المرأة فى 2010 مقبلة على مرحلة مختلفة من العمل السياسى بعد إقرار قانون خصص لها 64 مقعدا فى المجلس، إلا أن الحقوقيين توقعوا أن يتم استغلال مقاعد الكوتة لصالح الحزب الوطنى، وهو الأمر الذى اعتبرته نهاد أبوالقمصان، رئيس المركز المصرى لحقوق المرأة، أمرا لا مفر منه، ولكنها أكدت أن المنافسة بين النساء ستكون أقل عنفا وفسادا. ولن تشهد أشكال العنف والبلطجة التى تشهدها الدوائر الأخرى. وأكدت نهاد فى حوارها مع «الشروق» ضرورة صدور قانون تجريم التحرش الجنسى متمنية صدوره فى عام 2010، مؤكدة أن القوانين الحالية عجزت عن معالجة الظاهرة. وشنت نهاد فى الحوار هجوما على وزارة الثقافة واتهمتها بالتقصير فى الحفاظ على الثقافة المصرية من الثقافات الوافدة التى اعتبرتها سببا فى عدد من المشكلات المجتمعية. لماذا يعتبر الحقوقيون أن المقاعد المخصصة للمرأة ستستخدم لصالح الحزب الوطنى؟ الدوائر الخاصة بالكوتة المخصصة للمرأة مثلها مثل غيرها من الدوائر التى تخضع لهيمنة الحزب الوطنى، وانتخابات 2005 خير دليل على هذا، فحتى المستقلين الذين تم انتخابهم بدلا من مرشحى الحزب انضموا للحزب الوطنى بعد فوزهم. المواطنون اضطروا للجوء للتصويت الانتقامى لصالح مرشحى الإخوان وهو ما أتى ب88 نائبا إخوانيا فى البرلمان، وهو رقم ضخم بالنسبة للإخوان، حيث توقعت أقصى التقديرات أنه فى أى انتخابات نزيهة لن يحصل الإخوان على أكثر من 35 مقعدا، لكن المواطنين لم يجدوا قوى سياسية بديلة يصوتون لها سوى الإخوان. لكن ما الدور الذى يمكن أن تلعبه الأحزاب لاستخدام مقاعد المرأة من أجل حصد عدد أكبر من المقاعد فى البرلمان؟ المضحك أن هذا ليس على أجندة الأحزاب، وبدلا من العمل على اعتبار هذه الدوائر قيمة مضافة لتحضير قيادات قوية، أحزاب مثل الوفد والتجمع تعلق أخطاءها وفشلها على شماعة الآخرين بدلا من نزول المعركة واستغلال ال64 مقعدا، إلا أنهم مشغولون بالخلافات الداخلية. وعلى العكس، أرى أحزابا ليست قديمة ولديها كوادر نشطة مثل الغد والجبهة الديمقراطية. البعض يتوقع أن تشهد دوائر النساء شكلا خاصا من الخلافات والبلطجة فى إطار التنافس بين المرشحات؟ بالعكس، أنا متأكدة أن انتخابات النساء ستكون أكثر نظافة ليس لأنهن ملائكة بأجنحة ولكن لأنهن أقل خبرة فى الأعمال القذرة وتدبير الدسائس وإدارة المعارك والمؤامرات والشائعات، كما أن النساء أقل فسادا وهذا متعلق بطريقة تربيتهن القائمة على الخوف، فالنساء لسن مغامرات. كيف يمكن أن ينعكس وجود 64 إمراة على الأقل فى مجلس الشعب على طبيعة القضايا المطروحة بالمجلس؟ ينعكس على قضايا المرأة وجودتها، لو بين ال64 نائبة توجد 10 واعيات ولديهن رؤية ومهارة ستحدث فروق فى نوعية وجودة القضايا المتعلقة بالمرأة. بمناسبة قضايا المرأة فى البرلمان، توجد ظاهرة التحرش الجنسى التى عمل المجتمع المدنى على مناهضتها منذ أكثر من ثلاث سنوات، هل تجدى دورا لمجلس الشعب لمعالجة هذه الظاهرة؟ المجلس واضح أنه مشغول بقضايا أخرى، ولكن المركز المصرى لحقوق المرأة سبق أن قدم مشروع قانون غير المشروع الذى قدمه النائب محمد خليل قويطة والمشروع الذى أعده المجلس القومى لحقوق المرأة. وأين المجلس من مناقشة هذه المشروعات؟ يوجد رأيان متباينان حول هذه القضية؛ الرأى الأول يعتقد أن القوانين الحالية تكفى والقصور فى التطبيق فقط، والرأى الثانى يؤكد أنه مادامت القوانين الحالية لم تفلح فى مواجهة الظاهرة فنحتاج لقانون جديد، وهذا هو الرأى الذى نتبناه فى المركز المصرى، فالقوانين عجزت عن مواجهة التحرش الجنسى وغير كافية للتعامل مع هذه الجريمة. وما وجه القصور فى القوانين الحالية؟ القصور الحقيقى فى تجريم التحرش فى أماكن العمل لأن القانون الحالى لا يعاقب عليه ولم يتطرق إليه. كما أن قانون العقوبات الحالى يقرن واقعة هتك العرض باستخدام العنف، فإذا لم يستخدم العنف فى الواقعة لا يمكن اعتبارها هتك عرض، وبالتالى نحتاج تشريعا ينص على جريمة التحرش الجنسى بشكل واضح ويحدد عناصرها حتى يتمكن المجتمع من محاسبة مرتكبى هذه الجريمة. هل استجاب عدد من الأعضاء وتفاعلوا بشكل إيجابى مع مقترح القانون الذى طرحتموه؟ لجنة حقوق الإنسان بالمجلس ناقشت القانون والنائبة جورجيت قلينى طلبت الاطلاع عليه والاستعداد لتبنيه، ولكن سنبدأ فى المرحلة القادمة جولة أخرى من العمل من أجل قانون يجرم التحرش الجنسى ويعاقب عليه. قلتم فى أكثر من مرة أن الظاهرة لا علاقة لها بالزى الذى ترتديه المرأة أو عمرها، فما السبب فى انتشارها؟ حالة من التدهور الثقافى والأخلاقى أصابت المجتمع وجعلته يلجأ لهذه الأفعال التى تستبيح أجساد النساء. على مدى 30 عاما تعرضت الثقافة المصرية للتخريب ودخلت علينا ثقافات وافدة مثل الوهابية التى نقلها لنا المصريون العائدون من العمل فى دول الخليج بأموال البترول وثقافته، وانعكس هذا على شكل الزى الذى بدأت النساء ترتديه مثل النقاب الأسود والعباءة السوداء. لكن فى المقابل، رأى آخر يقول إن الثقافة الوافدة هى العرى الشديد وقنوات الأغانى والفيديو كليب الذى يعرض لمظاهر تتنافى مع طبيعة المجتمع المصرى؟ الانفتاح الإعلامى على الجانبين سواء الإعلام الذى يصدر لنا المرأة المنقبة أو العارية التى تقدم كسلعة، فى معركة على قيادة المنطقة ثقافيا ولا أنسى الأثمان الغالية التى كانت تدفع فى مرحلة من المراحل من أجل نشر ثقافة الحجاب. وصورة المرأة أداة رئيسية فى هذه المعركة، فالإخوان والإسلاميون يستخدمونها بالحجاب والنقاب، والتجار يستخدمون الصور العارية. إذا كانت الثقافة المصرية فعلا فى خطر وتتعرض لهجوم من ثقافات وافدة، فمن الجهة المسئولة عن حمايتها والحفاظ على طبيعتها؟ ما حدش فى مصر مسئول عن حاجة. طبعا المفروض المسئولية تكون لوزارة الثقافة، لكن فى الحقيقة علبة كبريت أكثر تأثيرا من هذه الوزارة بمراكزها الثقافية. ساقية الصاوى أكثر تأثيرا من المراكز الثقافية المنتشرة فى مصر، لكن لا أعلم ما الدور الذى تقوم به هذه المراكز، وآمل أن يؤثر وجود الدكتور عماد أبوغازى، أمين عام المجلس الأعلى للثقافة، ويحدث فرق فى أداء هذه المراكز. أيضا المناهج التعليمية لها دور، لكن لا أدرى كيف توضع هذه المناهج؟ لابد من عرضها على المعنيين من الخبراء التربويين والنفسيين والمجتمع المدنى لوضع مفاهيم منضبطة.