دفعت الأزمة المتفاقمة بين روسياوأوكرانيا، دولة رومانيا إلى الاضطلاع بدور عسكري وأمني أكثر نشاطًا في أوروبا الشرقية أكثر من أي وقت مضى في تاريخها الحديث، مما يوفر الدعم لكل من كييف وحلفائها في الناتو، حسب صحيفة "اندبندنت". وذكرت الصحيفة، أن بوخارست، رحبت علنًا في الأيام الأخيرة الماضية بالانتشار المحتمل للقوات الأمريكية والفرنسية لتعزيز وحدة قوامها ما يقرب من 1000 فرد عسكري أمريكي موجود بالفعل في البلاد في عدة قواعد، بما في ذلك محطة إيجيس آشور للدفاع الصاروخي المتطورة في مدينة ديفسيلو الجنوبية. وأشارت الصحيفة، إلى أن رومانيا تقدم منذ عدة سنوات دعمًا للأمن السيبراني لأوكرانيا، وتكثف المحادثات مع كييف حول تعزيز التعاون الأمني البحري في البحر الأسود، كما منحت أوكرانيا ما أسماه مستشار الشؤون الخارجية السابق "الدعم السياسي غير المشروط" في الوقت الذي تواجه فيه توغلاً محتملاً من قبل روسيا. وقال الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس في بيان يوم الأربعاء: "يجب أن نكون مستعدين لأي سيناريو محتمل.. الأزمة لا تتعلق فقط بأوكرانيا، أو الأمن على البحر الأسود، أو الأمن الأوروبي، بل تتعلق بأمن المنطقة الأوروبية الأطلسية". وقالت وزيرة القوات المسلحة الفرنسية فلورنس بارلي، بعد اجتماع مع نظرائها الرومانيين يوم الخميس، إن فريقا من الخبراء وصل إلى رومانيا لرسم صورة محتملة لعملية الانتشار. وأشارت فلورنس، إلى أن الوضع الأمني الحالي مقلق على الجانب الشرقي من أوروبا، الرومانيون حريصون عن حق على تعزيز أمنهم، حيث تستمر التوترات في أوكرانيا في التصاعد. وربما لم تتبنً أي دولة أخرى في أوروبا الشرقية دورها كرادع محتمل ضد غزو روسي محتمل لأوكرانيا بحماس مثل رومانيا، التي انضمت إلى الناتو في عام 2004. • رومانيا العمود العسكري لحلف الناتو وقال رادو ماجدين مستشار السياسة الخارجية السابق للحكومة الرومانية: "رومانيا هي العمود العسكري لحلف الناتو في جنوب شرق أوروبا.. وإنها مركز لجنوب شرق أوروبا". وأضاف ماجدين: "نحن حذرين بشأن المفاجآت التي قد تسببها لنا روسيا في مولدوفا.. المزيد من التواجد الأمني للناتو هنا ، يعني المزيد من الأمن لرومانيا." وكان انسحاب قوات الناتو من رومانيا وبلغاريا من بين مطالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المعلنة بتجنب الصدام حول أوكرانيا، مما أدى إلى قدر من القلق في بوخارست. وفي وقت متأخر من يوم الأربعاء الماضي، شوهدت قوافل دبلوماسية تندفع عبر العاصمة في سيارات مرسيدس سيدان سوداء، وساورت الشباب الروماني المخاوف من أن الحرب وشيكة، وأنهم قد ينجذبون إلى خوض أي صراع. ويعتقد البعض أن الروس سيحاولون غزو رومانيا نفسها، إن ما يثير قلق رومانيا ليس فقط أمن أوكرانيا ، التي تشترك معها في حدود طولها 373 ميلا، ولكن الدور المعقد المحتمل لمولدوفا في أي صراع يشمل روسيا وحلف الناتو. • مخاوف من عدم الاستقرار ويخشى الرومانيون من أن أي توغل في أوكرانيا يمكن أن يؤدي إلى عدم الاستقرار وينتشر في مولدوفا، وهي دولة تتحدث اللغة الرومانية إلى حد كبير و يبلغ عدد سكانها 2.6 مليون نسمة والتي اشتبكت معها مع روسيا لعدة قرون، ويعتبر الكثيرون الجمهورية السوفيتية السابقة جزءًا من رومانيا التاريخية. فيما لا تزال منطقة ترانسنيستريا التي يسيطر عليها الكرملين، وهي منطقة تحتلها روسيا في مولدوفا، حامية في أقصى الغرب في موسكو، على بعد 100 ميل فقط من الحدود الرومانية، وقد تم الاستشهاد بها على أنها من بين الطرق التي يمكن لروسيا أن تشن بها جبهة ضد أوكرانيا. بينما يتكهن العديد من المحللين بأن الأسلحة والمعدات في ترانسنيستريا قديمة، فليس هناك ما يضمن أن روسيا لم تزود قواتها المقدرة ب1500 جندي هناك بأسلحة متطورة، أو يمكنها القيام بذلك في غضون مهلة قصيرة. • العداء بين رومانياوروسيا العداء الروماني لروسيا عميق، ويظهر ذلك في الغزوات الروسية المتكررة على مر القرون وما تعتبره بوخارست سرقة موسكو التي تعود إلى قرن من الزمان لآثار ذهبية ثمينة تنتمي إلى العائلة المالكة المخلوعة منذ فترة طويلة في البلاد، كما تعاونت القوات المسلحة الرومانية بحماس مع ألمانيا النازية ضد روسيا خلال الحرب العالمية الثانية، بما في ذلك حصار ستالينجراد. بالإضافة إلى أنه بعد سقوط النظام الشيوعي في عام 1990، كانت رومانيا من بين الدول الأكثر حماسًا في حلف وارسو السابقة للانضمام إلى التكتلات الأمنية والاقتصادية الغربية، بما في ذلك الإتحاد الأوروبي، الذي انضمت إليه في عام 2007، وكان الخوف من الطموحات الروسية هو الدافع جزئيًا وراء هذا التحول. وطبقا للصحيفة، فإن رومانيا هي واحدة من أكبر البلدان في أوروبا الشرقية، ويبلغ عدد سكانها 19 مليونا يشمل شتاتها العرقي جيوبًا كبيرة في صربيا وأوكرانيا، وكلاهما عرضة للتأثير والضغط الروسي، لكنها استنزفتها الشؤون الداخلية لسنوات، مبتعدة عن أوروبا الشرقية وقصرت في الغالب تركيز سياستها الخارجية على الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، قد يؤدي الحزم الروسي المُتصوَّر بشأن أوكرانيا إلى تغيير ذلك.