رغم حالة الانهيار التى يشهدها سوق الغناء فى مصر منذ سنوات طويلة، والتى يعكسها تدنى المبيعات، فإننا نرى عددا من النجوم مازالوا قادرين على تحريك المياه الراكدة، على رأسهم عمرو دياب، وتامر حسنى اللذان نجيا من هذا الفخ خلال الصيف الماضى. وربما كان الفضل فى زيادة مبيعات ألبوميهما هو المنافسة الشديدة بينهما، على اعتبار أن جمهورهما كان يرى الدعم لنجمه المفضل لن يأتى إلا من خلال شراء ألبومه حتى يحسم المنافسة ضد النجم الآخر. وخلال فترة استقبال رأس السنة الميلادية طرحت فى الأسواق مجموعة من الألبومات أبرزها للنجمة العائدة بعد عامين من الغياب إليسا «تصدق بمين»، والثانى للنجم الخليجى حسين الجسمى «سكره». والثالث للنجمة البعيدة عن السوق منذ ثلاث سنوات كارول سماحة بألبوم «حدودى السما». وفى حقيقة الأمر أن الكل توقع أن يكون ألبوم «تصدق بمين» هو الأكثر مبيعا، وانتشارا. لكن جاء الجسمى بأغنية ذات اللهجة المصرية «6 الصبح» لكى تكون أغنية العام الجديد، وربما لن تشعر الشركة المنتجة بعائد كبير نتيجة البيع، لكن الأغنية اكتسحت كل الأعمال والسباقات الخاصة التى تجريها معظم القنوات، والإذاعات. وانتشار الأغنية بهذا الحجم يعكس حالة التقارب بين الجسمى، والجمهور المصرى باعتباره الجمهور الذى يرجح نجاح أى أغنية، وقد بدأ الجسمى فى النجاح فى السوق المصرية عندما شارك بغناء «بحبك وحشتينى» قبل سنوات فى فيلم «الرهينة» ثم أغنية «أجدع ناس» التى غناها أيضا لمصر. هذه الأعمال إلى جانب أن صوته من الأصوات المعبرة وتشعر بنوع من الطيبة فى خامة الصوت، وربما هذا التعبير ليس موسيقيا، لكن الموسيقار الكبير عمار الشريعى عودنا من خلال برنامجه الرائع «غواص فى بحر النغم» على ضرورة استخدام مفردات تعبر عن الصوت بحيث يصل المعنى للمتلقى دون فلسفة، والتطرق لمقامية الصوت، ومساحته لذلك فهذا أبسط، وأعمق تعبير من الممكن أن يوصف به صوت الجسمى. وربما يكون هذا المطرب قد اختار أعمالا أخرى جيدة فى ألبومه لكن هذه الأغنية خطفت الأذان والأسماع، وبالتالى ظلمت الكثير من الأغانى مثل «أيام من حياتى»، و«بحر الشوق». وحاولت إليسا مزاحمة الجسمى بأغنية «تصدق بمين» وهى من الأغانى الجيدة، لكن تنفيذ الأغنية بشكل غربى رغم أن جملة اللحن الأصلية شديدة الشرقية جعلها أغنية تصلح «للديسكوتيك» وبالتالى انتشرت لفترة ثم عادت للخمول رغم أن الجميع كان يتوقع أن يكون ألبوم إليسا امتدادا لنجاح ألبوميها الأخيرين، لكن الحصاد لم يكن على قدرهما. رغم أن إليسا اعتمدت على أشكال مختلفة فى الحالة الغنائية التى تقدمها من خلال تركيبة مختلفة من الملحنين مثل وليد سعد، ومروان خورى وإلياس المرحبانى، ومحمد رحيم وحاولت أن تحصل على دعم أفضل الملحنين الموجودين حاليا على الساحة، والذين يقدمون أفكارا مختلفة. وهى السمة التى ميزتها خلال السنوات الأخيرة رغم أن صوتها به عيوب تظهر أثناء الغناء الحى فى الحفلات العامة. أما كارول سماحة باعتبارها خريجة مدرسة الرحبانية فكل الذين يتعاملون معها يضعونها دائما فى الإطار الرحبانى. لذلك ألبومها الجديد 90٪ من أغانية رحبانية الطابع مثل «حدودى السما» لمروان خورى، و«أقول أنساك» لمحمد يحيى، و«جيت» لجان مارى، فى حين يظهر الاختلاف إلى حد ما فى أغنيتين «ذبحى» وهى أغنية خليجية من ألحان ناصر الصالح و«على يا على» الموضوعة فى إطار مصرى شعبى ومطعم ببعض النغمات الغربية لزوم السوق، وهو لحن لمحمد رحيم. صاحب لحن «يونس» لمحمد منير. وكان وجود كارول فى هذا الإطار السبب فى انتشاره بين شريحة معينة من الجماهير، وليس القاعدة العريضة. وبالتالى كان لحسين الجسمى نصيب الأسد من النجاحات وسط ألبومات العام الجديد.