فى منطقة الدقى، والتى تعتبر من الأحياء الراقية، وتمتاز بقدرة سكانها على الشراء، وفى شارع سليمان جوهر، الملئ بمحال الذهب، يجلس سمير مرقص، داخل محل الذهب الذى يملكه، منذ الثانية عشرة ظهرا وحتى منتصف الليل فى انتظار قدوم زبائن. ولكن وبرغم العام الجديد وموسم أعياد الأقباط والذى عادة ما يزيد فيه الإقبال على الذهب فإن جلسة مرقص تطول دون أن يدخل زبون واحد للمحل. الأزمة المالية، وارتفاع أسعار الذهب أثرت حتى على زبائن الطبقة الراقية، التى أصبحت تتوافد على محال الذهب على استحياء، تبعا لمرقص. «حركة البيع والشراء شبة متوقفة منذ أكثر من ثلاث شهور مع ارتفاع أسعار الذهب لأكثر من 170 جنيها، للذهب عيار 21، وما يزيد على 150 جنيها لعيار 18» يقول مرقص. وكانت أسعار الذهب قد شهدت ارتفاعات متواصلة خلال الأسابيع الماضية ليقفز سعر الجرام للعيار 21 من 148.5 جنيه، فى بداية شهر سبتمبر إلى 168.45 جنيه، فى الأسبوع الأول من يناير، كما ارتفع سعر العيار 18 من 127 إلى 144 جنيها خلال نفس الفترة. هذه الزيادة أثرت على زبائن محل عم سمير فبعد أن كانت حركة الشراء لا تتوقف بصورة يومية بما فى ذلك شراء الشبكة، «اقتصرت حركة البيع الآن على تبديل الذهب، وليس الشراء، كما أصبح من المعتاد أن تقتصر الشبكة على خاتم، ومحبس فقط بأسعار لا تتجاوز ألفى جنيه» حسب مرقص. ويضيف صاحب محل الذهب أنه فى حالة قدوم زبائن لشراء شبكة، فإن سعر هذه الشبكة لا يزيد على 10 آلاف جنيه، بما لا يتجاوز الستين جراما، فى ظل الأسعار الحالية. تراجع حركة الشراء، وإن كانت تمثل المشكلة الرئيسية فى هذا الوقت لكنها ليست المشكلة الوحيدة التى يواجهها مرقص، وباقى أصحاب محال الذهب فى شار ع سليمان جوهر هناك مشكلات ارتفاع المصروفات الإدارية التى تسددها المحال مع ارتفاع فاتورة الكهرباء الشهرية، وزيادة أجور العمال. «فاتورة الكهرباء كانت تتراوح من 40 50 جنيها منذ عشر سنوات ارتفعت إلى 400 فى المتوسط خلال السنوات الأربع الأخيرة إلا أنها تتجاوز الألفين جنيه حاليا» تبعا لمرقص، الذى أصبح يحرص على عدم إضاءة أنوار المحل فى فترة الظهيرة من باب ضغط النفقات. ارتفاع أجور العاملين فى هذه المهنة من ضمن الضغوط المادية التى يعانى منها مرقص، وكل زملاء المهنة» حسب تعبيره، فبينما «كانت أجرة العامل فى محل الذهب لا تزيد على 300 400 جنيه، فى بداية الألفية أصبحت لا تقل الآن عن ألف جنيه فى الشهر». زيادة مصروفات محال الذهب، فى ظل تراجع الشراء على المعدن النفيس مع ارتفاع أسعاره جعلت الكثير من المحال الصغيرة تفكر فى تغيير النشاط. يقول مرقص إن هناك بعض المحال الصغيرة عدلت من نشاطها واتجهت إلى بيع الذهب الصينى (الإكسسوار)، وكذلك الفضة، نظرا لكثرة إقبال الزبائن فى هذه الأيام على هذا النوع من الحلى، وهو ما يضمن المكسب لأصحاب هذه المحال. يوضح مرقص أن السبب فى اتجاه الزبائن إلى هذا النوع من الإكسسوار، والذى يطلق عليه البعض ذهب يرجع إلى انخفاض أسعاره فى ظل استمرار أسعار الذهب فى الارتفاع. ورغم اعتراف مرقص أن هناك إقبالا من الزبائن على هذا النوع من الذهب إلا أنه يقول إن «وجوده لم يؤثر على زبائن محله حتى الآن»، فمازال المترددين على محل مرقص من الطبقة القادرة على الشراء، وإن كانت هذه القدرة تراجعت إلى أدنى مستوى» تبعا لمرقص. طبيعة المجوهرات التى يقوم بشرائها الزبائن اختلفت عن منتصف الثمانينيات، وهى الفترة التى بدأ فيها مرقص العمل فى محله. « منذ عام 84، وحتى منتصف التسعينيات، كانت زبائن الذهب تفضل العيار 21، والذهب الأصفر، وأنواع المشغولات الذهبية التقليدية، الغويشة الصب، وكان اللون الأصفر هو السائد فى فاترينة الجواهرجى، ثم اختلف الذوق، وأصبح الذهب الأبيض والذوق الإفرنجى، هو السائد» تبعا لمرقص. اختلاف أذواق الزبائن جعل الورش المختصة بعمل المشغولات الذهبية تعدل من تصميماتها وإنتاجها، وتقوم بتقليد القطع التى توجد فى الكتالوجات المستوردة، والتى تقوم بإنتاجها مصانع الذهب الكبيرة التى بدأت العمل فى مصر منذ سنوات قليلة. يشير سمير مرقص إلى أن دخول مصانع كبيرة إلى السوق المصرية، مثل داماس، وجولدن إيجيبت، وطيبة، أثر بالسلب على الكثير من الورش التى كانت تنتج للمحال، بعد أن أصبح أصحاب المحال يفضلون التعامل مع المصانع الكبيرة، وهو ما دفع بعض الورش إلى غلق أبوابها. يقول مرقص إن وجود هذه المصانع دفع الكثير من الورش إلى تغيير إنتاجها، والانتقال إلى تصنيع الموديلات، والأشكال الجديدة التى قدمتها المصانع الكبيرة إلى السوق المصرية. الانطباع السائد عن الجواهرجى أنه يملك كل البضاعة التى توجد داخل جدران محله غير صحيح تبعا لمرقص، فأغلب هذه البضاعة لم يسدد أصحاب محال الذهب ثمنها إلى الورش التى يتعاملون معها. «أغلب الورش تتعامل مع أصحاب المحال بالأجل، ويتم الاتفاق مع أصحاب الورش على سداد سعرها بالتقسيط على دفعات قد تستمر لشهور» تبعا لمرقص. أهم ما يمتلكه الجواهرجى، تبعا لمرقص، هو سمعته الطيبة، لأن الزبائن لا يذهبوا إلا إلى محال موثوق فيها ويشير إلى أنه فى ظل انتشار محال الذهب فى مصر لا يمكن لصاحب محل أن يرفع سعر مبيعاته أو يبخس من أسعار ما يبيعه الزبائن من مشغولات ذهبية «لأن مثل هذه التصرفات ستؤدى إلى ابتعاد الزبائن عن المحل» تبعا لمرقص.