يحتوى فيلم موسى على كثير من العناصر الفنية الجذابة، والتى لفتت الأنظار لها ومنها الموسيقى الخاصة بالعمل الذى يقدم عددا من الشخصيات والأبطال الخارقين، وأحدهم الروبوت موسى. فلم تكن موسيقى الفيلم هامشية أو غير معبرة عن أحداثه وشخصياته، بل كانت فاعلا رئيسيا ومؤثرا فى الحدث، وعن تفاصيل تأليفها واختيار اللحن الروسى «بليوشكا بولى» كإحدى التيمات الأساسية فى موسيقى الفيلم، يروى الموسيقار خالد الكمار التفاصيل ل«الشروق»، قائلا: «فى البداية كان أكثر ما يشغلنى توضيح الجزء الخاص بتوظيف تيمة اللحن الروسى الشهير بليوشكا بولى، للموسيقار الروسى ليف كنيبر، لأن اللحن الروسى تم توظيفه باحترافية فى العمل ولم يكن اختياره نوعا من الاستسهال، ولكن كان لهدف محدد قد تحقق بالفعل، لأن كون الأغنية الأصلية مُستخدمة فى الحرب كان مفيدا لأجواء الفيلم، وأيضا هى تجمع بين الجانب الملحمى والجانب الشاعرى الحزين». وأضاف أن استخدام موسيقى كلاسيكية فى عمل قائم على الأكشن كان إضافة للعمل ولم ينتقص منه، لأن الهدف الأساسى كان عدم طغيان الجانب المادى، باعتبار أنه غالبا فى هذه النوعية من الأعمال تكون المشاعر باردة نسبيا، مستطردا: «كنا نتمنى ألا يحدث ذلك فى موسى، لأننا نحتاج لأجواء أكثر دفئا وتعبر عن المشاعر الإنسانية، لذلك كان توظيف أغنية فيروز فى مشهد مقتل والد يحيى ضروريا». وأوضح الكمار، أن توظيف أغنية فيروز فى المشهد كان من ترشيح المخرج بيتر ميمى، ورأى أنها مناسبة للغاية لأن صوتها أضاف حميمية ودفئا للحالة العامة، ونوعا من الشجن للمشهد ذاته، مشيرا إلى قلقه الشديد لأن هذه المرة الأولى التى يكون فيها إحدى التيمات الرئيسية للموسيقى التى يضعها ليست خاصة به. وأكد أن الغالبية العظمة للموسيقى فى الفيلم أو الشخصيات الأخرى بعيدة عن اللحن الروسى، لأن اللحن كان يستخدم فقط فى مشاهد معينة، وأن المخرج بيتر ميمى طمأنه بشدة، وما زاد شعوره بالراحة ردود الفعل الإيجابية التى تلقاها منذ عرض الفيلم وحتى الآن سواء من الجمهور العادى أو النقاد. ويعد مشهد مقتل والد يحيى محركا رئيسيا للأحداث ونقطة تحول للبطل، ففى مشهد درامى غلب عليه الطابع الحزين، تبدأ أغنية فيروز «كانوا يا حبيبى»، صادرة من جرامافون قديم، والأغنية يقوم لحنها بشكل أساسى على نفس اللحن الروسى الذى وظفه خالد الكمار، وأثناء ذلك يدخل البلطجية ويحرقون كل شيء فى المنزل، يلجأ «يحيى» إلى الاختباء فى المطبخ، ويخفت صوت فيروز بالتزامن مع ارتفاع الموسيقى التصويرية، ولا يتحرك يحيى وهو يرى والده يحترق بل يجلس باكيا خلف جدار يفصل بينه وبين النار التى تلتهم غرفة المعيشة فى الخارج. پوليوشكا پوليى، هى أغنية شعبية روسية، ألفها عام 1934 الملحن الروسى ليف كنيبر، وكتب كلمات الأغنية فيكتور جوسيف، وأعيد استخدامها خلال الحرب العالمية الثانية، من طرف جلين ميلر وجيرى جراى تحت عنوان فرسان مارس الحمر، وأعيد نسخها فى أكثر من قالب موسيقى، وُوضع هذا اللحن فى أفلام عديدة مثل فيلم «الروس قادمون»، وأيضا استخدمه اللبنانيان الأخوان رحبانى فى أغنية «كانوا يا حبيبى» التى غنتها المطربة الشهيرة فيروز فى مسرحية لولو. تحدث الكمار فيما بعد عن بداية وضع الموسيقى الخاصة بالعمل، وذكر أنهم شرعوا فى التفكير فيها والعمل عليها منذ عام وشهرين على فترات متقطعة، حتى تم الانتهاء منها، قائلا: «لم يكن هناك تعديلات كثيرة من بيتر واعتبره من حسن حظى، لأن فى تعاون سابق معه كان يوجد تعديلات بشكل مستمر ما سبب إرهاقا لنا، أما هذه المرة فهو مشكور تركنى أضع الموسيقى كاملة تقريبا، ثم أستمع لها، هذا الأمر ساعدنى جدا لأنه ليس فى استطاعتى دائما شرح الرؤية الموجودة فى خيالى». نظرا لأن هذه النوعية من الأفلام يتم إنتاجها بكثافة فى أمريكا، كان من الضرورى معرفة مدى تأثر الكمار بالموسيقى المصاحبة لها أثناء تفكيره فى «موسى»، ولكنه أكد عدم محبته أو متابعته لهذه النوعية من الأعمال السينمائية، وأنه غير متابع جيد لها مطلقا، ولكنه شاهد بعض الأفلام قبل العمل فى موسيقى الفيلم، لفهم الطبيعة الموسيقية التى توضع لهذه الأفلام، مع حرصه على عدم التأثر بها مطلقا لسعيه نحو خلق طابع خاص ومميز للعمل المصرى. وتابع الكمار: «أرى أن الموسيقى ملائمة جدا للفيلم، وتتصاعد مع أحداثه بشكل منضبط ولكن شخصيا أنا لا أرضى عن أى عمل أقوم به ودائما أشعر أنه يحتاج المزيد، وإذا أتيحت لى الفرصة العمل عام آخر على الموسيقى سوف أجرى تعديلات وأضيف لها تفاصيل أخرى».