رئيس جامعة القاهرة: 12 جامعة أهلية جديدة تم تأسيسها من رحم الجامعات الحكومية    مجلس الشيوخ يستقبل وفد تحالف الأحزاب المصرية خلال الجلسة العامة    كيف أثر انخفاض أسعار الذهب على طلب الشراء بين المواطنين؟    الحكومة تسمح لشركات بتصدير الأرز مقابل 150 دولارا رسوما للطن رغم قرار الحظر    مجلس الشيوخ يوافق على خطة الدولة للعام الجديد.. ويخطر الرئيس السيسي ومجلس النواب    وادي الصعايدة| بالصور.. وزير الري يتفقد مشروعات الموارد المائية في أسوان    عاجل- المركز الإعلامي لمجلس الوزراء يستعرض بالإنفوجراف أبرز جهود الدولة في دعم التحول الرقمي    حماس: الإدارة الأمريكية تتحمل مسئولية المجازر الإسرائيلية بغزة    السيسي يستقبل كبير مستشاري الرئيس الأمريكي ويؤكد على عمق العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة    الزمالك يتقدم ببلاغ للنائب العام بسبب «إعلان»    وفاة بالسرطان.. ماقصة "تيفو" جماهير كريستال بالاس الخالدة منذ 14 عامًا؟    ضبط عاطل يروج المواد المخدرة عقب تداول مقطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعى    ضبط شخص غافل آخر وسرق منه مبلغا ماليا بالقاهرة    محافظ الدقهلية يتفقد ميدان الشيخ حسانين والسلخانة بالمنصورة ويكلف بشن حملة لرفع الإشغالات    الأمن يضبط سائق توك توك لسيره عكس الاتجاه في القاهرة    بدائل الثانوية العامة 2025.. شروط الالتحاق بمدرسة العربى للتكنولوجيا التطبيقية    حفيد عبدالحليم حافظ عن وثيقة زواج "العندليب" وسعاد حسني: "تزوير وفيها غلطات كارثية"    محافظ الدقهلية يفتتح الوحدة الصحية بالشيخ زايد بمدينة جمصة    مشروبات تهدد صحة الكبد والكلى.. ابتعد عنها    التعليم العالي: قافلة طبية من المركز القومي للبحوث تخدم 3200 مريض    استعادة 27 فدانًا من أراضي الدولة في الوادي الجديد -صور    "راقب جسمك".. احذر 5 علامات تشير إلى فشل كليتيك    التريلا دخلت في الميكروباص.. إصابة 13 شخصًا في حادث تصادم بالمنوفية    عبر قوافل.. "الأحوال المدنية" تواصل جهودها لخدمة المواطنين متنقلة    موعد مباراة المغرب وجنوب أفريقيا في نهائي كأس أمم أفريقيا للشباب    بعد عرض "كله مسموح".. كارول سماحة تشكر فريق المسرحية والجمهور    خذوا احتياطاتكم.. قطع الكهرباء عن هذه المناطق في الدقهلية الثلاثاء المقبل لمدة 3 ساعات    أوكرانيا تعلن ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 973 ألفا و730 فردا    فيديو.. لحظة اصطدام سفينة بجسر في نيويورك ومقتل وإصابة العشرات    هل تتعارض البصمة الوراثية مع مقاصد الشريعة؟.. رئيس جامعة القاهرة السابق يوضح    النائب عبد السلام الجبلى يطالب بزيادة حجم الاستثمارات الزراعية فى خطة التنمية الاقتصادية للعام المالي الجديد    سالي عبد المنعم: المتحف القومي للحضارة يعكس ثروتنا الحقيقية في الإنسان والتاريخ    اليوم في "صاحبة السعادة" حلقة خاصة في حب نجم الكوميديا عادل إمام أحتفالا بعيد ميلادة ال 85    هيقفوا جنبك وقت الشدة.. 