لم يبق أى أثر من البنايات الشاهقة فى حى الرمال الراقى فى غرب قطاع غزة التى دمرها القصف الجوى الإسرائيلى، وكأن «زلزالا» أصابها، بينما تنتشر فى شوارعه أكوام الركام. وأحدث القصف الإسرائيلى حفرا كبيرة فى الطرق، ولم تسلم أى بقعة فى الحى الذى تسكنه عائلات غنية والذى يعرف بأنه شريان أساسى للحياة التجارية فى قطاع غزة، من الدمار. وتعرض الحى لأكثر من مائتى غارة جوية إسرائيلية خلال الأيام العشرة الأخيرة. وقال أبو أحمد الحسنات (50 عاما) من حى الرمال: «كأننا نعيش فى منطقة زلازل من شدة الانفجارات ورعبها. عندما تشن إسرائيل غاراتها يهتز البيت كله، كأنه تعرض لهزة الأرضية، ضربوا المنطقة وكانت أغلب الغارات وأعنفها على حى الرمال»، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف الحسنات الذى انتقل قبل سنوات إلى حى الرمال معتقدا أنه أكثر أمنا من غيره: «كنت أسكن فى منطقة المغراقة (إلى جنوب مدينة غزة)، خلال حرب 2014، قررت مغادرة المغراقة بسبب خطورة الوضع وانتقلت للإقامة فى مدينة غزة. وللأسف دمر بيتى». وتابع: «المنزل دمر كليا، وهى المرة الثالثة التى يدمر منزلى، لا أعرف أين أذهب للبحث عن الأمان». من جانبها، قالت دنيا الأمل إسماعيل (50 عاما)، مديرة جمعية «المرأة المبدعة» الأهلية والتى تسكن فى وسط الحى: «قبل اندلاع هذه الحرب، كنا نعتبر حرب 2014 الأشد صعوبة ومرارة وقتلا وتشريدا على قطاع غزة». وأشارت إلى استشهاد أكثر من 42 فلسطينيا معظمهم نساء وأطفال فى شارع الوحدة فى الحى الذى تم تدمير عدد من المنازل فيه، «إسرائيل تجاوزت كل الخطوط الحمر. للأسف الشديد لم يعد هناك أحد بمأمن من العدوان الإسرائيلى فى هذه الحرب». وتشير إلى أن اسرائيل فى حرب 2014 كانت تركز فى السابق على المناطق الجانبية والمناطق الحدودية، بينما اليوم شمل القصف «قلب المدينة وأناسا عزلا بالمطلق لا يشكلون خطرا على أحد أو على دولة الاحتلال». وتتحسر دنيا على منطقة الرمال التى كانت «أكثر المناطق أمانا وهدوءا، ولكن للأسف إسرائيل دمرت معالمها. وصارت كل صور الحى مرعبة، وستبقى فى الذاكرة إلى أبد الآبدين». وتضيف «تحول كل جمال الحى إلى دمار». كذلك دُمِّر شارع الرشيد الساحلى بعشرات الصواريخ، وكان يعتبر المتنفس الوحيد لسكان غزة، إذ توجد فيه الفنادق والمطاعم والاستراحات وطريق الكورنيش التى كانت تعج كل صباح بمئات المتنزهين وممارسى الرياضة، لا سيما خلال مرحلة تفشى وباء فيروس كورونا «كوفيد19». ووصف معين عباس (47 عاما)، وهو صاحب محل للمثلجات ويقيم فى حى تل الهوا فى جنوب غرب غزة، القصف الإسرائيلى ب«الأصعب من كل الحروب السابقة» فى 2008 و2012 و2014.