نعيرات: حرب قد تطلبها حماس.. العلوجى: انتخابات عراقية خطرة.. الغُبارى: اليمن مرشح للانفجار.. مكى: تحرك إسرائيلى بالسودان لإرباك مصر.. عثمان: عام آخر من الدماء والقرصنة على الحدود الشماليةالشرقية لمصر، وتحديدا فى قطاع غزة، تقبع أولى الأزمات العربية، وبحسب الدكتور رائد نعيرات رئيس قسم العلوم السياسية فى جامعة النجاح بالضفة الغربيةالمحتلة، فإن «المعطيات السياسية، وعلى رأسها الفشل فى تحقيق المصالحة الفلسطينية، والأمنية. وفى مقدمتها التهديدات العسكرية الإسرائيلية المتكررة لغزة، والتطورات فى منطقة الجوار، خاصة الجدار الفولاذى الذى تبنيه مصر تحت الأرض على حدودها مع القطاع (1.5 مليون نسمة) لوقف عمليات التهريب.. كلها وقائع ربما تجعل من الحرب مطلبا لحركة حماس» المسيطرة على القطاع منذ يونيو 2007. ويوضح أنه «مع تضييق الخناق عليها ربما تسعى حماس لحرب مع إسرائيل تأجج المنطقة بحثا عن مخرج، وربما ينفلط زمام الأمور من يدها لتعود بقية الفصائل إلى قصف إسرائيل بالصواريخ غضبا من أوضاع غزة، وهو ما تذرعت به إسرائيل لشن عدوانها الأخير على القطاع»، الذى أوقع أكثر من 1400 شهيد فلسطينى، معظمهم مدنيون، مقابل مقتل 13 إسرائيليا، بينهم ثلاثة مدنيين. غير أن د. نعيرات يرى أنه «ربما أيضا مع تضييق الحصار (المتواصل منذ نحو ثلاث سنوات) على غزة، وتصاعد الغضب الدولى من مواقف حماس، تشن إسرائيل حربا جديدة، لكنها هذه المرة لن تكون كسابقتها، بل ستكون حاسمة وقد تنتهى بإعادة احتلال القطاع (الذى انسحبت منه إسرائيل عام 2005)؛ لأن الإسرائيليين لن يرضوا بنتائج مؤلمة كنتائج الحرب الأخيرة». أى كان مُطلق شرارة الحرب، وفقا للمحلل السياسى الفلسطينى، فإن «حدود غزة لن تستوعب نتائجها، فرغم المساعى الأمريكية والإسرائيلية والأوروبية لإقامة نموذج حكم مغاير فى الضفة الغربية، فإن الضفة فى حالة غليان لمرور العام بعد الآخر دون ضوء فى نهاية نفق عملية السلام المظلم. وبرود الغضب الجماهيرى والحزبى متوافر بكثافة فى الضفة، لكنه بحاجة لصاعق ربما توفره أى حرب جديدة، لتنفجر الضفة وتنهار السلطة المهلهلة، ويفتح الفلسطينيون باب المجهول على مصرعيه». إنهاء الطائفية «إنهاء الطائفية وتطبيق الديمقراطية».. هكذا بدأ الكاتب والمحلل السياسى العراقى الدكتور عبد الكريم العلوجى حديثه، معتبرا أنه «بدونهما لا آمال معلقة على الانتخابات التشريعة فى السابع من مارس المقبل». ويرجع ذلك إلى أنه «لا جديد على الساحة السياسية، فما زالت الوجوه الطائفية هى المهيمنة عليها، كل ما هنالك أن الائتلافات الطائفية غيرت أسماءها إلى ائتلافات وطنية بعد أن فضحها المواطن». وتتغلغل الطائفية، بحسب د. العلوجى، «فى شتى مناحى الحياة العراقية، فما من كيان سياسى إلا وله ميليشيا مسلحة، وما من محافظة أو وزارة أو لواء فى الجيش إلا وتهيمن عليه هذه الطائفة أو تلك». ويحذر من أنه «مع وضع كهذا، ومع إقصاء قسم من العراقيين، على رأسهم البعثيين، فإن عام الانتخابات (2010) ينذر بمزيد من الفوضى وتزايد سلاسل التفجيرات، كتلك التى تشهدها بغداد على فترات منذ أغسطس الماضى، وهى تصفية حساب بين القوى السياسية الطائفية، بدليل حديث المسئولين عن خروقات فى الأجهزة الأمنية». ومن المقرر أن تبدأ قوات الاحتلال الأمريكى انسحابها من العراق فى أغسطس 2010 على أن يكتمل انسحابها فى موعد أقصاه نهاية 2011. ويستبعد د. العلوجى إمكانية أن يؤثر تدهور الوضع الأمنى فى «عام الانتخابات