5 أبراج تشكل أفضل الأصدقاء    في أجندة قصور الثقافة.. قوافل لدعم الموهوبين ولقاءات للاحتفاء برموز الأدب والعروض المسرحية تجوب المحافظات    مركز الازهر للفتوى الإلكترونية يوضح عيوب الأضحية    موعد وصول رسالة الأولوية للمتقدمين لحجز شقق سكن لكل المصريين    نماذج امتحانات الصف الثاني الثانوي pdf الترم الثاني 2025 جميع المواد    اليوم.. نظر استئناف المتهم الأول بقتل «اللواء اليمني» داخل شقته بفيصل    مستشهدًا ب الأهلي.. خالد الغندور يطالب بتأجيل مباراة بيراميدز قبل نهائي أفريقيا    «أنتم السادة ونحن الفقراء».. مشادة بين مصطفى الفقي ومذيع العربية على الهواء    1700عام من الإيمان المشترك.. الكنائس الأرثوذكسية تجدد العهد في ذكرى مجمع نيقية    زيلنسكى ونائب ترامب وميلونى.. الآلاف يحضرون حفل تنصيب البابا لاون 14    وسائل إعلام إسرائيلية: نائب الرئيس الأمريكي قد يزور إسرائيل هذا الأسبوع    متى تقام مباراة اتلتيكو مدريد ضد ريال بيتيس في الدوري الاسباني؟    الرقية الشرعية لطرد النمل من المنزل في الصيف.. رددها الآن (فيديو)    في ذكرى ميلاده ال 123، محطات فى حياة الصحفي محمد التابعي.. رئاسة الجمهورية تحملت نفقات الجنازة    «الرعاية الصحية» تعلن اعتماد مجمع السويس الطبي وفق معايير GAHAR    مصطفى عسل يهزم علي فرج ويتوج ببطولة العالم للإسكواش    براتب 15 ألف جنيه.. «العمل» تعلن 21 وظيفة للشباب بالعاشر من رمضان    النسوية الإسلامية (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ): أم جميل.. زوجة أبو لهب! "126"    خطوة مهمة على طريق تجديد الخطاب الدينى قانون الفتوى الشرعية ينهى فوضى التضليل والتشدد    بدء التصويت فى الانتخابات الرئاسية ببولندا    استشهاد طفل فلسطيني وإصابة اثنين بجروح برصاص إسرائيلي شمال الضفة الغربية    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. في أول ظهور له.. حسام البدري يكشف تفاصيل عودته من ليبيا بعد احتجازه بسبب الاشتباكات.. عمرو أديب يعلق على فوز الأهلي القاتل أمام البنك    سيراميكا كليوباترا يقترب من التعاقد مع كريم نيدفيد    الأزهر: الإحسان للحيوانات والطيور وتوفير مكان ظليل في الحر له أجر وثواب    حكم صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحقوق فى الإسلام
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 01 - 2022

‏ظنى بعد ما عرضناه سلفًا، عرضًا شاملاً مقارنًا بالأديان الكتابية، أنه لا حجة لمن يزعمون أن الإسلام يعوق أعمال الحضارة، بما حرمه فى المعاملات فالإسلام لم ينفرد بين الأديان بتحريم الربا.
ثم إنه لا حجة لهم أصلاً على الإسلام وبغير حاجة للمقارنة بالأديان الكتابية فيما حرمه الإسلام من ربا النسيئة أو ربا الفضل بأنواعه.
وفى وسع المصارف والشركات فيما يضيف الأستاذ العقاد أن تتجنب هذا فى معاملاتها فى البلاد الإسلامية، فليس فى الإسلام نص ولا تأويل يحرم التصرف النافع الذى لا إضطرار فيه ولا اغتصاب للحقوق. أما ما كان فيه الاضطرار أو الاغتصاب للحقوق، فقد حرمته الشرائع الوضعية.
ولسنا بحاجة من بعد إلى متابعة إبحار الأستاذ العقاد فى تناوله أقدم وأحدث البحوث الفلسفية فى مسألة الربا، فقد صار الحق أوضح من أن يحتاج إلى هذا الإبحار.
