تنسيق الجامعات 2025 .. تعرف علي قائمة ب71 معهدا للشعبة التجارية بدائل للكليات    الأحزاب فى اختبار الشعبية بالشارع    «مصر تستحق» «الوطنية للانتخابات» تحث الناخبين على التصويت فى انتخابات الشيوخ    في اجتماع اليوم .. وزيرة التنمية المحلية تتسلم مهام وزارة البيئة من الدكتورة ياسمين فؤاد    شاهد.. وصول شاحنات المساعدات القادمة من مصر إلى معبر كرم أبو سالم    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القطاع يحتاج إلى 600 شاحنة إغاثية يوميا    بعد انتهاء معسكر تونس .. الأهلي يتجه إلى مطار قرطاج لبدء رحلة العودة للقاهرة    البقاء أم الرحيل.. شوبير يكشف مطالب عبد المجيد من أجل الإستمرار مع الزمالك    حدث جنوب بوسعيد .. إصابة 19 شخصا فى حادث تصادم أتوبيس عمال وسيارة مقطورة.. صور    وزير التعليم يعتمد جدول امتحانات الثانوية العامة "الدور الثانى 2025" .. اعرف مواعيد الاختبارات    حبس عاطل بتهمة سرقة محل عمله وإشعال النار به فى السلام 4 أيام    موعد حفل تامر عاشور في العلمين الجديدة و أسعار التذاكر    في ذكري وفاة رشدي أباظة .. دخوله التمثيل كان بسبب صداقته لأحمد رمزي وعمر الشريف    ضمن فعاليات " المهرجان الصيفي" لدار الأوبرا .. أحمد جمال ونسمة عبد العزيز غدا في حفل بإستاد الاسكندرية    وزارة الصحة توجة نصائح هامة للمواطنين بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة    فيديو.. الأرصاد تحذر من شدة الإشعاع الشمسي خلال ال72 ساعة المقبلة    اليوم.. قرعة الدوري «الاستثنائي» بمشاركة 21 فريقا بنظام المجموعتين    استشهاد 10 فلسطينيين وإصابة آخرين جراء قصف خيام واستهداف منتظري المساعدات بغزة    العودة إلى الجذور.. البابا تواضروس يفتتح ملتقى لوجوس الخامس للشباب    موعد جنازة زياد الرحباني    وزير الثقافة: نقل الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر    وزير خارجية إسبانيا: المجاعة في غزة عار مخز.. و40 ألف رضيع مهددون بالموت    "غيبوبة لليوم الرابع".. مناشدة عاجلة بعد تطورات الحالة الصحية لحارس دجلة    وزارة التربية والتعليم تعلن بدء تحويلات المدارس الدولية IPS    برامج دراسية متميزة للتأهيل على وظائف المستقبل بجامعة مصر للمعلوماتية    اتحاد التأمين يدعو لتطوير منتجات تأمين خضراء ودعم جهود الحفاظ على التنوع البيولوجي    سويلم: إزالة 87 ألف تعد على النيل منذ 2015 ومواصلة مكافحة ورد النيل    عامل وراء حرق مطعم يعمل به لإخفاء جريمة سرقة    مقتل 6 أشخاص جراء تدافع في معبد هندوسي شمالي الهند    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة ببداية جلسة الأحد    وزيرة التخطيط تبحث مع وزيرة التنمية الدولية البريطانية مستقبل العلاقات الاقتصادية    محافظ أسيوط يتفقد أعمال إنشاء أول مصنع متكامل لمنتجات الرمان بالبداري - صور    شوبير: الزمالك يعلن عن 3 صفقات خلال ساعات.. وحسام عبد المجيد يغلق صفحة الرحيل    ريم أحمد: شخصية «هدى» ما زالت تلاحقني.. وصورة الطفلة تعطل انطلاقتي الفنية| خاص    3 أوجه تشابه بين صفقتي بوبيندزا وأوكو مع الزمالك    إصابة 6 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الأوسطى    زكى القاضى: مصر تقوم بدور غير تقليدى لدعم غزة وتتصدى لمحاولات التهجير والتشويش    وزير التموين يفتتح فرعا جديدا لسوق اليوم الواحد بالجمالية    "الصحة": حملة 100 يوم صحة قدّمت 15.6 مليون خدمة طبية مجانية خلال 11 يوما    «الإفتاء» توضح الدعاء الذي يُقال عند الحر الشديد    إيتمار بن غفير: لم تتم دعوتي للنقاش بشأن إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    إصابة 11 شخصا في حادثة طعن بولاية ميشيجان الأمريكية    بدعم من شيطان العرب .."