الخطرة» على الخطط الأمريكية، فبحسب قوله «يتم حاليا بناء ست قواعد ستبقى فيها قوات أمريكية». وليس للعراق من حل سوى «إنهاء الطائفية والمحاصصة وحل الميليشيات واعتماد الديمقراطية والتشبث بالهوية الوطنية، لوضع نهاية لتصارع الكيانات الطائفية على مكامن النفوذ، وإلا فالعراق قادم على أخطر مرحلة منذ غزوه» فى مارس 2003، بحسب د. العلوجى. دعوات للانفصال إلى الجنوب من العراق توجد أزمتين فى بلد عربى آخر هو اليمن، أولاهما الحرب السادسة الدائرة فى محافظة صعدة شمالى البلاد منذ أغسطس الماضى بين الجيش اليمنى والمتمردين الحوثيين، والتى يرى الكاتب والمحلل السياسى اليمنى محمد الغُبارى أن «كل المؤشرات الميدانية ترجح استمرارها فى 2010». غير أنه لا يستبعد «حسم هذه المعارك.. ليس عسكريا بل سياسيا باستجابة الحكومة لمطالب الحوثيين مقابل بسط سيطرتها على مناطقهم، فقد تجد صنعاء نفسها مضطرة لهذا الخيار تحت ضغط الدول الغربية المانحة ودول مجلس التعاون الخليجى، فضلا عن الدعوات المتصاعدة فى الجنوب للانفصال عن الشمال». وللحوثيين (شيعة زيدية) ثمانية مطالب، من أبرزها الإفراج عن المعتقلين، التعويض والإعمار، التعامل مع أبناء المحافظات الشمالية بدون أى تمييز عنصرى أو طائفى، وإيجاد تنمية حقيقية وتوفير خدمات أساسية بدون أى تمييز مناطقى. وبالنسبة للجنوب يرجح الغُبارى أن «تصعد القوى الجنوبية من مطالبها بالانفصال ما لم تُنه الحكومة ما يقولون إنه تمييز واضطهاد يعانونه منذ قمع محاولة الانفصال الأخيرة عام 1994». ويحذر من أنه «إذا لم ينجح الحوار الوطنى، الذى دعا إليه الرئيس (اليمنى على عبد الله صالح) بين السلطة ومختلف القوى المعارضة لها، فإن الوضع فى اليمن مرشح لانفجار سيطال دول الجوار، وربما المنطقة بأسرها، وهو ما يقلل من احتمال نشوب حرب إقليمية بين إيران والسعودية»، التى توجه ضربات جوية للمقاتلين الحوثيين الذى ينتهكون حدودها. الراية الحمراء ومن اليمن إلى السودان، يقول الدكتور حسن مكى مدير مركز البحوث والدراسات فى جامعة إفريقيا العالمية بالسودان إن «قضية إقليم دارفور (غربى البلاد) لها أربعة جوانب، وهى: النازحون، والمصالحة الدارفورية الدارفورية بين عرب وغير عرب ومزارعين ورعاة وغيرهم، وربط الإقليم بشبكة الطرق فى شمالى السودان، وهى ثلاث مشاكل لن تُحل فى 2010، فهى بحاجة لسنوات». أما المشلكة الأخيرة، «فهى النزاع بين الشمال والحركات المسلحة فى دارفور، وهى أسهل المشاكل الأربع؛ إذ يتوق الدارفوريون إلى السلام، وكذلك الدول الغربية المانحة التى تريد التخلص من عبء الإقليم»، بحسب د. مكى. لكن رغم ذلك يرى أنه «لا أمل فى تحقيق السلام بين الشمال ودارفور ما بين يناير ومايو المقبلين؛ حيث سينكفئ السودان على الداخل خلال هذه الفترة بسب الانتخابات الداخلية (فى أبريل المقبل)، وبناء على طبيعة الحكومة الجديدة سيتحدد جانبا من مصير مفاوضات السلام». ويستبعد نشوب معارك بين الجيش السودانى والحركات المسلحة، «فأقصى ما سيفعله المتمردون هو مشاكسة قوات حفظ السلام أو القوات السودانية فى حركات استعراضية لجذب الكاميرات العالمية». وبالنسبة للجنوب، يستبعد د. مكى أيضا «نشوب مواجهات مسلحة جنوبية جنوبية بين الحركة الشعبية لتحرير السودان الحاكمة فى الجنوب والمنشقين عنها (بقيادة الدكتور لام أكول، وزير الخارجية السابق فى حكومة الجنوب)، طالما لم يحاول الشمال استغلال الخلافات بدعم الجناح المنشق». ويقر بأن «الجنوب يتجه نحو