إن كل مذهب يمضى إلى مداه المقدور، ولكن الدين يتسع لأحداث الزمن، فلا يمنعها أن تذهب إلى مداها، وأن تهتدى فى النهاية بما تمحصه الأيام لها.
وتلك هى مزية الإسلام بين المذاهب والأديان، لا يقف فى سبيل رأى صالح، ولا يحول بينه وبين التجارب، تنبذ منه ما لا سبيل إلى قبوله وتبقى منه ما هو صالح للبقاء.
لم يمنع الإسلام الملكية العامة، ولا صادر الملكية الخاصة، ولكنه نص فى الحديث على مصادر ثلاثة لا يجوز لفرد أو جماعة الاستئثار بها ، ففى الحديث: «الناس شركاء فى ثلاثة: الكلأ والماء والنار ».
ولم يبطل الإسلام ملكية الآحاد أو الملكية الخاصة، ولكنه حرم الكنز الذى يحصر الثروة ويحول دون تداولها بين الناس لمصلحة المجتمع.. « كَىْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأغْنِيَاء مِنكُمْ» (الحشر7).
* * *
على أن الناقدين والغلاة لم يتوقفوا عن محاولة شجب الإسلام بأنه يصادر على الحرية، وعلى حقوق أخرى تتعلق بالخصومة، والمرأة والزواج، والرق والعلاقات الدولية.
ومعظم هذه الحقوق أفاض فيها الأستاذ العقاد فى كتابه الضافى «الفلسفة القرآنية»، وقد تحدثنا عنها سلفًا، ولكن هناك ملاحظة لا يجوز أن تفوت انصافًا للعقاد، فالفارق زمنيًا بين كتاب الفلسفة القرآنية وكتاب «حقائق الإسلام وأباطيل خصومه» عشر سنوات، فقد صدر الأول عام 1947 م وصدر الثانى 1957 .
ومع ذلك فإنك تستطيع أن تقرر مطمئنًا، وبلا مبالغة أو اعتساف أن هذا العملاق لم يفته شىء من هذه الحقوق فى الكتاب الأول ويحتاج إلى تداركه فى الكتاب الثانى، الأمر الذى يرينا أنه مالك تمامًا لنواصيه، ولا يتعجل الكتابة فى أى موضوع قبل أن يستوفى مادته من جميع جوانبها، وأنه لا يتجمد ولا يكرر نمطه أو أسلوبه , وأنه قادر دومًا على التناول المتجدد، محافظًا على الأعمدة الرئيسية الثابتة الراسخة لفكره.
الحرية الإسلامية
يُقال عن الأديان العالمية ومنها الإسلام أنها ثورات واسعة ، لا تقاس سعتها بحيز المكان أو الزمان ، أو بكثرة العدد ، لأن مبناها داخل الإنسان، فى مملكة الضمير.
وليس فى ثورات العالم الدينية حقوق عامة للإنسان قبل ثورة الإسلام فى القرن السادس للميلاد .. والعلّة الواضحة أن الإنسان طفق بعد ميلاده يكتسب صفاته العامة، من يوم أن آمن الناس بإلهٍ واحد يتساوى لديه كل إنسان ، ويوم نيطت حقوقه بواجباته بغير تفرقة.
والحقوق العامة إنما توجد حين يوجد الإنسان الذى يؤدى لها فرائضها ويستحقها، ولم يحدث ذلك قبل ثورة الإسلام .
على أن الأستاذ العقاد لا ينسى أن يقارن بالثورات الاجتماعية أو السياسية قبل الإسلام، منها ما يمكن تسميته بالحركة الديمقراطية فى بلاد اليونان، بيد أن اشتراك القبائل فى انتخابها لم يكن اعترافًا بحق إنسانى يتساوى فيه آحاد الناس، إنما كان اعترافًا بالقبيلة واتقاءً بمعارضتها وإضرابها عن العمل فى الجيش وتلبية نفير الدفاع.
