تراجع غير متوقع لمخزون النفط الخام في أمريكا    رئيس المجلس الأوروبي: نثمن جهود الرئيس السيسي الجبارة التي أدت لوقف إطلاق النار في غزة    مقتل شخص في حادث إطلاق نار بمدينة هانوفر شمالي ألمانيا    ليفربول يكتسح فرانكفورت بخماسية في دوري الأبطال    قنديل: لا توجد خلافات في إدارة الأهلي    علي الحجار يفتتح حفله ب«المال والبنون» في مهرجان الموسيقى العربية وسط حضور جماهيري كبير    توجيهات بإنشاء صالة لياقة بدنية متكاملة لخدمة طلاب جامعة المنيا    توزيع مستلزمات مدرسية على الطلاب الأكثر احتياجا في دمياط    تعويضاته المطلوبة تعادل ثروته ب5 مرات.. كيف يربح ترامب من الدعاوى القضائية؟ (تحليل بيانات)    شفيق التلولي: التحول في الرأي العام العالمي تجاه فلسطين تطور جوهري يجب البناء عليه    الرئيس أردوغان يهدي السلطان العماني سيارة توج الكهربائية    انضمام 12 عالمًا من جامعة المنصورة إلى عضوية اللجان الوطنية بأكاديمية البحث العلمي    محافظ البحر الأحمر: 75% من إنتاج بترول مصر يخرج من رأس غارب    تعرف على موعد تطبيق التوقيت الشتوي في أسيوط    «معاهم الفانوس السحري».. 3 أبراج لديها دائمًا حل لكل مشكلة    مواقيت الصلاة في أسيوط غدا الخميس 23102025    داعية إسلامي: زيارة مقامات آل البيت عبادة تذكّر بالآخرة وتحتاج إلى أدب ووقار    بمشاركة 158 استشاريا.. بورسعيد تحتضن أكبر تجمع علمي لخبراء طب الأطفال وحديثي الولادة    كوبارسي: الجماهير تحب الانتصارات الكبيرة في الكلاسيكو لكننا لا نفكر في ذلك    مصرع رسام الشارع الاخرس صدمه قطار بالمنيا    تجديد حبس صاحب محل موبايلات في «جريمة المنشار بالإسماعيلية» 15 يوما    صور| مصرع شابين سقط بهما مصعد كهربائي بطنطا    رئيس جامعة بنها يطمئن على طلاب كلية الفنون التطبيقية المصابين في حادث أسوان    يويفا يعلن قائمة الأسرع فى دورى أبطال أوروبا وسرعة محمد صلاح القصوى    المتروبوليتان يحتفى ب «آلهة مصر القديمة»    طرح البوستر الرسمي لفيلم "قصر الباشا" بطولة أحمد حاتم    أكرم القصاص: مصر الحليف الأنسب والقوى للاتحاد الأوروبى ولا بديل لها    مبابي ينافس بيدري على جائزة أفضل لاعب في الدوري الإسباني لشهر أكتوبر    صندوق استصلاح الأراضى بالوادى الجديد يوافق على جدولة ديون المشروعات الزراعية    هل القرآن الكريم شرع ضرب الزوجة؟.. خالد الجندي يجيب    هل يجوز احتساب جزء من الإيجار من زكاة المال؟.. أمين الفتوى يجيب    إيناس جوهر رئيسًا لجنة إعلام الخدمة العامة.. وعمرو خفاجي مقررًا    محافظ شمال سيناء يستقبل نائب وزير الصحة لبحث جاهزية المنشآت الصحية (صور)    نائب رئيس الوزراء ووزير التعليم العالى يشهدان افتتاح مؤتمر الجمعية المصرية للصدر    أنغام تحيي حفلا غنائيا في أوبرا الكويت نوفمبر المقبل    مدرب الاتحاد: تعرضنا للظلم أمام الأهلي    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة الشهر الكريم وأحكام الرؤية الشرعية    «التنظيم والإدارة»: «الوزراء» وافق على تخصيص جلسة مسائية للمتخلفين عن اختبارات التعيين    "وان أوف وان" تطلق مشروعين جديدين في الشيخ زايد والتجمع السادس    مصر تستضيف تنصيب الرئيس الجديد لبنك التصدير الأفريقي «أفريكسيم بنك»    «جهار»: 26 منشأة صحية حصلت على الاعتماد الكامل أو المبدئي    تجديد حبس والد المتهم بقتل زميله وتقطيع جثته بمنشار فى الإسماعيلية 15 يوما    "مكافحة انتشار المخدرات" فى ندوة بطب بيطري أسيوط    بعد أزمة مواجهة برشلونة وفياريال.. الدوري الإيطالي يتمسك بإقامة مباراته في أستراليا    انطلاق دوري الأنشطة الرياضية لتلاميذ المدارس بالمحافظات الحدودية بجنوب سيناء    تعليم قنا: انتهاء عصر الانتقال الآلي من صف إلى آخر    فى ذكرى تدمير المدمرة ايلات ..