الانفصال فى الاستفتاء المقرر عام 2011 (وفقا لما ينص عليه اتفاق السلام بين الشمال والجنوب الموقع عام 2005)»، لكنه يشدد على أن «هذا الانفصال سيكون شكليا، بحيث يقتصر على تبادل الجنوب للبعثات الدبلوماسية مع العالم؛ إذ إن عائدات إمدادات النفط التى تمر عبر الشمال تمثل 98% من ميزانية حكومة الجنوب المتمتع بشبه حكم ذاتى، كما أن 40% من سكان الجنوب على مرمى حجر من الشمال، ولا يمكنهم الانفصال عنه تجاريا، وإلا تضرروا بشدة». ويضيف د. مكى أن «الغرب بدأ يتراجع عن دعمه لإقامة دولة فى الجنوب بعد تأكده من أن الانفصال سيكون شكليا، وأن الجنوب ما هو إلا تعبير جغرافى يفتقد للتجانس؛ نظرا لتعدد القوميات واللغات، وغيرها». إلا أن «إسرائيل وحدها هى التى تدفع حاليا نحو الانفصال، ولها استثمارات ضخمة فى الجنوب، وأنفقت 500 مليون دولار على تأهيل وتدريب الجنوبيين، وكل ما تريده هو تهديد وإرباك الأمن القومى المصرى فى الخفاء بجذب أنظار مصر إلى حدودها الجنوبية وإثارة المشاكل حول مياه النيل؛ بغية إقناع المصريين بأنها ليست عدوهم». أما المذكرة الدولية لتوقيف الرئيس السودانى عمر البشير فيشبهها د. مكى ب«الراية الحمراء التى يستخدمها مصارع الثيران»، مضيفا أن «الغرب سيظل محتفظا بها طالما لديه الأمل فى ابتزاز البشير». نزوح وقرصنة وإلى الجنوب الشرقى من السودان، يرى المحلل السياسى الصومالى محمد عثمان أن «المعارك ستتواصل بين الحكومة الانتقالية وبين المعارضة الإسلامية المسلحة، بقيادة حركة شباب المجاهدين والحزب الإسلامى؛ فكل الدلائل تؤكد أن تحقيق مصالحة وطنية بات أمرا مستحيلا جراء التباين الشاسع فى الرؤى، ليكابد الصوماليون عاما آخر من الحرب الأهلية الدائرة منذ عام 1991»، حين تمت الإطاحة بالرئيس محمد سياد برى. بل ويرجح عثمان «تصاعد حدة المعارك وسفك الدماء، نظرا لهيمنة جناح المقاتلين الأجانب المتطرفين على قيادة حركة الشباب، وهؤلاء أقرب إلى فكر تنظيم القاعدة فى مقابل جنح صومالى ضعيف داخل الحركة». لكنه يرى أنه «مهما توسع مقاتلو الشباب وصعدوا من ضرباتهم ضد الحكومة، فإن القوى الإقليمة والدولية لن تسمح بسقوط حكومة الرئيس شيخ شريف شيخ أحمد الموالية للغرب، وفى الوقت نفسه لن تُستدرج إلى المستنقع الصومالى». ويرجح أن «إثيوبيا والغرب ستقدم مزيدا من الدعم لقوة حفظ السلام الأفريقية المنتشرة فى الصومال، وأقصى ما قد تفعله الولاياتالمتحدة هو تكثيف الغارات الجوية على قيادات القاعدة وحركة الشباب والحزب الإسلامى أو تنفيذ عمليات خاطفة بواسطة الكوماندوز الأمريكى (القوات الخاصة)». ويلفت إلى أنه من إجمالى 18 إقليما لا تسيطر الحكومة سوى عدة مبان فى العاصمة مقديشيو، بينما بقية الأراضى تخضع للقوى المعارضة، وخاصة حركة الشباب. هذا الوضع الأمنى يربطه المحلل السياسى الصومالى بالقرصنة، مرجحا أن «تشهد تزايدا خلال العام المقبل، خاصة فى ظل فشل القوات البحرية الغربية فى التصدى للقراصنة وعدم وجود قوة صومالية لمواجهة القراصنة على البر قبل البحر». وحتى لو حدث المستبعد، بحسب عثمان، وهو «التوصل إلى مصالحة وطنية، فإن عمليات القرصنة ستشهد تراجعا، لكنها لن تنتهى على الفور، فقد ذاق القراصنة طعم الكسب السريع الذى يصل إلى ملايين الدولارات فى العميلة الواحدة، فوقف القرصنة يحتاج سنوات طويلة من العمل على تحسين أحوال الصوماليين»، الذين أودى القتال بحياة أكثر من 19 ألف مدنى منهم، وشرد نحو مليونى، خلال خلال العامين ونصف الماضيين.