حميدتي" يشكل حكومة موازية ومجلسا رئاسيا غربي السودان    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية»| الأحد 27 يوليو    القاهرة الإخبارية: المساعدات لغزة تحمل كميات كبيرة من المواد الغذائية والطحين    حياة كريمة.. افتتاح جزئى لمستشفى دار السلام المركزى بسوهاج اليوم    القصة الكاملة لحادث انهيار منزل في أسيوط    ما حكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    «تجاوزك مرفوض.. دي شخصيات محترمة».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على مصطفى يونس    الثالث علمي بالثانوية الأزهرية: نجحت بدعوات أمي.. وطاعة الله سر التفوق    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    خالد الجندي: من يُحلل الحشيش فقد غاب عنه الرشد العقلي والمخ الصحيح    "سنلتقي مجددًًا".. وسام أبوعلي يوجه رسالة مفاجئة لجمهور الأهلي    سعيد شيمي يكشف أسرار صداقته مع محمد خان: "التفاهم بينا كان في منتهى السهولة    تأكيدا لما نشرته الشروق - النيابة العامة: سم مبيد حشري في أجساد أطفال دير مواس ووالدهم    الأمم المتحدة: العام الماضي وفاة 39 ألف طفل في اليمن    وزير الثقافة: نقل الكاتب صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر بالتنسيق الصحة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تغيير إيران من القمة
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 01 - 2010

الوضع كما يلى: تقتل جمهورية إيران الإسلامية أبناء الثورة وبناتها فى يوم عاشوراء، فتضيف شهداء إلى الشهداء، فى لحظة من أكثر اللحظات قدسية عند الشيعة.
لا يمكن لأى حدث آخر أن يرمز بطريقة أفضل من ذلك لوضع النظام الإيرانى وهو فى قمة تناقضاته. والآن، يقوم مرشد أعلى يُتخَيَل أنه ممثل النبى على الأرض وهى الفكرة الثورية المركزية لآية الله روح الله الخمينى يقود زمرة معسكرة، عازمة على قمع الشعب الإيرانى، دفاعا عن المال والسلطة. ويقف نظام ثيوقراطى كاذب فى مواجهة مع مجتمع أصبح يدرك حقيقة هذا النظام.
على الرغم من ذلك، دعونا نعط النظام الثيوقراطى حقه. فقد جاء بالتعليم لقطاعات واسعة من الإيرانيين، بمن فى ذلك النساء اللاتى يقوم بقمعهن. وفى منطقة الشرق الأوسط التى يسيطر عليها أنظمة حكم استبدادى راكد، كان هذا النظام يموج بالليبرالية والحكم النيابى فى بعض الأوقات. ولم يستطع هذا النظام قط أن يمحو من ضميره تعبئة الخمينى للجماهير ضد الشاه، المصحوبة بنداءاته من أجل للحرية.
وبعد مرور ثلاثة عقود على الثورة، كانت النتيجة هذا الخليط من القادة ممن يستحضرون أشياء من السماء إلى جانب قوة السلاح وتعصب الميليشيات، فى مواجهة مجتمع فتى، أرقى بكثير من شعارات «الموت للغرب» التى لا تزال تُرفع.
لا يوجد شىء فى الشرق الأوسط اليوم يماثل سلطة الشعب التى تملكها حركة الخضر فى إيران. ويُعد ذلك إجلالا للثورة الإيرانية، بقدر ما هو ناقوس موت بالنسبة لنظام ما بعد الثورة المتحجر.
