احتفل اتحاد الناشرين الدولى فى 15 يونية الجارى بمرور 125 عاما على تأسيسه؛ حيث يحتفى بالنشاط المكثف والإنتاجى لحقوق الملكية الفكرية الإبداعية وحرية النشر، وهما الركيزتان اللتان بدونهما لن يتمكن الناشرون من إنجاز مهمتهم المتمثلة فى جلب إبداع عدد لا يحصى من المؤلفين إلى ملايين القراء، بل ولن تقوم لصناعة النشر قائمة من الأساس. وأطلق الاتحاد موقعا خصيصا للاحتفال بهذه المناسبة وهو www.ipa125.org كما ظهر تصميم «لوجو» خاص بهذه المناسبة يرافق احتفالات الاتحاد. ويعتبر «الاتحاد الدولى للناشرين» اليوم أهم اتحاد عالمى لجمعيات الناشرين الوطنية والإقليمية والمتخصصة، ويمثل مصالح الناشرين، حيث يضم 86 عضوًا من 71 دولة فى كل قارة. ويعتبر الاتحاد الدولى للناشرين دعم حرية النشر والدفاع عنها أحد أهدافه الرئيسية، كما يراقب حالات انتهاك حرية التعبير أو حرية النشر ويتدخل فى حالات مقاضاة وملاحقة الناشرين والمؤلفين فى جميع أنحاء العالم، كما يحرص الاتحاد كذلك على دعم جهود أعضائه من أجل حماية مبادئ حرية النشر من خلال تقديم المشورة القانونية أو المشاركة فى حشد تأييد الحكومات الوطنية أو الاتحادات الإقليمية بالتعاون مع أعضاء الاتحاد المعنيين. والناشرون العرب حسب حوار سابق ل«الشروق» مع رئيسة الاتحاد الشيخة بدور القاسمي حالهم حال نظرائهم فى مناطق كثيرة من العالم، يواجهون جانبا لا يستهان به من التحديات المتعلقة بقضية حرية النشر. وأعتقد أن عالمنا العربى بحاجة ماسة لمزيد من النقاشات والتوعية بهذا الخصوص، حيث إن شريحة متنامية من القراء العرب تطالب بمزيدٍ من الكتب التى تتناول واقعهم وتسلط الضوء على مشاغلهم وتلبى تطلعاتهم. وأنا على يقين أن استمرار الحوار الجاد بين الناشرين والحكومات حول هذه القضية كفيل بتحقيق تغيير إيجابى ملموس. غنى عن القول إن حرية النشر هى أحد الأسس التى تضمن ازدهار قطاع النشر. ومن ثم، فالتحدى الرئيسى الذى يواجه الناشرين فى أجزاء كثيرة من العالم هو الرقابة بجميع صورها بما فيها الرقابة الذاتية. فمن غير الممكن لمجتمعٍ أن يحرز أى تقدمٍ جوهرى ما لم يُسمح للأفكار والآراء الجديدة بتحدى الوضع القائم وطرح رؤى جديدة للمستقبل. والتاريخ خير برهان على ذلك، وهو ما يؤكد بوضوح أن صناعة النشر يمكنها المساهمة بقوة فى تنمية المجتمعات وازدهارها مادام سُمح لها بأداء مسئولياتها دون قيود. يحتاج قطاع النشر أيضا إلى الدعم الحكومى بمختلف صوره بما فى ذلك المنح المالية، والإعفاءات الضريبية، وحرية الوصول إلى الأسواق لتخفيف الأعباء التى تواجه القطاع ومساعدته على الصمود. ومنذ تأسيسه، ترأس الاتحاد 34 رئيسًا، بمن فيهم الرئيسة الحالية الشيخة بدور القاسمى، ويضم 8 أمناء عامين متفرغين، بمن فيهم خوسيه بورجينو، هذا إلى جانب أعضاء مختلف اللجان والموظفين الذين كرسوا وقتهم وطاقتهم ومواهبهم لتحسين بيئة الأعمال لصناعة النشر، والقتال من أجل تعزيز قيمته، والعمل بلا كلل للدفاع عن مصالح الناشرين فى جميع أنحاء العالم. وبدأت الرحلة عام 1896؛ حيث كان الترويج لاتفاقية «برن» لحماية المصنفات الأدبية والفنية أحد الضرورات التى جمعت الناشرين معًا، وظلت حقوق الطبع والنشر واحدة من أهم أولويات الاتحاد الدولى للناشرين منذ ذلك الحين، وقد كانت حقوق الملكية الفكرية دائمًا وستظل النموذج الاقتصادى الأساسى لإعادة القيمة إلى المؤلفين والناشرين، وتمكين الإبداع ونشر الأفكار. وقد تم افتتاح مؤتمر باريس فى 15 يونيو 1896، برئاسة السيد جورج ماسون الناشر الفرنسى البارز فى ذلك الوقت، وكذلك الرئيس السابق ل Cercle de la Librairie وعضو غرفة التجارة فى باريس، وتم تسجيل 200 ناشر من 13 دولة (النمسا والمجر وبلجيكا والدنمارك وإنجلترا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والنرويج والبرتغال وروسيا وسويسرا والولايات المتحدةالأمريكية) كمشاركين فى المؤتمر. وبعد 125 عامًا، عقد الاتحاد الدولى للناشرين 32 مؤتمرًا دوليًا للنشر، بالإضافة إلى العديد من المؤتمرات والندوات والندوات الأخرى فى مدن فى جميع أنحاء العالم. وفى الختام لزم التنويه أن الظروف الصعبة التى مرت بها صناعة النشر منذ عام 2020 سبب تفشى وباء كورونا المستجد إنما أوضحت أن الرابطة الدولية للناشرين اليوم، بعد 125 عامًا من تأسيسها، لا تزال مؤثرة كما كانت دائمًا، ولا يزال عملها مع صانعى السياسات الوطنيين والدوليين بمثابة حماية أساسية لصناعة النشر العالمية. يذكر أن الجمعية العامة للاتحاد الدولى للناشرين انتخبت فى نوفمبر الماضى بالتزكية الشيخة بدور القاسمى رئيسا للاتحاد، لتصبح أول عربية يتم انتخابها لهذا المنصب الرفيع. وقد وجه الرئيس السابق للاتحاد هوجو سيتزر، وكذلك الرئيس المنتخب الشيخة بدور القاسمى، الشكر حينها للمهندس إبراهيم المعلم على تلبية الدعوة لحضور اجتماع الجمعية، وبدوره هنأ المعلم الشيخة بدور على انتخابها متمنيا لها دوام التوفيق، فى هذا المنصب المهم والرفيع. والمعروف أن إبراهيم المعلم تم انتخابه عضوا فى مجلس إدارة الاتحاد الدولى للناشرين عام 2002، كما تم انتخابه كأول عربى نائبا لرئيس الاتحاد الدولى عام 2008، ولثلاث دورات متتالية انتهت عام 2015. والمعلم أول عربى يشق الطريق الدولى باتجاه تبادل الحضارات الثقافية ومقاربتها بين الشرق والغرب والدفاع عن حرية النشر ومحاربة القرصنة. وخلال فترة عضويته فى مجلس إدارة الاتحاد الدولى نظمت جامعة الدول العربية واتحاد الناشرين العرب المشاركة العربية فى معرض فرانكفورت عام 2004 عندما تم اختيار «الثقافة العربية» كضيف شرف للمعرض حيث كان المعلم رئيسًا لاتحاد الناشرين العرب فى ذلك الوقت.