لجأ الفنان البريطانى، ألبرت بوترونى، إلى ابتكار معرض من لعب الأطفال من أجل توصيل أفكار إيجابية معينة للأطفال من مختلف الأعمار؛ حيث أوضح أن وجهة نظره عن اللعب تختلف عن وجهة نظر الآباء أو وجهات النظر السائدة؛ فهو يرى أن اللعب وسيلة رائعة لاستكشاف كل شيء على الإطلاق، كما يرى أن اللعب هو أداة أساسية لاكتشاف الذات، ولمعرفة الكيفية التى تكوّن بها العالم، ويصفه بكونه «نمطا من أنماط الفن» فى الأساس. وخلال عمله السابق أعطى «بوترونى» الأطفال حرية ابتكار ألعابهم الخاصة وشجّع الطلاب واللاجئين على صنع منحوتات معًا، وفى معرضه الأخير الذى يحمل عنوان «لهو متساو فى معرض البلطيق بجيتسهيد»، والمقام بمعرض البلطيق للفنون ببريطانيا العظمى، يستخدم «بوترونى» عالم لعب الأطفال من أجل توصيل الأفكار الكبيرة لعقولهم الصغيرة بطريقة غير مباشرة حول الخرافات والخيال والذكورية فى المجتمع. وأوضح «بوترونى» أن مثله الأعلى فى الفن هو المهندس المعمارى الهولندى الرائد، ألدو فان إيك، الذى عارض اتجاهات الحداثة الخالية من الروح والمجردة، فقد اعتنق «فان إيك» فكرة أن المجتمع يجب أن يكون أكثر ديمقراطية، وأن يحتضن الحياة الفوضوية متعددة الأنماط للبشر. وكان سلاحه الرئيسى هو ملعب الأطفال، فبعد الحرب العالمية الثانية، تم تكليف «فان إيك» بتصميم الملاعب العامة فى أمستردام التى تعرضت للقصف، وقد طوّر مفردات من الأشكال المجردة خلال تلك العملية، مثل قطع النحت على غرار إطارات التسلق الأنبوبية الفولاذية، وحُفر الرمل، والمقاعد العادية، والأحجار المتدرجة المرتبة فى دوائر؛ فقد أراد «فان إيك» أن تحفز هذه العناصر الخيال والتواصل بين الأطفال، بدلا من دفعهم لممارسة السلوك فى الألعاب، مثل التزحلق أو التأرجح، كما لم يطوق «فان إيك» ملاعبه بأسوار. كان الملعب جزءًا من المدينة، وبالتالى كانت المدينة بمثابة ملعب عملاق. وقد قام «بوترونى» بتركيب العديد من العناصر التى صُممت على طريقة «فان إيك» فى معرض البلطيق الرئيسى؛ مثل: شكل طويل مستطيل يشبه المقعد، وأشكال نصف دائرية منخفضة تشكل حاوية، بالإضافة إلى أحجار متدرجة وقضبان تسلق، وتوجد هذه العناصر جنبًا إلى جنب مع سلسلة من عناصر اللعب القابلة للفصل مثل الأشكال البلاستيكية المجردة والحبال الطويلة، وقال عن هذا المشروع: «إن هذا الأمر لا يتعلق بالأطفال؛ بل يتعلق بدخولنا جميعًا إلى المعرض واللعب»، وأضاف: «نحن نحث البالغين عند دخول المعرض على التعاون واتباع قيادة الأطفال؛ إنها فرصة لكسر التسلسلات الهرمية المعتادة فى حياتنا». وعن دور الفن المجتمعى والسياسى الذى يسعى «بوترونى» لتحقيقه عبر المعرض؛ قال إن المعرض الفنى يعيد تسليط الضوء على حركة الرجال المنسية المناهضة للتحيز الجنسى فى أوائل السبعينيات والتى تناولتها الأفلام والمواد المكتوبة من قِبَل مجموعات مثل Creches Against Sexism و Achilles Heel، والتى دعت الرجال إلى تولى المزيد من رعاية الأطفال للسماح للنساء بالمشاركة فى السياسة و النشاط، كذلك أدار ستيوارت هول ورجال آخرون دار الحضانة فى المؤتمر الوطنى الأول لتحرير المرأة فى عام 1970، وأكد أنه كان الرجال يدعمون النسوية حقًا حسب رأيهم، فمن واجبهم تحدى الأشكال التقليدية للذكورية. ولقد نشرت مجلة Achilles Heel إحدى المقالات ذات مرة لرجل لم يذكر اسمه تدين فيها بشدة الاستخدام المتسلط وغير العادل للذكورية فى المجتمعات قالت فيها: «قوتنا فى المجتمع كرجال لا تضطهد النساء فحسب، بل تسجننا أيضًا فى وهم ذكورى قاتل يشل جميع علاقاتنا مع بعضنا البعض، ومع النساء، ومع أنفسنا». وقال «بوترونى» إنه يرى أن حركات الرجال المناهضة للتحيز الجنسى فى النهاية فشلت وذلك بسبب عدم إمكانية انضمام الرجال الآخرين من الفئات المختلفة أو الأعراق المختلفة. كما فشلت النسويات فى الترويج للقضية؛ حيث كن مجرد بوق دعاية بدون خطوات تنفيذية حقيقية تستأصل المشكلة من جذورها. وفى النهاية أعقب «بوترونى» عن معرضه الجديد: «نحن نلعب لكنها لعبة جادة».