اسرائيل : "ضربة موجعة" لإسرائيل في أعقاب حرب 1967    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة مصر وغانا في تصفيات كأس العالم للسيدات    مرور القاهرة يعلن إغلاق كوبري الأزهر السفلي لإجراء أعمال الصيانة    تكريم خالد جلال بختام ملتقى شباب المخرجين بمسرح السامر.. الليلة    وزير الخارجية الإسرائيلي: لا يوجد لإسرائيل صديق أعظم من الولايات المتحدة وممتنّون لإدارة ترامب على دعمها الثابت لإسرائيل    "واقع مزيف" يتوسع بصمت.. تحذير من الذكاء الاصطناعي    محافظ المنيا يتابع مستوى الخدمات بوحدة طب الأسرة بنزلة بني خلف بمغاغة    الرقابة المالية تمد وقف تلقي طلبات التأسيس لنشاطي التمويل الاستهلاكي ومتناهي الصغر بالطرق التقليدية لمدة عام    وصول حكام مباراة الزمالك وديكيداها للقاهرة استعدادا لموقعة الكونفدرالية    محافظ أسيوط: غدا فتح باب التقديم لحج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه – 2026م وحتى 6 نوفمبر المقبل    البترول: مصر تُصدر 150 ألف متر مكعب من الغاز المسال إلى تركيا لصالح توتال إنيرجيز    مفتي الجمهورية: الله تولى بنفسه منصب الإفتاء وجعله من وظائف النبوة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باب واشنطن الدوار ومأساة أفغانستان
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 08 - 2021

7215 يوما من الوجود الأمريكى العسكرى فى أفغانستان، منذ إعلان بدء القتال فى السابع من أكتوبر 2001 وصولا لموعد استكمال الانسحاب المقرر رسميا فى 31 من أغسطس الجارى، جعل منها الحرب الأطول فى التاريخ الأمريكى.
تشير التقديرات المتحفظة بشأن قيمة التكلفة المادية التى تحملتها الخزانة الأمريكية خلال ال20 عاما الماضية إلى مبلغ تريليون دولار، فى حين تؤكد «نيويورك تايمز» أن المبلغ لا يقل عن 2 تريليون دولار، بيد أن مشروع «تكاليف الحرب» (Cost of War) فى جامعة براون قدر التكلفة بما لا يقل 2.27 تريليون دولار، أو ما يقرب من 241 مليون دولار يوميا. نعم! أنفقت الإدارات الأمريكية الجمهورية والديمقراطية المتتالية 241 مليون دولار يوميا على حرب خاسرة لا تخدم مصالح أمريكية استراتيجية مباشرة، باستثناء تحييد تنظيم القاعدة المسئول عن هجمات 11 سبتمبر، وهو ما تم بالفعل فى أول 3 أشهر من القتال.
لا يمكن تشكيل صورة متكاملة لفهم ما جرى ويجرى فى أفغانستان من دون التطرق لطبيعة «المجمع الصناعى العسكرى» ذى النفوذ الطاغى الخفى على الكثير من السياسات الخارجية الأمريكية. فبعد فترتى حكم امتدتا من عام 1953 إلى 1961، حذر الرئيس دوايت أيزنهاور فى خطابه الوداعى من «النفوذ الذى لا مبرر له، سواء كان بطلب أو بغير طلب من المجمع الصناعى العسكرى»، وقصد بذلك التحالف بين المؤسسة العسكرية الضخمة ممثلة فى وزارة الدفاع (البنتاجون) وكبريات شركات الصناعات العسكرية.
ويتمتع هذا التحالف بنفوذ واسع على الحزبين الديمقراطى والجمهورى، ويمرر الكونجرس سنويا وبصورة روتينية وبدون تأثر بهوية الحزب صاحب الأغلبية فى مجلسيه النواب والشيوخ ميزانيات الدفاع من دون نقاشات أو تحفظات ذات قيمة، وتعد الميزانية العسكرية إحدى القضايا النادرة التى يتنافس فيها الحزبان على إرضاء البنتاجون.
يُذكر أن الميزانية العسكرية الأمريكية، التى تقترب قيمتها من 800 مليار دولار سنويا، تتخطى إجمالى ميزانيات الدفاع لأكبر 10 دول تالية من حيث الإنفاق العسكرى، وهى الصين والسعودية وروسيا والهند وبريطانيا وفرنسا واليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية والبرازيل.
وتحكم الحسابات الانتخابية لأعضاء الكونجرس مواقفهم من المخصصات العسكرية، أو الإبقاء على قواعد عسكرية وعتاد لا حاجة لهما، ويضغط أعضاء الكونجرس للإبقاء على خطوط إنتاج المدرعات والدبابات والطائرات التى لم تعد هناك حاجة عملية لدى القوات الأمريكية لاقتناء المزيد منها.