يجب أن يكون هناك شىء ما يُمنح، وشخص ما يحصد. إذا لم تكن الجمهورية الإسلامية قادرة على احترام الكلمتين اللتين تصفاها واللتين تعنيان أنها مجتمع دينى ونيابى فعليها أن تفسح المجال لجمهورية إيرانية حديثة.
وأظن أن هذا المسار، أى إصلاح النظام بدلا من إسقاطه، سيكون أقل اضطرابا، ومن ثم أكثر جاذبية بالنسبة لشعب سئم الاضطرابات، ويحيط به الدمار فى العراق وأفغانستان.
نعم، يجب تقديم شىء ما. وقبل عقدين من الزمن، توقع آية الله حسين على منتظرى الذى حملت وفاته الشهر الماضى معنى رمزيا ضخما فى أرض تتمتع الرموز فيها بنفوذ كبير بحدسه توترات الثورة الإيرانية التى لا يمكن الصمود أمامها. ففى ذلك الوقت، ندد رجل الدين الذى كان يوما خليفة للخمينى بسلسلة من القمع الدموى تمت ممارسته مبكرا، ثم بدأ فى انتقاد مكتب المرشد الأعلى.
كان منتظرى عنصرا فعالا عام 1979، عند تأسيس نظام ولاية الفقيه الذى وضع الزعيم الذى يقوم بتأويل كلام الله على قمة مؤسسات جمهورية مقيدة. لكن منتظرى اعتذر لاحقا عن دوره فى تأسيس ذلك المنصب، وقال إنه كان يتصور أن سلطات المرشد الأعلى ستكون أخلاقية لا تنفيذية.
ووصل غضبه إلى ذروته بعد انتخابات يونيو التى اختطفها المرشد الأعلى على خامنئي. وأعلن آنذاك أن نتائج الانتخابات هذه التى أعلنت لا يمكن أن يصدقها عقل سليم، إذ جرى على نطاق واسع تغيير النتائج الذى تؤيده دلائل دامغة وشهادة الشهود». كما ندد بما أطلق عليه «العنف المذهل ضد الرجال والنساء العُزل».
رأيت هذا العنف إن انقلاب استُخدم فيه اسم الله زورا سوف يراه خامنئى لحظة ديمقراطية مجيدة وكان من الواضح فى التو أن القيادة الإيرانية قد انعطفت انعطافة مهلكة. فقد تم التنكر لتطور النظام الإسلامى فى اتجاه التعددية، من أجل إغلاق هذا المسار بواسطة الكوادر الموسرة من اليمين الجديد، ممن يجسدهم رجال الحرس الثورى بعقودهم المربحة ومخاوفهم المرضية من الثورات المخملية المتنوعة المضادة للثورة.
يمكنكم أن تفعلوا الكثير للشعب الإيرانى، لكنكم تهينون ذكاءه على نحو يعرضكم للحظر. وقد شكلت صيحة «الموت للخمينى» المثيرة، التى خرقت المحرمات وتردد صداها من فوق أسطح منازل طهران، علامة فارقة.
لقد حان الوقت لإعادة التفكير فى منصب المرشد الأعلى باسم التوفيق بين الولاء الدينى والحكم النيابى الذى يسعى إليه الشعب الإيرانى منذ أكثر من قرن. وهذا هو الوقت الذى ينبغى أن تنظر فيه إيران غربا نحو المدن الشيعية المقدسة فى العراق والنجف وكربلاء، تلك الأماكن التى يمارس منها آية الله العظمى على السيستانى ذلك النوع من السلطة الأخلاقية والقدرة على الإقناع دون التمتع بسلطة تنفيذية مباشرة الذى كان يريده منتظرى لإيران.
وإذا أمكن تغيير ولاية الفقيه بالتوافق الآن فسيمكن للجمهورية الإسلامية أن تمضى قدما. أما إذا لم يحدث ذلك، فلن تكون لحالة الاضطراب الحالى نهاية.