ومثل هذا الحق ، كان حق التربيون» فى روما، الذى تنتخبه القبيلة ويشتق من اسمها Tribe، ولا شأن لانتخابه بما يسمى اليوم حقوق الإنسان.
وقد توالت على اليونان والرومان أنواع من الحكومات الديمقراطية، لم يكن لها من مبدأ تقوم عليه إلا أنها خطوط عملية لأمن الفتنة واستجلاب الولاء.
على أن الديمقراطيات الإنسانية، لا تُتصور بغير عناصر ثلاثة تقوم عليها ولا انفصال بينها: المساواة، والمسئولية الفردية، وقيام الحكم على الشورى وعلى دستور معلوم الحدود والتبعات.
وهذه العناصر الثلاثة، هى هى ما نادى به الإسلام، ولأول مرة فى تاريخ الإنسان..
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» (الحجرات 13).
«كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ» (الطور 21).
«وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ» (الشورى 38).
وفى الحديث:
«أيها الناس، إنَّ ربكم واحد، وإنَّ أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب. إنَّ أكركم عند الله أتقاكم، وليس لعربى على عجمى ولا لعجمى على عربى ولا لأحمر على أبيض فضل إلاَّ بالتقوى».
الديمقراطية الإسلامية
وفيما سلف تتجلى المبادئ الأساسية التى تقوم عليها الديمقراطيات:
المساواة.
والمسئولية الفردية.
والشورى.
ولم تكن الأمور على هذا النحو قبل الإسلام، فيروى الأستاذ العقاد بعض ما كان من ملوك العرب الذين ساموا الناس الاستعباد بالعصا، مثل حجر بن الحارث، وعمرو بن هند، والنعمان بن المنذر، وعزة بن كليب بن وائل، وعمليق ملك طسم وجديس.
وأوجز القرآن المجيد أمر هؤلاء بقوله:
«إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ»
فلم تكن هذه الديمقراطية الإسلامية نبتًا عربيًّا ورثه الإسلام منها، ولا كانت نبتًا منقولاً من تربه أجنبية، لأن الديمقراطية الإسلامية حقوق تلازم الإنسان ولا تنفك عنه.
وحق الإنسان، والإيمان بالله رب العالمين كلاهما معجزة إلهية تجلت بها قدرة الله عز وجل على غير مثال سابق.
وهنا ينوه بأنه لا يحب للقارئ أن يفهم من كلامه عن المعجزة الإلهية أنها تقلب الأوضاع وتأتى فى أوانها بغير سبب مقدور، وإنما يريد بيان أن الأسباب لا تنكشف كلها لعلم الإنسان، وأن علم الله سبحانه وتعالى هو الذى يحيط بالخوارق التى لا تدخل فى الحسبان.
* * *
ولا شك أنه معجزة إلهية أن تجىء هذه الدعوة إلى رب العالمين من صحراء لا تعرف غير الفوارق بين العصبيات والأنساب.
ومعجزة مثلها أن يجىء من تلك الدعوة حق الإنسان الذى يرفعه عمله ولا يرفعه نسبه.
ثم يقترن بالمعجزتين، واجب الإنسان إزاء نفسه بعمله، ومناط التكليف الذى لا يتم بغير بلاغ ونذير.
«إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ» (الرعد 11).
«وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً» (الإسراء 15).
«وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلا خلا فِيهَا نَذِيرٌ» (فاطر 24).
* * *
إن من أجمل ما فى الإسلام؛ أن هذه القوى العليا فيه لا تحرم الإنسان حقه فى الحياة، فحق الغير لا يجور على حقه فى الحياة الدنيا ، وهو مأمور بالسعى والعمل والاستمتاع المشروع بما يكسبه بسعيه وعمله من نعم الحياة وزينتها.
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً»
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ»
«لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ» (المائدة87).
أما القول بأن الحق فى الحياة من أجمل ما فى الإسلام، فلأن ذلك لم يستقبله الإنسان إلاَّ من الإسلام ، ولم تحفل به الأديان قبله.
Email :[email protected]
‏www.ragai2009.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.