«وقع ابنى فى المحظور.. راح فى سكة المخدرات وبقى له ست سنين فى السجن بس خلاص هيخرج يوم 31 ديسمبر.. بعد ما هلكت وصرفت كتير قوى» هكذا يقول عم سعيد الذى تجاوز الثمانين من العمر وهو يلتقط أنفاسه بعد أن قام بجولة استغرقت ساعتين فى شوارع مدينة الإسماعيلية لبيع الجرائد والمجلات. سعيد كان يعمل موظفا بهيئة البريد قبل أن يتقاعد منذ أكثر من عقدين. «أنا كنت باشتغل فى مصر لغاية ما عبدالناصر مات، ورجعت الإسماعيلية. وفضلت فى الشغل لغاية ما طلعت معاش وبعدين اخدت شغلانة كده فى المحافظة أكنس وأنظف وبعدين واحد ابن حلال قال لى تعالى بيع جرايد وقلت كويس علشان الصحة ما بقاش فيها،» يحكى سعيد بفخر. يبتسم سعيد وهو يتذكر أيامه كموزع بريد فى القاهرة.. «أنا أعرف كل حتة فى القاهرة بس دايرة تخصصى كانت مصر الجديدة واعرف مكان بيت عبدالناصر.. مش بعيد عن النادى اللى هناك، نادى هليوبوليس». يفتخر سعيد بانه حضر حفلة ام كلثوم «لما غنت انت عمرى» كما كان سبق له أن شاهد «اسمهان، كانت حلوة قوى، وأخوها فريد الاطرش».. ويطرق سعيد وهو يتذكر كيف أدت قلة العمل بابنه «الميكانيكى» لتعاطى المخدرات. «كان قاعد وما بيكسبش وبياخد الفلوس من البيت فاخد المخدرات وخد حكم أونطة ست سنوات.. أيوة أونطة علشان هو لو كان شغال سواق ولا ميكانيكى ولا كان حتى عنده (موتوسيكل) يوصل بيه حاجة ما كانش خد مخدرات.. لكن الحمد الله خلاص هيخرج. ده أنا تعبت قوى،» يقول بآسى باد. سعيد يقول إنه يخصص الجزء الأكبر من معاشه المستحق والذى يقارب ال300 جنيه للذهاب إلى القاهرة لزيارة ابنه «علشان أشوفه واخده له الأكل اللى بيحبه». وما يجنيه سعيد من بيع الجرائد لمدة ست ساعات كل يوم يغطى به نفقاته ونفقات زوجته «بنمشى على قدنا». عنصر الانفاق والترفيه الوحيد فى حياة سعيد عندما تأتى بناتة الثلاث وأحفاده لزيارته فيقدم لهم بعضا من صنوف الحلوى والطعام «المخصوص» للاحتفاء بهم. قلق سعيد الحقيقى يرتبط بمصير ابنه «لما يخرج يوم 31 ديسمبر». «نفسى يلاقى شغلانة سواق علشان ما يرجعش تانى للمخدرات»، يقول سعيد وهو يبتسم، ثم يعود إلى دراجته وجرائده.