لن نكون مبالغين إذا قلنا إننا سوف نتذكر أغلب أحداث العام الماضى السياسية من خلال الرسومات التى يضمها ملف «كارتون 2009» فى عدد يناير من مجلة «وجهات نظر»، حيث يمثل كل كاريكاتير مشكلة أو حدثا ما، صحيح أن بعضها يوُجع القلب، ولكن هذا هو فن الكاريكاتير الحقيقى، الذى يستطيع أن يسلط كشافه على أصعب نقطة فى الحدث، فتكون اللوحة أكثر تأثيرا. من هذه الرسومات، صورة للمطواة السويسرية الشهيرة، والتى تحمل علم بلدها، وتضم مجموعة أدوات نحتاجها فى الرحلات مثل فتاحة المعلبات، المقص، الملقاط، وقد زاد عليها بلطة كبيرة تقسم مئذنة مسجد سوداء إلى نصفين، فى إشارة لموافقة السويسريين على القانون الذى يحظر بناء المآذن ببلدهم، معتبرينها رمزا للإرهاب، والظلامية، متجاهلين دورها المعمارى الرمزى. لوحة ثانية تمثل ثلاثا من أسماك القرش فى شكل حلقة، وقد لاحق فم الواحدة منها ذيل الأخرى، فى تمثيل لصراع شركات الإنترنت العملاقة «جوجل»، «ميكرو سوفت»، «ياهو»، وأخرى تشير إلى خطاب الرئيس الأمريكى باراك أوباما بالقاهرة، ولكن هذه اللوحة جاءت محيرة، ومتعددة المعانى، فهى تمثل أوباما بالزى الفرعونى واقفا أعلى أحد أهرامات الجيزة، مما يجعلنا نتساءل: هل يقصد الفنان حالة السعادة التى بدت على وجه أوباما أثناء زيارته للأهرامات، أم يقصد الحالة التى تلبست القاهرة أثناء الزيارة؟.. ولكن الأكثر إيلاما بين هذه الرسومات، لوحتان رسمهما الفنان الأردنى عماد حجاج، الأولى عبارة عن أطفال فى الأكفان التى أخذت شكل أسماك تسبح فى المياه، فى رصد للحرب على غزة واستشهاد مئات الأطفال، والثانية تتعرض لنفس المشكلة، ونرى فيها أحد الأشخاص يرتدى الزى العسكرى الإسرائيلى ويحمل عصا ربط فى طرفها زجاجة يقع منها القليل جدا من اللبن للأطفال المحبوسين داخل وعاء ضخم، وإلى جانب نقاط اللبن، تتساقط عليهم دموع مندوبى الوطن العربى، والعالم. عدد «وجهات نظر» الأول فى العام الجديد يضم مجموعة مهمة من المقالات والموضوعات، كخطاب الرئيس الأمريكى الذى ألقاه فى الاجتماع السنوى للأكاديمية الوطنية للعلوم، يتحدث فيه عن أهمية العلم فى إبقاء الدول العظمى.. عظمى، يقول «لن نظل دولة عظمى، مادام يتفوق على طلابنا فى مجال الرياضيات نظراؤهم فى سنغافورة واليابان وإنجلترا وهولندا وهونج كونج وكوريا وغيرها». ويأتى فى نفس السياق، مقال العالم الدكتور أحمد زويل بعنوان «عصر العلم»، إضافة إلى مقال الدكتور إسماعيل سراج الدين «القضاء على الجوع»، وملف «معركة الصورة»، الذى يتعرض للتغطية الإعلامية المصورة من الجانبين العربى والإسرائيلى للحرب على غزة، والتى يبدو أنها كانت صاحبة النصيب الأكبر من الاهتمام فى هذا العدد، وإن كان الجزء المترجم من كتاب «مريم المسلمة» للكاتب السويسرى «ميشيل دوس»، مع مقالة زكى سالم «متى المسكين.. قراءة فى الرحلة» قد أخذا مساحة لا يستهان بها من «وجهات نظر».