أكد تقرير أصدره علماء في الأممالمتحدة، متمثلين في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، في 9 أغسطس الجاري، يؤكد أن تأثير البشر الضار على التغير المناخي حقيقة لا تقبل الجدال. وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش: "إن تقرير مجموعة العمل 1 للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ اليوم بمثابة إنذار للبشرية، فإذا حشدنا القوى الآن، سنتمكن من تفادي وقوع كارثة مناخية، لكن، كما يوضح التقرير، لا يوجد وقت للتأخير ولا مجال للأعذار". بينما قال إد هوكينز، البرفيسور في جامعة ريدينغ البريطانية: "يجب أن نعلن الحقيقة، لا يمكننا أن نكون متأكدين أكثر من ذلك، إنه أمر لا لبس ولا جدال فيه، البشر هم من يرفعون درجة حرارة كوكب الأرض". بعد تأكيدات تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيير المناخ بأن البشر هم السبب في التغير المناخي، أجاب خبراء مصريون على هذا السؤال الذي يدور في أذهاننا جميعا حاليا "كيف أفسد الإنسان الكوكب الذي يأويه؟". يقول الدكتور مجدي علام، رئيس اتحاد خبراء البيئة العرب، إن الإنسان هو أول من أفسد البيئة منذ بداية نشأتها، وذلك عن طريق اختراعه للنار، فقبل هذا الاختراع، لم تكن تعرف الكرة الأرضية معنى التلوث، لكن عندما أحضر حجرتين وجعلهما يشتعلان بواسطة الاحتكاك، أخرج أول غازات ملوثة في التاريخ. يوضح علام أن الإنسان البدائي لم يكن يطفيء النار بعد استخدامها، بل كان يتركها مشتعلة لعدة أيام في حفرة بها بعض الأخشاب، تسمى في الريف الآن ب"الراكية"، ليصبح هذا الخشب المشتعل مصدرا للطاقة غير النظيفة التي تستمر في تلوث البيئة بلا انقطاع، وبالرغم من أن البراكين كانت موجودة في ذلك الوقت وشديدة النشاط، إلا أن استخدام النار بهذا الشكل كان الأسوأ بالنسبة للتلوث البيئي. أكد علام استمرار الإنسان في تلويث البيئة، وذلك من خلال تعلّمه البناء، فأصبح يقطع أشجار الغابة لكي يقوم ببناء المنازل التي سيسكن فيها، وكلما قطع مزيدا من الأشجار، أنقص من قدرة الغابات على امتصاص غازات الاحتباس الحراري، وإنتاج الأكسجين اللازم لبقية الكائنات الحية. وأشار علام إلى أنه قد ثبت وفقا للدراسات، أن نسبة قطع الأشجار وصلت إلى 40% في عام 2020م، وهذه تعد نسبة كبيرة وخطيرة، وتعتبر ثاني مأساة في التاريخ فعلها الإنسان بعد إطلاقه لغازات الاحتباس الحراري. ولم يقف الإنسان عند هذا الحد، بل وصل إلى مرحلة ثالثة من تلويث البيئة، بعد مرحلتيّ اكتشاف النار وتعلم البناء، ألا وهي "الثورة الصناعية"، التي يقول عنها علام: "قام الإنسان ببناء العديد من المصانع بعد الثورة الصناعية، وذلك أدى لاستخدام الفحم بشكل كبير، وبعده تم استخدام الوقود السائل، وهذه المرحلة من أكثر المراحل المفسدة للأرض على مر التاريخ، ونتمنى أن تكون هي الختام لإفساد الإنسان للبيئة، لكي لا يصبح الوضع كارثيا في المستقبل". وأوضح علام أن الزيادة السكانية الحالية تلعب دورا كبيرا في إفساد البيئة، لأن الكرة الأرضية تحاول تلبية احتياجات البشر، حيث يوجد مليارات من البني آدمين، يحتاجون إلى التغذية، وأشار إلى أن مخلفات الأبقار تعد في المرتبة الثالثة في نسبة الملوثات وإطلاق غازات الاحتباس الحراري في القطاع الزراعي في العالم، بجانب المحاصيل الزراعية التي تصدر غاز الميثان، التي يتم زراعتها بكثافة دون معرفة مدى تسببها في تلويث البيئة، مثل حقول القصب وبعض المحاصيل الأخرى. وأكد علام ضرورة استخدام الطاقة النظيفة التي لا ينتج عنها أي تلوث للبيئة، مثل طاقة الشمس والرياح، إضافة إلى الهيدروجين الأخضر، حيث تستطيع بعد الدول فصله لاستخدامه كوقود نظيف. في حين، قال دكتور وحيد سعودي، خبير الأرصاد والتحاليل الجوية، إن الإنسان حاليا يفسد البيئة كل يوم من خلال معاملاته اليومية، حيث أوضح أن أول هذه التصرفات هي إلقاء القمامة في الشوارع، فهي تكوّن مخلفات بعد تعرضها للحرارة عند إحراقها، يصدر عنها غازات تسبب السرطان والاحتباس الحراري. وأشار سعودي إلى شكل آخر من أشكال تلويث الإنسان للبيئة، وهو قيادة السيارات دون صيانة، مؤكدا أن عوادم السيارات الموجودة في الشوارع معظم الوقت، ينتج عنها غازات الاحتباس الحراري، بجانب أدخنة المصانع، فهي مصدر كبير للتلوث، ويجب نقلها بعيدا عن المناطق السكنية، موضحا أن مصر تقوم بفعل ذلك الآن خاصة في المدن الجديدة، حيث تقوم ببناء المصانع بعيدا عن السكان. يقول سعودي: "يجب أيضا ألا نقوم بقطع الأشجار، بل أن نعمل على زيادتها، وأن نتوقف عن الاستخدام السيء والتقليدي للطاقة، لأن ذلك يزود الملوثات، وينتج غازات الاحتباس الحراري، التي على رأسها غازيّ الميثان وثاني أكسيد الكربون، فإذا استمرينا بهذا الشكل، سترتفع درجة حرارة الجو لأكثر من درجة ونصف، مما سيعرض الكائنات الحية بأكملها إلى الخطر". وأشاد بدور وزارة البيئة المصرية في المساعدة في الحد من التلوث البيئي، حيث تشجع الجميع على استخدام البايوجاز، وأكد أنه يجب تشجيع الريف المصري بشكل خاص على استخدام البايوجاز؛ لكي يتم التخلص من المخلفات دون حرقها. وأوضح النتائج المترتبة على استمرار الإنسان لإفساده للبيئة، قائلا: "حرارة الكرة الأرضية من الممكن أن تصبح 1.5 درجة في عام 2030م، وهذا مؤشر خطير، وسيسبب العديد من الأعاصير، الجفاف، والفياضانات، وسيفسد توازن الجليد، وذوبان الجليد يشكل خطرا كبيرا على كل النظم البيئية، ولهذا يجب أن تتكاتف جميع الدول الصناعية الكبرى للحد من التلوث البيئي، وعلى رأس هذه الدول الصين، تليها الولاياتالمتحدةالأمريكية، ثم روسيا".