المصري الأصيل هو ملك الحقيقة المطلقة... ماتبقاش مصري لو مكنتش قفلت عينك نص قفله و نفخت دخان السيجارة (حتى لو مش بتدخن) و قلت جملة مرسلة على غرار "الحل في التعليم"، و يا سلام بقى لو لزقت فيها إبتسامة نصر منتشية كده إنك جبت الديب من ديله... كل واحد فينا هو، لوحده، صاحب أصوب و أجمد رأي جوه جمهورية نفسه، و لفترة مش قليلة كنا بنعاني من إن كل واحد بيلخّص الحل لكل مشاكلنا، و الخطة اللي حترقى بمصر لمصاف كوكب عطارد، في جملة. يمكن يكون ده عشان إحنا مؤمنين بفكرة المخلّص اللي حييجي و ينتشلنا من البلاعة اللي بنعوم فيها في الوقت الحالي بضغطة زرار، سواء كان المخلّص ده فكرة (الإسلام هو الحل، التكنوقراط هو الحل، الليبرالية هي الحل) أو كان شخص (البرادعي هو الحل، السيسي هو الحل، الشفيق فريق هو الحل). هو طبعا شئ لطيف جدا إن يكون الحل بسيط و مش مركب بالشكل الساذج ده، بس لطيف مش بالضرورة معناه إنه صح. على العموم، أنا قررت ممارسة حقي الأصيل كمصري، و خدت نفس السيجارة العميق و نفخته عشان الناس تحس إن في كلام مهم حييجي، و قلت بإن الراديكالية هي الحل. ليه بقى؟ عشان إحنا غالبا فاهمين الثورات غلط... الثورة مش المفروض تكون إننا نغير الراس الكبيرة أيا كانت و نهدأ (مع الإعتذار للأستاذ الثائر الحق)، لكن يد التغيير المفروض تمتد لكل ما هو غير جدير بالبقاء... و بالنظر لحال مصر نلاقي إن إحنا ممكن نخلّي محمد يوسف على رأس الجهاز الفني للأهلي... بس! بمعنى، فكرة إن التعليم هو الحل هي فكرة كويسة، بس هي لا تزيد عن جزئية من منظومة كبيرة جدا مبنية على باطل، و تغيير المنظومة بشكل تدريجي ممكن يشوّهها أكتر ما هي مشوهه، لإننا عمالين نرقّع في قماشة مقطعة. كل المؤسسات عندنا، و أغلب اللي في المناصب هم في المنصب ده يا إما عشان يعرف حد فإتظبط، يا إما قدّم على 16 شغلانه و دي اللي جاتله، و تلاقي إن مثلا مهنة المدرس دلوقتي هي لناس كتير شغلانة اللي مش لاقي شغل، أو البنت اللي عايزه شغلانه تحسّن فرصتها في الجواز أو بتديها فرصة إنها تبقى ست بيت و في نفس الوقت بتشتغل، أي حد من دول صعب أوي يكون عنده رؤيا للنهوض بالعملية التعليمية، و قيس الفكرة دي على شغلانات كتير جدا، إحنا إضطرتنا الظروف لدخول كلية معينة، و بعدين إضطرتنا الظروف نشتغل شغلانه معينه، و المفروض إننا نطور نفسنا و المكان و إحنا لا مؤهلين ولا حابّين. دي نقطة في بحر واسع جدا من الحاجات اللي محتاجة تغيير. يبقى نرجع للراديكالية، بالبلدي، المؤسسات اللي عندنا محتاجة تتبِني من أول و جديد (إمتى آخر مرة فريق متخصص في تطوير العمليات Process Improvement زار مثلا إدارة المرور و شاف الإجراءات هناك)، محتاجة إعادة بناء مش تطوير، لإنها أصبحت مهلهلة و في أكتر من مؤسسة فقدت غرضها الأصلي من كتر ما كانت بتُستخدم في حاجات تانية (زي مثلا الهيئة العامة للإستعلامات). إحنا كدولة شغالين بمؤسسات ماشيه بنفس الأسلوب اللي إتعملت عليه في الستينيات، و كل واحد بيخاف يغيّر حاجة حتى لو غلط عشان هو جه لقاها كده، و الوظائف الحكومية اللي هي مبني عليها البلد هي نكتة في مرتباتها و رقابتها و حتى نظام الترقي. إحنا شغالين بأساليب عفا عليها الزمن و بنكرر نفس الغلطات و بنستنى نتيجة مختلفة. الموضوع محتاج أكتر من شخص، محتاج المنظومة (فيها فعل حقيقي) بالكامل يكون عليها أفراد، و تحتيهم أفراد، مؤهلين لتعديلها، و لو في خطة للتطوير ماتكونش حاجة بتطلع مع طلوع المسؤول و تنتهي فور رحيلة، الراديكالية تطول كل المؤسسات و تغيرها، تأهيل الموظفين و تعديل عقودهم و نظام محاسبتهم، و اللي مش نافع يشوف شغل في مكان تاني و نجيب واحد مؤهل بداله. الراديكالية هي الحل على المستوى الفردي حتى لو حبينا نطوّر أي و كل حاجة مش التعليم بس. (إبتسامة نصر منتشية)