قال أطباء الأعصاب وعلماء النفس أن الكتب مفيدة للدماغ، وفوائدها حيوية بشكل خاص فى تلك الأوقات العصيبة؛ حيث توسِع الكتب آفاق عالمنا، وتوفر ملاذا آمنا من الصراعات المحيطة بنا من كل جانب، كما تغذى أرواحنا بعنصرى التشويق والإثارة، وتساعدنا على التعاطف مع الآخرين، وتحسين حياتنا الاجتماعية، كل هذا بدوره يعزز هرمون الدوبامين الذى يقوى الشعور بالسعادة لدى الإنسان، بالإضافة إلى كونه ناقلا عصبيا يُرسل إشارات بين الجسم والدماغ. ويمكن للكتب أيضا أن تشتت انتباهنا وتساعد فى تقليل «أحاديثنا العقلية»؛ فوفقا للطبيب النفسى الذى يدير الأبحاث فى مركز «مايندفولنس» بجامعة «براون» الأمريكية، حين نكون منغمسين تماما فى فعل القراءة، من المحتمل أن تهدأ أنشطة أدمغتنا، حيث تكون هذه شبكة من مناطق الدماغ التى تنشط عندما لا نفعل أى شىء آخر، ويمكن بسهولة أن تنشغل بالقلق والتفكير العميق. وقال مالك المكتبات المستقلة للكتب والمؤسس المشارك لمعرض الكتاب فى مدينة «ميامى» الأمريكية، ميتشيل كابلان: «هناك الكثير من الأحداث المتسارعة فى العالم فى الوقت الحالى، والقراءة هى نوع من أنواع التأمل الذى يفصلك عن الفوضى من حولك، ويعيد ترتيب أبجديات التواصل مع نفسك». وقد سجلت مجموعة NPD البحثية الأمريكية أفضل نسبة مبيعات فى عام 2020 منذ أن بدأت فى تتبع البيانات القابلة للمقارنة فى عام 2004، وارتفعت مبيعات الكتب المطبوعة، التى تشكل 80٪ من السوق، بنسبة 8.2٪ من حيث الحجم مقارنة بعام 2019، بينما ارتفعت مبيعات الكتب الإلكترونية بنسبة 17٪. وتراوحت المبيعات بين مختلف فئات الكتب؛ مثل: كتب الأطفال؛ وقصص الكبار، وخاصة الكتب المتعلقة بالعِرق والحقوق المدنية، والسير الذاتية والمذكرات. وبالرغم من الارتفاع الملحوظ فى مبيعات الكتب، إلا أن العديد من الناس قالوا إنهم يواجهون صعوبة أكبر فى قراءتها، ووجدت دراسة عن عادات القراءة البريطانية أثناء الوباء، أجراها باحثون فى جامعة «أستون» فى «برمنجهام» بالمملكة المتحدة هذا الصيف، أنه بالرغم من ارتفاع نسب القراءة فى فترة وباء «كورونا»؛ بسبب توافر المزيد من الوقت للقراءة بسبب الحظر، والرغبة فى إلهاء النفس، وقضاء المزيد من الوقت فى القراءة مع الأطفال، إلا أن معدل قراءة الكتب كان بطيئا للغاية، وقال العديد من المشاركين فى الاستطلاع البالغ عددهم 860 مشاركا إنهم مشتتون الذهن، وأن نقص التركيز هذا يزيد من صعوبة التقدُم، كما نقلت الباحثة فى الدراسة والمحاضرة فى الأدب الإنجليزى فى جامعة «أستون»، أبيجيل باوتشر. يرجع هذا بالطبع إلى القلق الذى ألم بنا جميعا من جراء الوباء؛ حيث أصبح شغلنا الشاغل هو كيفية تجنب تهديدات الوباء المتنامية، والبقاء على قيد الحياة، ويتسبب القلق أيضا فى إطلاق أدمغتنا لفيض من الهرمونات، التى تستنزف طاقتنا وتجعل من الصعب التركيز فى أمر ما. وفيما يلى عرض لبعض النصائح للمساعدة فى القراءة بشكل أفضل وتحقيق أفضل استفادة من المعلومات، كما نقلتها صحيفة «وول ستريت چورنال» الأمريكية: 1) صفِ ذهنك قبل أن تبدأ القراءة، اجلس بهدوء لمدة خمس دقائق ودع عقلك يهدأ، أو استمع إلى موسيقى هادئة. 2) ابدأ بقراءة صفحات قليلة؛ فقد قال البروفيسور «بروير»، المحاضر بجامعة «براون» ومؤلف كتاب «القلق العاصف»: «إن أدمغتنا تحب شعور المكافأة، وإنهاء شىء ما تقرؤه هو أمر مجزٍ»، وأضاف: «إنه شعور جيد، لذلك سيرغب عقلك فى فعل ذلك مرة أخرى»، كما أوصى باختيار قصة قصيرة جذابة، والسماح لنفسك بالانغماس فى أحداثها. 3) اقرأ شيئا ذا صلة بحياتك الخاصة؛ وقال «كابلان» فى هذا الصدد: «إذا كنت تشعر بحالة تغيير مستمر فى الوقائع من حولك، فيمكنك القراءة لفهم ما يجرى؛ لا سيما إذا كان الموضوع وثيق الصلة بحياتك أو الأحداث الجارية حولك، فبالتأكيد سوف يلفت انتباهك»، وقد أظهر البحث الذى أجراه الأستاذ الفخرى كيث أوتلى فى جامعة «تورنتو» أنه كلما قرأت المزيد من الروايات والقصص الخيالية والسير الذاتية والمذكرات والتاريخ، كلما أصبحت أكثر حِلما وتعاطفا مع الآخرين. 4) اقرأ شيئا قرأته من قبل؛ فقد وجدت الدراسة الاستقصائية لعادات القراءة الوبائية التى أجراها الباحثون فى جامعة «أستون»، نوعين من القراء: أولئك الذين ركزوا على قراءة شىء جديد لهم لتوسيع معارفهم، وأولئك الذين أعادوا قراءة الكتب المألوفة للشعور بالراحة والاستقرار.