«لست هنا لأتكلم، فقط جئت لأن نجيب محفوظ وحشنى. كنا نلتقى كثيرا، نتكلم ونتناقش، ونهزر كثيرا، والآن أفتقده بشدة، لكننى سعيد بحضور ابنتيه لأننى لم أرهما من زمان». بهذه الكلمات افتتح المخرج القدير توفيق صالح الندوة التى أقامتها هيئة الكتاب الأسبوع الماضى للاحتفال بذكرى ميلاد عميد الرواية العربية نجيب محفوظ.. كلمات «صالح» أحد حرافيش محفوظ المقربين منحت الندوة إنسانية وجلالا مباغتين، عززهما مشاركة نجلتى محفوظ «فاطمة» و«أم كلثوم» لأول مرة فى إحدى فاعليات تكريم والدهما منذ تسلمه نوبل. لكن الندوة التى شارك به أحد الحرافيش الآخرين د. زكى سالم، اكتسبت فيما بعد طابعا جدليا بعدما طرح الشاعر شعبان يوسف مسألة علاقة نجيب محفوظ بالسلطة وحكام يوليو، مؤكدا أن محفوظ وغيره من المثقفين كانوا محمية ثقافية بالنسبة لثورة يوليو يمنع الاقتراب منهم، فقد قال يوسف إن الثورة أدركت منذ البداية قيمة نجيب محفوظ، وتعاملت مع قامته بانتباهٍ شديد، وأضاف أن الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل كان أحد حماة محفوظ، كما كان عبدالناصر حريصا على عضوية الكاتب الراحل فى مؤتمر «باندونج» عام 1955، لافتا إلى وجود توقيع «محفوظ» فى عدد من البيانات ذات الطابع السياسى. الكاتب يوسف القعيد رئيس تحرير سلسلة «نجيب محفوظ»، وأحد أصدقائه رفض ما طرحه شعبان يوسف بشأن علاقة نجيب بالسلطة، وأكد أن علاقة الأخير بحكام يوليو لم تكن على ما يرام، ونفى القعيد اعتبار محفوظ محمية ثقافية مشيرا إلى عدم إجازة طبع رواية «أولاد حارتنا» التى هاجمها الأزهر إلا مؤخرا، كما كشف عن حذف الرقابة الرسمية لفصول كاملة من روايات محفوظ وكتاباته، موضحا أنه كان مختلفًا مع الثورة كثيرا، وعارض سياسة السادات الانفتاحية. واختتمت المناقشات بمداخلة هاشم النحاس التى روى فيها تفاصيل إعداد كتابه «نجيب محفوظ على الشاشة»، ولقاءه بأديب نوبل الذى قال لهاشم وقتها: «وهل صنعت فى السينما ما يستحق عمل كتاب؟» مشيرا بذلك إلى تواضع محفوظ الجم، رغم أنه كان ولا يزال أول وأكبر أديب كتب للسينما مباشرة عام 1945.