•••
من ناحية أخرى، تقوم ماكينة معقدة من شركات «اللوبى» بالضغط على أعضاء الكونجرس للحفاظ على حجم ميزانية الدفاع أو زيادتها. وإضافة إلى شركات السلاح الكبرى التى تسعى لمضاعفة تعاقداتها مع الحكومة الأمريكية تضم واشنطن مراكز بحثية مختلفة تدعم تضخم الميزانية العسكرية وتدافع عن ذلك من خلال دراسات وبحوث، وشهادات خبرائها فى الكونجرس ووسائل الإعلام. فبدل الحديث عن انخفاض معدل التهديد للولايات المتحدة مع احتفاظها بأقوى جيوش العالم وأكبر ميزانية عسكرية وتقدمها التكنولوجى عسكريا بلا منافسة، يتم التركيز على زيادة التهديدات، وارتفاع حجم المنافسة الاستراتيجية من الصين وروسيا، ومخاطر إيران وكوريا الشمالية، إضافة إلى التهديدات الإرهابية.
•••
تدرك الدوائر الفكرية الأمريكية منذ سنوات طويلة أنه لا يوجد حل عسكرى فى أفغانستان، ومع ذلك ظلت القوات الأمريكية هناك من دون وجود هدف محدد لإنجازه.
وتتجنب النخبة الأمريكية، حتى مع صور الانهيار والمعاناة والفوضى المرتبطة بعملية الإجلاء من كابول، طرح أسئلة جادة حول من المستفيد من إنفاق 241 مليون دولار يوميا لمدة 20 عاما! ولا يمكن فهم ما جرى ويجرى سواء فى أفغانستان أو العراق، إلا بعد تفكيك وفهم كيف وزعت هذه الأموال، وإلى أى حسابات بنكية انتهى بها المطاف، سواء تلك المرتبطة بالشركات الكبرى أو شركات المتعاقدين الحكوميين التى يمتلك أغلبها مسئولون عسكريون سابقون.
ويشير تقرير صدر قبل أشهر من مكتب المفتش الخاص لشئون أفغانستان بالبنتاجون، إلى وجود 22 ألفا و500 من المتعاقدين الممولين من ميزانية البنتاجون فى أفغانستان بتكلفة تبلغ مئات الملايين من الدولارات سنويا.
وتعكس هذه النتيجة الفشل «الواشنطونى» فى أوضح صوره، فواشنطن العاصمة الفيدرالية ومقر صنع القرار السياسى تعج بمظاهر فساد قانونى تراكم بصورة غير مسبوقة خلال العقود الأخيرة، وذلك على العكس والنقيض من نجاحات كبيرة تشهدها بقية مراكز القوة الأمريكية سواء فى نيويورك، أو بوسطن أو كليفلاند أو شيكاغو أو سياتل أو لوس أنجلوس أو سان فرانسسكو أو هيوستون ودالاس أو أتلانتا وميامى وأورلاندو.
•••
وتسمح ظاهرة «الباب الدوار» بخروج مسئولى إدارة سابقة للعمل فى شركات ومؤسسات خاصة، ثم يعودون مرة أخرى بعد سنوات للعمل الحكومى وتولى مناصب حكومية رفيعة مرة أخرى. ويتكرر هذا السيناريو ليخلق شبكة معقدة من العلاقات الشخصية والخاصة التى لا تتردد فى توريط الولايات المتحدة فى حروب لا طائل منها. فوزير الدفاع الحالى الجنرال لويد أوستن بعد تقاعده من القوات المسلحة عام 2016 انضم إلى مجالس إدارات عدة شركات على رأسها شركة رايثيون، أحد أكبر مصنعى السلاح الأمريكى التى يعد البنتاجون عميلها رقم واحد. ولا يقتصر الأمر على وزير الدفاع الحالى، فكل المسئولين السابقين ينضمون لمجالس شركات تصنيع السلاح الكبرى، أو كبريات صناديق الشركات الاستثمارية أو يعملون فى شركات اللوبى. وعلى سبيل المثال، يعمل حاليا وزير الدفاع السابق الجنرال جيمس ماتيس مستشارا لشركة «جنرال ديناميكيس» أحد أكبر مصنعى السلاح الأمريكى، التى يعد البنتاجون عميلها رقم واحد كذلك، مقابل راتب سنوى يبلغ 900 ألف دولار.
وعلى الرغم من افتخار الشعب الأمريكى بديمقراطية بلاده، فإنها تتمتع أيضا بنظام سياسى قد يكون الأكثر فسادا فى العالم؛ والسبب وراء عدم إدراك معظم الأمة الأمريكية لهذه الحقيقة هو أن الفساد عندهم يكتسب الصفة القانونية. فرغم أن أغلب الشعب الأمريكى يؤمن بأن حكومته «حكومة الشعب ومن الشعب ولأجل الشعب»، فإن الواقع أكثر تعقيدا من ذلك، فهى تبدو «حكومة الشعب من جماعات المصالح ولأجل مصالح هذه الجماعات»، وعلى رأس هذه الجماعات يأتى المجمع العسكرى الصناعى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.