والحركة الخضراء ائتلاف واسع يسعى لتحقيق أهداف متباينة أشبه كثيرا بالتحالف الثورى فى عام 1979 لكنه متحد فى مطالبته بإنهاء الوضع القائم.
بعد الثانى عشر من يونيو، لا يريد الإيرانيون مرشدا أعلى مرسلا من السماء؛ إنهم يريدون مرجعا أخلاقيا، راسخا فى أخلاقيات بلاد فارس ودينها، ويضمن استقلال البلاد. إنه وقت السيستانى الفارسى.
ولا يسعى أبناء وبنات الثوريين المحبطين إلى حمام دم آخر. بل يسعون إلى تغيير سلمى يجعل لكلمة «جمهورية» معنى. وعلى خامنئى أن يحترم التعاليم السامية، المتمثلة فى أفضل تقاليد الشيعة، وأن ينصت إلى حكمة آية الله الراحل.
وبذلك، يمكن لإيران أن تحافظ على استقلالها، مفخرة الثورة، بينما تعبر بأفضل صورة عن إرادة شعبها، الذى تفضل غالبيته الكاسحة إقامة علاقات طبيعية مع الولايات المتحدة.
إنه وقت التخلى عن شعارات العهد البائد البالية. الوقت الذى يجب فيه على إيران أن تحذو حذو النموذج الصينى فى عام 1972 عندما كيفت نفسها من أجل البقاء. وربما كان الخمينى، مثل ماو فى عبارة دنج جياو بنج الشهيرة، محقا بنسبة 70% وهو ما يمكن أن يقر به بعض الزعماء الإيرانيون الشجعان. وكان يمكنه من ثم أن يفتح الطريق أمام انطلاق أكثر مجتمعات الشرق الأوسط تبشيرا بالخير.
وبما أننا نتحدث عن الشعارات المستهلكة، فقد حان الوقت أيضا كى تنحى الولايات المتحدة والكونجرس على وجه الخصوص جانبا رؤيتها التقليدية لإيران. فشيعة إيران ليسوا أعداء لأمريكا، أما تنظيم القاعدة فنعم، سواء فى اليمن أو نيجيريا أو باكستان. وفرض عقوبات جديدة على طهران لن يكون أكثر من حبل نجاة لخامنئى وسببا فى إعلاء مكانة الحرس الثورى. ويظل أسلوب التواصل الذى يتبعه الرئيس أوباما السبيل الأفضل للتعامل مع إيران، تلك الأمة التى فاقت ساعتها السياسية ساعتها النووية المتذبذبة غير المنتظمة.
وفى فبراير الماضى كتبت أقول: «لم تؤد الجمهورية الإسلامية إلى قيام دولة شمولية؛ فكل الآراء تطرح. لكنها أقامت مجتمعا الرباط المطلق الذى يجمع بين أفراده هو الخوف. والاختفاء فى غرفة بلا معالم أمر وارد دائما». وكان هذا كثيرا على مدرسة تجسيد الشر الإيرانى الأشبه بالنازية التى حسبتنى استرضائيّا.
وكتبت أيضا: «تتمثل مفارقة الجمهورية الإسلامية فى إقامتها مجتمعا بالغ العلمانية فى إطار حكم رجال الدين. وكان الشاه قد أصدر قوانين تقدمية لنساء لم تكن مستعدات لها. والآن فإن العكس صحيح؛ ذلك أن النساء التقدميات يواجهن قوانين مقيدة. وفى وقت لابد لشىء ما من الانهيار «.
وبميلاد الحركة الخضراء، وبروح منتظرى، انهار شىء. ولابد من المزيد من «الانهيار» المهم فى مكتب المرشد الأعلى، حيث تتمترس الثلاثون بالمائة الخطأ الخاصة بعام 1979، وحرمت بذلك إيران بهذا من الحكم الرشيد ومن المجتمع اللذين يستحقهما شعبها النابض بالحياة.
New York Times Syndication


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.