من فترة لأخرى ربما نرى صدفةً فيلم الأيادي الناعمة، والذي حرم فيه الكبر والعادة "البرنس"، من ممارسة الحياة الطبيعية، والبحث عن مصدر رزق ليعيش منه بعد انتهاء عصر أسرته وزمانها، وكما تمكن المخرج والكاتب معًا من كسر ذلك التابوه في قصة الفيلم، فقد استطاعت مجموعة من الفتيات ذوات الأيادي الناعمة من كسر تابوه جديد، والعمل في مغسلة سيارات وتحدي المجتمع وانتقاداته. «الشروق» حاورت فتاتين تعملان في إحدى مراكز غسيل السيارات، وعلمت منهما كواليس دخولهما لهذا العالم، وكيف لعبت الصدفة دورها في هذا الأمر. وقالت ماجي خالد صاحبة ال22 عامًا، الطالبة بالفرقة الرابعة بكلية التجارة، إنها رأت إعلانًا عبر "فيسبوك" للعمل ك"كاشير" في أحد المقاهي التابعة لمركز غسيل سيارات، وبالفعل حصلت على العمل، مضيفة أنه في أحد الأوقات من نحو عامين ونصف، اضطرت لدخول المغسلة لتخفيف الضغط عن العاملين بها، ومن يومها أحبت ذلك العمل ولم تفارقه. لم تختلف قصة دخول ماجي للمغسلة كثيرًا عن زميلتها هبة الله حسين ذات ال23 عامًا، والطالبة بالفرقة الرابعة بمعهد الألسن، فقد اضطرتها أيضا ظروف ضغط العمل في المغسلة للدخول إليها لتخفيف عبء العمل على زملائها هناك. بالطبع صاحب عمل الفتاتين بالمغسلة، حملة من الانتقادات الواسعة، وبالتحديد من دائرة المعارف القريبة وعلى رأسها الأهل والأصدقاء، فكيف للأيادي الناعمة أن تعمل في مثل هذا العمل، وهو بالفعل ما أكدته ماجي في قولها عن رأي أسرتها: "هما طبعًا ماكنوش موافقين خالص، ولحد دلوقتي مافيش حد موافق وشايفين الشغل صعب عليّ كبنت وكدا". وبالمثل حال هبة الله، فكان هناك حالة من الرفض للفكرة، مع نصائح بامتهانها عمل أفضل من ذلك أو مناسب لدراستها، إلا أنها ثبتت عند موقفها، قائلة: "أنا كنت حابة المهنة، فحبيت إن أنا أطور من نفسي فيها وأتعلم وأثبتلهم إن أنا الحمد لله عكس كدا، ونفعت وبقيت حاجة دلوقتي الحمد لله". وأكدت ماجي، أن الرفض لم يكن رفيق الرحلة طوال الوقت، قائلة: "في الأول طبعًا كانوا بيحبطوني، وبيضحكوا عليّ اللي هو أنت إزاي تشتغلي كدا، ومش عارفة إيه، بس دلوقتي بقوا خلاص معايا وبيدعموني وحابين أني أكمل في الشغل دا". الأمر الذي أكدته هبة الله في قولها: "اتعلمنا كل حاجة، وأثبتنا العكس فبقوا منبهرين بشغلنا الحمد لله، وبقى فيه ناس تيجي تطلب إن إحنا اللي نشتغل في العربيات بتاعتهم بالاسم، إحنا كبنات يعني، بيبقوا منبهرين الحمد لله بالشغل، وإنه بيطلع نتايج كويسة". لم تغفل الفتاتان عن ذكر دور الإدارة في مساندتهما ودفعهما للأمام وتجاوز أخطائهما، وتوفير دورات تدريبية لهما في المركز؛ لاحتراف أحدث أساليب غسيل السيارات والعناية بها. وبالحديث عن الأحلام، لم يخلتف حلم الفتاتين كثيرا، فقد حلمت كل منهما بامتلاك مكان خاص لغسيل السيارات في المستقبل، وأضافت هبة الله أنها تريد أن تجمع بين شهادتها ومهنتها أيضًا. ووجهت هبة الله، رسالتها للشباب والشابات قائلة: "رسالتي للبنات إحنا أد أي حاجة بنتحط فيها، إحنا أد المسؤولية ونقدر نعتمد على نفسنا، ويكون لنا كيان في المجال اللي إحنا اخترناه، وحابين أن إحنا نشتغل فيه، وأي بنت حابة أنها تشتغل أي شغلانة تكافح وتعافر وتعمل اللي هي عاوزاه طالما ماشية صح وعارفة هي بتعمل إيه كويس". وناشدت الشباب، السعي والاجتهاد للحصول على فرصة عمل، مضيفة: "ما يعتمدش على حد ويعتمد على نفسه". بينما نصحت ماجي البنات قائلة: "أنا بشجع أي بنت تنزل تشتغل، بلاش قعدة البيت الشغل مش وحش، انزلي اعملي حاجة لنفسك ولمستقبلك، القعدة مش هتنفعك في البيت، مافيش شغل مش صعب طبعًا بس مع الوقت هتتعودي، ومافيش حاجة صعبة، أنا بشجع أي بنت تشتغل أي شغلانة هي حباها، الشغل مش عيب خالص، وإحنا زينا زي الولاد بنشتغل دلوقتي في كل حاجة، ومافيش حاجة صعبة علينا خالص".