لم يقف الأسرى الفلسطينيون مكتوفين أمام قيود الاحتلال، الذي يحرمهم الحق في الإنجاب وتكوين أسرة، وكانت فكرة "تهريب النطف" أو السائل المنوي من داخل السجون إلى زوجاتهم، هي الحل الوحيد الذي من خلاله يتمكن الأسير المتزوج من الإنجاب. - تاريخ الفكرة بدأت فكرة تهريب النطف من الأسرى الفلسطينيين تراود قيادة حركة الأسرى مع بدايات عام 2000، مستفيدين من التقدم الطبي، حينذاك هربت رسالة من السجون تسأل عن موقف الشرع الإسلامي من الفكرة. ورغم التباين في موقف الأسرى من المسألة، أصبحت القضية محل اهتمام وقبول من المجتمع، خاصة بعد أن حصلوا على فتاوى شرعية من الدكتور يوسف القرضاوي وعلماء مسلمين آخرين تجيز الإنجاب عبر "النطف المهربة، وبعد ذلك سمحت قيادات الفصائل بالأمر حتى أصبح مقبولاً اجتماعياً. - أول قصة نجاح جرت أول عملية ناجحة لتهريب النطف، من داخل السجون الإسرائيلية، للأسير عمار الزبن، الذي يقضي عقوبة السجن 27 مؤبدًا، حيث اعتقلته القوات الإسرائيلية عام 1998 بتهمة مشاركته في عدد من العمليات "الفدائية" داخل الأراضي الفلسطينية وأنجب طفله الأول "مهند" في 2012، وخلال محاولة أخرى لتهريب النطف أنجبت زوجة الأسير الزبن مولودها الثاني "صلاح الدين" في 2014؛ ليصبح الطفل الثاني في العائلة الذي يولد بواسطة النطف المهربة، بحسب عبد الناصر عوني فروانة، أسير محرر ومختص بشؤون الأسرى والمحررين وعضو المجلس الوطني الفلسطيني في تصريحات ل"الشروق". وتعود عملية تهريب نطف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، إلى التسعينيات، وبدأت الفكرة تتبلور بين مجموعة صغيرة من الآسرى وبعد نجاح الأسير عمار الزبن عام 2012 في تهريب نطفة وإنجاب طفله الأول فكر الأسرى في تهريب النطف إلى زوجاتهم وتكوين عائلة من خلف القضبان، يقول فروانة. وتشير بعض المصادر الفلسطينية إلى أن عدد الأطفال الذين جرى إنجابهم بواسطة النطف المهربة من داخل السجون الإسرائيلية بلغ 100 طفل، بعد نجاح 51 أسيرا فلسطينيا في تهريب النطف إلى زوجاتهم. ومنذ إنجاب أول طفل بواسطة "النطف المهربة" بدأت السلطات الإسرائيلية باتخاذ إجراءات مشددة تجاه هذا الأمر، فلا يستطيع أي أسير إخراج أغراضه الشخصية خلال زيارة عائلته إلا بعد التفتيش الدقيق، إضافة إلى منع الأطفال الذين تم إنجابهم بواسطة "النطف المهربة" من زيارة آبائهم. وتنقل "النطف" بدقة متناهية، ولا يتم نقل أكثر من نطفة في آن واحد، وذلك تحسباً من تبديلها، حيث يتم إيصالها إلى زوجة الأسير بوجود أفراد من عائلته وجهات شرعية وقضائية وشهود يحلفون اليمين أن هذه النطفة للأسير الذي يريد الإنجاب حتى لا يتعارض ذلك مع الشريعة الإسلامية، يؤكد فروانة وهو أسير سابق. ورغم الإجراءات التعسفية التي تمارس بحق الأسرى، الذين ينجبون بواسطة "النطف المهربة"، وحرمانهم من رؤيتهم، بحجة أنهم أطفال غير شرعيين؛ إلا أن ذلك لا يوقفهم عن تهريب المزيد من "النطف" والإنجاب رغم أنف الاحتلال. وكان الاحتلال الإسرائيلي اتخذ عدد من الإجراءات بحق أبناء الأسرى الذين تم إنجابهم بواسطة "النطف المهربة"، منها عدم الاعتراف بشهادة الثانوية العامة وعدم السماح لهم بالتعلم الجامعي وحرمانهم من العلاج المجاني إضافة إلى عدم السماح لهم بالعمل بحجة عدم امتلاكهم أوراق رسمية. ووفقا لوزارة شؤون الأسرى الفلسطنين، يبلغ عدد الأسرى في السجون الإسرائيلية 6 آلاف أسير من بينهم 54 أسيرة فلسطينية و430 أسيرًا يواجهون الاعتقال الإداري والذين لم تصدر السلطات الإسرائيلية أية لائحة اتهام بحقهم ولم يقدموا للمحاكمات العسكرية فيما يقضي 550 أسيرا أحكاما بالسجن المؤبد.