصوت والضوء خلف مئذنة جامع عقبة بن نافع المسماة بالمصلى، بمصاحبة موسيقى مؤلفة خصيصا لهذا الغرض بتعاون تونسى فرنسى. والقيروان التى استعارت اسمها من اللغة الفارسية، وتعنى مكان السلاح ومحط الجيش، اختارها عقبة بن نافع لتكون مكانا استراتيجيا بعيدا عن الشواطئ التى يهددها البيزنطيون وبعيدا عن الجبال التى يتربص بها البربر. وأسهم القيروانيون مبكرا فى إرساء هوية الفنون الإسلامية وطوروا منها أشكالا وأنماطا مبتدعة مثل الخطوط الكوفية القيروانية، واستحدثوا نماذج جديدة فى مجال العمارة الدينية، وخاصة بجامع عقبة بن نافع وفى صناعات فنية مختلفة مثل الخزف والنقش على الحجارة والمعادن وغيرها.